سلامة موسى من منظور الشيخ الغزالي زعيم عصابة!

منذ 1 سنة 152

أول كاتب إسلامي صرف هاجم سلامة موسى هجوماً دينياً إسلامياً في كتاب، هو الشيخ محمد الغزالي في كتابه «من هنا نعلم» الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 1950.
كتابه هذا مع أنه كتبه ردّاً على كتاب خالد محمد خالد «من هنا نبدأ»، إلّا أنه ضم إليه مقالات قصيرة كان قد نشرها في مطبوعة من مطبوعات الإخوان المسلمين تحت عنوان «بين الهلال والصليب».
وهذه المقالات القصيرة كانت رداً على حملة على جماعة الإخوان المسلمين شنها سلامة موسى. وكان سلامة موسى العلماني، والديني القمص سرجيوس سرجيوس مع جماعة من القبط، يشنون حملة على الإخوان المسلمين بين فترة وأخرى، في جريدة «مصر» ومجلة «المنارة المصرية» في عقدي الثلاثينات والأربعينات تختلف أسبابها من فترة إلى أخرى. وثمة حملة من حملات سلامة موسى يرجع تاريخها إلى عام 1946 تأذّى منها الشيخ حسن البنا مرشد جماعة الإخوان المسلمين، فهرع إلى بطريرك الأقباط يوساب الثاني مستغيثاً به ليوقفها.
جماعة «شباب محمد» التي هي جماعة دينية أكثر تشدداً من جماعة الإخوان المسلمين ومنافسة لها، عابت على حسن البنا هذا التصرف، واعتبرت تصرفه هذا مهيناً للإسلام والمسلمين!
مقالات الشيخ محمد الغزالي القصيرة عن سلامة موسى في الحملة المضادة التي شنها عليه، لم أتوصل إلى تاريخ كتابتها على وجه التحديد الدقيق؛ لأنها كانت ردّاً متأخراً على جدل احتدم بين سلامة موسى وبين الإخوان المسلمين عام 1949.
وأظنها كانت قبل أشهر من شروعه في الرد على كتاب خالد محمد خالد «من هنا نبدأ»؛ أي إنه نشرها في عام 1950. أقول بهذا التاريخ استناداً إلى تاريخ صدور كتاب في هذا العام، سيأتي الحديث عنه فيما بعد.
مهّد الغزالي لهجومه الإسلامي على سلامة موسى، والذي جعله هجوماً إيمانياً عاماً على الإلحاد، بالقول: «إن هناك يهوداً لا يعرفون موسى ولا التوراة! هل قرأت الدعوة التي وجهها أينشتاين إلى أخطر المؤتمرات العلمية يطالبها أن تحارب فكرة الألوهية وتنقي الأذهان من هذه الخرافة؟ ويعتبر النجاح – في محاربة الله - أكبر كسب تحرزه الإنسانية!»، ثم توجه في خطابه إلى القارئ، فسأله: «هل هذا يهودي؟ وهل يسمع لمثله رأي في التعاون بين أهل الدين؟ ثم تنزل من قمة العلم الطبيعي حيث يوجد هذا العالم الملحد، وتهبط إلى السفح فترى محمد التابعي، المسلم – كما يقال – وسلامة موسى المسيحي – كما يقال – فإذا بكلا الشخصين يدعو بقوة وحماسة إلى قرار البغاء وإباحة الزنا! ولا عجب، فلا هذا ولا ذاك يؤمن بالله أو يصدِّق باليوم الآخر. وليكن هذان الشخصان من رجال الصحافة أو السياسة، لكنْ كلاهما في شؤون الأديان لا يسمع إلا يوم يسمع رأي الشيطان في شؤون الوحي!
ومع ذلك فالوقاحة تجعل سلامة موسى يكوّن عصابة من الشطّار والصغار لترسم خطوط التعاون بين المسلمين والأقباط في مصر.
إننا نستريح من صميم قلوبنا إلى قيام اتحاد بين الصليب والهلال، بيد أننا نريده تعاوناً بين المؤمنين بعيسى ومحمد لا بين الكافرين بالمسيحية والإسلام جميعاً.
