ملخص
يمكن تسمية "سوق الجمعة" في بنغازي بسوق كل شيء، ففيها تباع المواشي والطيور والمواد الكهربائية والأدوات المنزلية وغيرها.
إذا أردت بيع أو شراء أية سلعة من أي نوع في مدينة بنغازي، جديدة كانت أم مستعملة، فما عليك إلا انتظار يوم الجمعة والتبكير بالتوجه إلى السوق التي لا تنشط إلا في هذا اليوم وتحمل اسمه، وتشهد إقبالاً كبيراً من سكان المدينة منذ تأسيسها نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي.
ويمكن تسمية "سوق الجمعة" في بنغازي بسوق كل شيء، ففيها تباع المواشي والطيور بأنواعها والمواد الكهربائية والأدوات المنزلية والسلع الغذائية ومواد التنظيف وقطع الأثاث، وسمي ما تشاء من أنواع السلع وتأكد أنه موجود في هذه السوق.
ساعات قليلة
تفتتح سوق الجمعة في وقت باكر وتنفض باكراً أيضاً بعدها بساعات قليلة، إذ تنشط بعد الفجر مباشرة مع بزوغ أول ضوء للنهار وتنتهي وقت الظهر عند ارتفاع أذان صلاة الجمعة، وتقام في ساحة كبيرة عند المدخل الشرقي لمدينة بنغازي، وكانت في بدايتها تسمى بـ"سوق الحمام" لأنها كانت مخصصة لبيعه قبل أن تتوسع وتصبح سوقاً عامة لكل السلع.
يقول أحد رواد السوق ويدعى عادل مصطفى وهو موظف بالشركة العامة للبريد، إنه "اعتاد التبضع منها منذ أعوام طويلة بسبب رخص الثمن ووجود أشياء مستعملة نادرة لا تجدها إلا في سوق الجمعة".
ويرى أن الظروف الاقتصادية التي عرفتها البلاد خلال الأعوام الأخيرة عززت نشاط هذه السوق وزادت الإقبال عليها، "بعض الناس لم تعد قادرة على الشراء من محال عادية بشكل دائم لذلك تتوجه إلى هذه الأسواق، فهنا يبدأ سعر قطعة الملابس مثلاً من 10 دنانير (أقل من دولار) إلى 30 ديناراً (2.7 دولار تقريباً)، بينما في المحال التجارية يبدأ سعر القطعة من 100 دينار وأكثر، ولذلك فالسوق الشعبية دائماً أرخص، وما ينطبق على الملابس ينطبق على كل السلع الأخرى في هذه السوق".
وأضاف مصطفى أنه "ليس كل الناس علاقتهم قديمة بالسوق مثلي، بل من الملاحظ أن أناساً كثر لم يكونوا يرتادونها خلال أعوام مضت وأصبحوا يتسوقون منها بانتظام، إما لشراء مستلزمات ليست موجودة إلا فيها أو لاصطياد فرص لشراء الحاجات الأساس بأسعار تنافسية، مع اشتداد الضائقة المعيشية وارتفاع الأسعار وتدهور قيمة الدينار وتردي الوضع الاقتصادي".
ازدهار في ظرف صعب
وعلى رغم أن هذا النوع من الأسواق منتشر منذ عقود طويلة في ليبيا إلا أنه ازدهر أكثر بعد الصدمة الاقتصادية التي حلت بالبلاد منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، واستفحلت بعد اندلاع سلسلة من الحروب الأهلية والصراعات السياسية منذ نهاية عام 2013، وباتت ذات قاعدة عريضة بين المواطنين من ذوي الدخل المتوسط والمحدود.
وتبدأ تجهيزات التجار لسوق الجمعة من يوم الأربعاء والخميس بحسب عبدالباسط الشيخي الذي يعرض في السوق كل أسبوع مجموعة من الأحذية بأسعار مخفضة، "يبدأ التجار عادة التحضير لعملهم منذ مساء الخميس لاستقبال زبائنهم في اليوم التالي، إذ يجيئون من مختلف الأحياء المحيطة لعرض سلعهم بثمن أرخص من المتاجر الأخرى، وقد تصل إلى نسبة أقل 50 في المئة مقارنة ببقية الأسواق ومتاجر المنطقة".
