لم تترك الحرب الإسرائيلية للكثير من الشباب في قطاع غزة اختياراً سوى البحث عن أي مورد للرزق بعد أكثر من خمسة أشهر من توقف أعمالهم ودراستهم بل وحيواتهم كلها بشكل كامل.
ويعكف بعض الشباب في مدينة دير البلح بوسط القطاع على جمع نبات حشيشة الجبن، المعروف باسم "الخُبيزة"، من الحقول وبيعه بعدما صار واحداً من أهم مصادر الغذاء بسبب الحصار الخانق ونقص المواد الغذائية في مدن غزة.
وبعدما كانت تلك النباتات البرية التي لا توفر الكثير من عناصر التغذية متاحة مجاناً لأي شخص يرغب في قطفها قبل الحرب، صارت الآن تباع وبأسعار مترفعة من أجل إسكات البطون مع نفاذ المخزون الغذائي في القطاع.
ويقول أحمد فياض، وهو طالب يدرس الصيدلية اتجه لجمع الخُبيزة وبيعها لتوفير قوت عائلته خلال الحرب، إن الناس اضطرت لجمع مثل تلك النباتات رغماً عن إرادتها في ظل الظروف الحالية.
ويضيف: "لا يوجد مصدر للدخل. لقد كانوا يجلسون في المنزل لمدة خمسة أشهر. يريدون الحصول على المال. لقد اعتادوا على الإنفاق والأكل. يريدون إطعام أطفالهم. هناك أشياء أخرى غير الطعام. هناك حفاضات وحليب وأشياء أخرى. لديهم مسؤوليات".
واستطرد قائلاً: "الناس يقولون لأنفسهم: سأكسب عيشي من بيع حشيشة الجبن أو أي شيء آخر، حتى لو كان عشباً".
ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، فإن واحدة على الأقل من كل أربع أسر في غزة تواجه الآن مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي أو ظروف شبيهة بالمجاعة.
ويقول أبو علي، وهو فلسطيني نزح من حي الشجاعية بمدينة غزة بسبب الحرب، إن حشيشة الجبن هي أرخص النباتات المأكولة بالسوق حاليا في ظل شح وارتفاع أسعار كل شيء آخر.
ويضيف: "إذا أردنا شراء زجاجة زيت الطبخ اليوم، فإن قيمتها تبلغ حوالي 20 شيكل إسرائيلي (5.56 دولار أمريكي). الوجبة الجيدة أصبحت باهظة الثمن".
وقالت فاو إن أكثر من 46% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة دمرت وأن 97% من المياه غير صالحة للاستهلاك البشري.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن المساعدات التي تدخل قطاع غزة لا توفر أكثر من ثلاثة بالمئة من احتياجات سكان القطاع.