تدفق مشيعون على شوارع غزة يوم الجمعة وهم يحملون جثامين 21 شخصا، بينهم ما لا يقل عن ثمانية أطفال، لقوا حتفهم في حريق شب في مبنى سكني، بينما كان سكانه يخططون لإقامة حفل بمناسبة عودة أحد الأقارب إلى الوطن.
وانطلقت الجنازة من مستشفى "الأندونيسي" في مخيم جباليا إلى مسجد "الخلفاء" في وسط المخيم، ولُفّت الجثامين المتفحمة بأعلام فلسطينية، ونُقلت في إحدى وعشرين سيارة اسعاف، قبل أن تتمّ الصلاة عليهم بمشاركة قادة من الفصائل الفلسطينية، قبل دفنهم في مقبرة الشهداء شرقي مخيم جباليا للاجئين. ومن بين الضحايا وجميعهم أقارب، سبعة أطفال، وست نساء.
وحدث الحريق مساء الخميس في شقة في الطابق الثالث في البناية المكونة من ثلاثة طوابق، وتمكّنت طواقم الدفاع المدني من إخماده بعد حوالى ساعة ونصف على اندلاع النيران. ومخيم جباليا هو أحد مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، حيث يعيش 2.3 مليون شخص في واحد من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم.
وقال أبو أحمد أبو ريا مختار العائلة، إن التفاصيل المتعلقة بكيفية أو سبب اندلاع الحريق، لا تزال غير واضحة بسبب عدم نجاة أحد، وقال أبو ريا للحشد بصوت متهدج: "أب وأبناؤه وأحفاده، لم يخرج منهم أحد حيا ليخبرنا بالذي حدث".
وقالت وزارة الداخلية في غزة إنها فتحت تحقيقا في الحادث الذي كشف عن تخزين كميات كبيرة من البنزين في المكان ربما تكون السبب في اشتعال الحريق الذي اجتاح المبنى بسرعة.
ووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحادث بأنه فاجعة وطنية وأعلن الجمعة يوم حداد. وقدمت عدد من الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التعازي لأسر الضحايا.
تحت الحصار
وقال مسؤولون فلسطينيون إن الحصار المفروض منذ نحو 15 عاما على غزة أدى إلى إصابة الاقتصاد بالشلل، وتقويض جهودهم لتحسين قدرة قسم الطوارئ المدنية في القطاع على مكافحة الحرائق، خاصة في المباني الشاهقة.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بيان: "ما جرى يعيد تذكير العالم بالمأساة الإنسانية التي تعيشها غزة التي تقع تحت الحصار والنار، وحرمانها من الإمكانات التي تساعدها على التعامل والسيطرة على هكذا حرائق". وطالب هنية العالم "برفع الصوت عاليا واتخاذ كل ما يلزم في وجه الاحتلال المجرم الذي يحاصر غزة".
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ 2006، فيما تقفل مصر معبر رفح، الوحيد الذي يربط القطاع الفقير بالخارج ولا يوصل إلى إسرائيل، وتفتحه بتقطع ولا تسمح بالمرور عليه من دون أذونات خاصة.