ويرجع الشيخي سبب الرخص الكبير في ثمن السلع المعروضة في سوق الجمعة عن باقي المحال والأسواق الرسمية إلى أن "السلع المعروضة تكون عادة جديدة ولكنها مخزنة منذ أعوام ويريد التجار التخلص منها بأي ثمن، وأحيانا تكون مستعملة استعمالاً خفيفاً مثل المواد الكهربائية وما شابهها، وبالنظر إلى العوائق المادية والظروف الاقتصادية الصعبة أصبح الناس يلجأون إلى الأسواق الشعبية أو البديلة وابتعدوا من المحال الثابتة، لما يعرف عنها من غلاء في الأسعار يثقل ذوي الدخل المتواضع".
متعة خاصة
وهناك أسباب أخرى غير رخص الأسعار تجذب بعض الرواد إلى سوق الجمعة، ومنهم محمد العمامي الذي يرتاد سوق الجمعة أحياناً ليس بنية الشراء وإنما بغرض الفرجة وملاحظة الأسعار، فهناك تتوافر الأواني المنزلية والأثاث الخشبي والطيور والنباتات التي تجعل من السوق معرضاً مميزاً لكل شيء، ومتنوعة بشكل لا يمكن وصفه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع، "متعة التسوق لا ترتبط بالشراء فقط بل بمعرفة الأسعار ومقارنتها بالأسواق الأخرى لتحديد قرار الشراء أيضا، حتى إذا ما أردنا الشراء فإننا نلجأ إلى هذه الأسواق لانخفاض أسعارها وتوافقها مع دخلنا المحدود".
يوضح أن "أكثر السلع طلباً عادة هي الملابس والأثاث والأواني، وعلى رغم أن بعضها يغلب عليه سوء الخامة والتصنيع إلا أنها تتناسب مع ما في جيوب الناس من مال، وزاد الإقبال خلال الآونة الأخيرة على شراء البقوليات والبهارات والسلع الاستهلاكية، والتي في أحايين كثيرة قد تكون صلاحيتها على وشك الانتهاء، إلا أنها تجد الإقبال منا كثيراً لرخص أسعارها".
ترويج المسروقات
ومع ما تشهده سوق الجمعة في بنغازي من إقبال كبير وما تحظى به من شهرة لدى سكان المدينة، إلا أنها ارتبطت منذ نشأتها بسمعة سيئة، إذ تعرف بأنها أكبر سوق لترويج المسروقات، وخصوصاً المستعملة التي لا تباع إلا فيها.
وهذه الظاهرة والسمعة السيئة دفعت السلطات في فترات مختلفة إلى محاولة إغلاقها للحد من ظاهرة السرقة بإقفال المكان الوحيد الذي يمكن بيع المواد المسروقة فيه.
ويؤكد عادل مصطفى باعتباره من الرواد القدامى لسوق الجمعة الظاهرة بقوله إنه "من المعروف أنها مكان ترويج المسروقات منذ تأسيسها، وأحياناً يكون هذا سبباً من أسباب رخص المواد المعروضة فيها، وخصوصاً الأشياء المستعملة، إذ يلجأ عادة باعة المواد المسروقة إلى تخزينها فترات طويلة قبل عرضها حتى لا ينكشف أمرهم ويقبض عليهم صاحب البضاعة المسروقة".
وزاد الإقبال على التسوق من سوق الجمعة في بنغازي خلال الأعوام الأخيرة مع اشتداد الضائقة الاقتصادية في البلاد، لما توافره من سلع مختلفة بأسعار مناسبة.
وتتميز سوق الجمعة في بنغازي عن غيرها بتنوع المواد المعروضة فيها وزهد أسعارها التي تناسب إمكانات الفئات محدودة الدخل.