كان التدفق المستمر للأطفال الفلسطينيين الجرحى، أكثر ما صدم فريق الأطباء الدولي الذي زار مستشفى شهداء الأقصى وسط غزة، الذي غصّ بأعداد ضحايا القصف الإسرائيلي.
ووصفت تانيا الحاج حسن، طبيبة العناية المركزة للأطفال من الأردن، الوضع الذي شهدته خلال الساعات العشر الماضية فقط في مستشفى شهداء الأقصى في بلدة دير البلح، قائلة أنه لا يمكن تخيل معاناة فريق غزة الطبي.
وكانت الحاج حسن، جزءاً من فريق مكون من سبعة أطباء يعمل في مستشفى شهداء الأقصى منذ منتصف شهرآذار/مارس، والذي أنشأته مجموعتا الإغاثة، لجنة الإنقاذ الدولية والعون الطبي للفلسطينيين.
وقد أتاحت لهم زيارتهم التي استغرقت أسبوعين مشاهدة القطاع الصحي المدمر في غزة في ظل الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ ستة أشهر تقريباً على المنطقة الصغيرة، حيث لا يعمل سوى نحو 12 مستشفى من أصل 36 مستشفى في غزة بشكل جزئي.
أما البقية فقد خرجت تماماً عن الخدمة بسبب نفاد الوقود والدواء، أو محاصرتها ومداهمتها من قبل القوات الإسرائيلية، أو تعرضها لأضرار أثناء القتال.
ويتعين على المرافق المتبقية، بما في ذلك مستشفى شهداء الأقصى، أن تستوعب تدفق المرضى رغم معاناتهم من الإمدادات المحدودة وقلة الموظفين.
وقالت تانيا الحاج قالت لوكالة أسوشيتد برس :"الناس متعبون. فريقنا يقوم بذلك منذ خمسة أيام، إننا مرهقون. لا أستطيع أن أتخيل ما يتعامل معه فريق غزة الذي كان هنا منذ 162 يوماً، ويقوم بذلك على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ، 162 يوماً بدون موارد".
وكان فريق مماثل قد توجه أيضاً إلى مستشفى شهداء الأقصى في كانون الثاني/يناير.
وأوضح آرفيند داس، رئيس فريق لجنة الإنقاذ الدولية في غزة، أنه هذه المرة، ونظراً لتزايد الضربات الإسرائيلية على المنطقة، كان من الخطر جداً بالنسبة للفريق البقاء في دار ضيافة قريبة، لذلك، بقى في المستشفى، مما أتاح له، على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع ، رؤية التدهور خلال أسبوعين.
وأصيب مصطفى أبو قاسم، ممرض من المستشفى التخصصي في الأردن ضمن الفريق الزائر، بالصدمة من ازدحام الممرات، قائلاً: "يرقد المرضى في الممرات، وحين نبحث لهم عن مكان، لا نجد لهم غرفاً".
وأضاف قوله: "يرقد جميع المرضى في الممرات، إما على مراتب أو بطانيات على الأرض، أو على سرير بدون المكونات الأساسية، لذلك فإنهم يعانون كثيراً".
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تبلغ الطاقة الاستيعابية لمستشفى شهداء الأقصى، نحو 160 سريراً، لكنه يواجه الآن صعوبات في استقبال نحو 800 مريض، وفقاً للموظفين.
وعادة، يضم المستشفى حوالي 120 موظفاً، لكن العديد منهم لم يعودوا قادرين على القدوم إلى العمل، الأمر الذي أدى إلى تعامل طاقم صغير من الأطباء والممرضات مع هذا العبء الهائل.
وقال أبو قاسم عن الموظفين الذين يعملون في المنشأة الصحية: "معظمهم فقدوا أطفالهم أو زوجاتهم أو آبائهم".
ويعيش أيضاً آلاف الأشخاص الذين لجأوا إلى المستفى، بعد أن تركوا منازلهم هرباً من الهجوم العسكري الإسرائيلي، على أمل أن يكون آمناً.
ويواجه الموظفون أيضاً نفس المعاناة اليومية التي يواجهها الآخرون في غزة، في العثورعلى الطعام لعائلاتهم ومحاولة ضمان بعض الأمان لهم.
ويقول آرفيند داس، رئيس فريق لجنة الإنقاذ الدولية في غزة: "إن الأطباء يتناولون الحد الأدنى من الطعام، ويعيشون على الأطعمة المعلبة".
وقال أبو قاسم، الممرض من المستشفى التخصصي في الأردن: "إن الكثيرين يحضرون أطفالهم معهم إلى المستشفى لإبقائهم بالقرب منهم".
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، منعت إسرائيل دخول المواد الغذائية والوقود والإمدادات الطبية إلى غزة باستثناء القليل من المساعدات التي تعبر الحدود عند معبرين في الجنوب. ودعا المجتمع الدولي إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد.