عرفت محلات الحدادين في سوق المنامة العتيقة سابقاً بصناعة أباريق القهوة التراثية أو ما يطلق عليها "الدلال" أو "الدلال البحرينية القريشية". وكانت هذه السوق قديماً نشطة بحركة البيع والشراء طوال أيام الأسبوع، بينما تتوزع الأباريق بين مختلف محلات الحرفيين، عاكسة مهنة يدوية بعبق الموروث العربي تقاوم الاندثار.
وبعد إغلاق السوق، اتجه القائمون على صناعة "الدلال" العريقة إلى الاستمرار في الحفاظ عليها، وعلى مكانتها في المجتمع البحريني، على رغم منافسة المنتجات الأجنبية.
آخر صانعي الدلال التراثية في البحرين
وحافظ الحرفي يوسف الأنصاري على مهنته الحرفية التي ورثها عن الأجداد، وافتتح محله بجهود ذاتية، ويصف في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن "صناعة الدلال مهنة ذات عراقة ومكانة خاصة لدى البحرينيين وبقية دول الخليج العربي. وظلت هذه الصناعة ركيزة أساسية في المجالس والديوانيات المفتوحة للمناسبات الاجتماعية".
التراث الشعبي
وفي دول الخليج العربي، يوصف الشخص الكريم المضياف بأن "دلته لا تغادر النار"، فالقهوة لدى الخليجيين والعرب عامة، رمز الكرم وحسن الضيافة، نظراً إلى مكانتها الكبيرة في التراث الشعبي، لا سيما إذا قدمت في الدلال النحاسية التقليدية وذلك بسبب قيمتها الثقافية والاجتماعية. ويعتبر الأنصاري الذي يمارس مهنة صناعة الدلال منذ 39 سنة أن "الدلة ليست مجرد أداة لصنع القهوة، لكنها ترمز إلى التراث والثقافة العربية الأصيلة".
صناعة جمالية
وبحسب الأنصاري فإن "صناعة الدلال مرت بمراحل عدة، إذ تغيرت أشكالها والخامات المصنوعة منها، إذ كان يتم تصنيعها قديماً من النحاس، الأحمر منه أو الأصفر، وبجودة عالية جداً، لذا كانت مميزة بلمعان النحاس وبريقه، ونقوشها الجميلة مقتبسة من النقوش التاريخية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد أنه في صناعته للدلال ما زال متمسكاً بالطريقة التقليدية اليدوية حيث يكثر الطلب عليها في مجالس البحرين.
أسماء ومعان
من جهة أخرى، يوضح الباحث التاريخي، الدكتور عبدالله باقر أن "لصناعة الدلة أنواعاً كثيرة لكل منها شكله مثل القريشية، وهي الأشهر في البحرين، والحساوية، والدلة الحائلية، والعمانية، والبغدادية، ودلة الرسلان وهي الأكثر انتشاراً في السعودية". ويضيف أن "الدلة البحرينية القريشية تمتاز بروعة تصميمها وجمال تناسقها ودقة النقوش بين فواصل تقاسيمها بطريقة محترفة".