والذين يخوضون في العلاقات بين عنصري الأمة المصرية – كما يصفونها – صنف من الناس لا نطمئن إلى تقواه ولا إلى ابتغاء وجه الله!
ومن فترة طويلة و(عصابة سلامة موسى)، تعكر المياه، لتصيد فيها، وقد استهدفت لإثارة الضغائن بين المسلمين والأقباط:
1- هدم الإسلام بإعلان حرب متواصلة على شريعته ومحاولة إرغام المسلمين على تركها ونسيان أحكامها.
2- هدم المسلمين أنفسهم بإغراء القلة القبطية أن تحكمهم وتستأثر دونهم بالنصر الأكبر من المناصب والوظائف العامة.
وسنسوق في المقالات المقبلة الشواهد على هذه النوايا الخبيثة من كلام العصابة التي يتزعمها حضرة سلامة موسى أفندي المسيحي ظاهراً، وذو الباطن الذي فضحته الأيام!».
في مستهل المقال الذي تلا هذا المقال الذي أوردت منه مقتطفاً، قال الغزالي: «إنها مؤامرة على الأديان كلها، وإن كانت في ظاهر الأمر حملة ضد الإسلام وحده وردّاً لشعائره وشرائعه، وغضاً من مكانته وجدواه على الناس والحياة.
و(عصابة سلامة) في كيدها لدين الله تتبع المبدأ المشهور في الدعايات المهرِّجة الباطلة؛ مبدأ: (اكذب ثم اكذب ثم اكذب؛ فسيقع في أذهان الناس من هذا الكذب المتلاحق شيء ما).
وقد دار محور كذبها في الأيام الأخيرة على أن المسلمين أعداء للأقليات التي تعيش بينهم(!)، وأن الكثرة المسلمة في مصر تكنّ السوء لغيرها (كذا)».
ما نشره الغزالي في مقالات قصيرة تحت عنوان «بين الهلال والصليب» أعاد نشره في كتابه «من هنا نعلم» في العنوان نفسه، لكنه نشره كمقال متصل يمتد من صفحة (113) إلى صفحة (134) في الكتاب.
وقد يستشف القارئ أن هذا المقال المتصل عبارة عن أكثر من مقال قصير من قوله السابق: «وسنسوق في المقالات المقبلة الشواهد... ».
يقول الشيخ الغزالي في مقاله «بين الهلال والصليب»: «وقد نقل كتاب طائش – نشرته هذه العصابة – نقل كلاماً لإسماعيل صدقي باشا بصورة الاتجاه الإلحادي في حكم هذه البلاد».
الشيخ الغزالي يعمِّي على اسم الكتاب، ولم يعمِّ على الجهة التي نشرته وموّلت نشره، فهي – كما يزعم – عصابة كوّنها سلامة موسى من الشطّار أو الصغار، لترسم خطوط التعاون بين المسلمين والأقباط في مصر، مع أنها – كما يزعم في فقرة أخرى – عصابة مأفونة من الملحدين المبغضين لله ورسله كافة. وفي رواية من رواياته قال: إنها عصابة ماجنة!
استخدم الشيخ الغزالي تعبير «عصابة سلامة» في مقاله مرة واحدة، وفي أوله، ثم بعد ذلك اختصر هذا التعبير إلى «عصابة سلامة» واستخدمه مرات عديدة. في اختصاره لهذا التعبير واختيار اسمه الأول «سلامة» لا اسمه الثاني «موسى» الذي هو اسم نبي، فن وبراعة؛ إذ تشعر مع هذا الاختصار أنها – فعلاً – عصابة، يتزعمها فتوّة اسمه سلامة، انقلب من كونه فتوّة إلى قاطع طريق!
قدّم الشيخ الغزالي لكلام إسماعيل صدقي باشا الذي نقله كتاب، قال عنه: كتاب طائش نشرته «عصابة سلامة»، قدم لكلامه بقوله: «قال الباشا – الذي لا دين له: يجب أن نباعد بين سياستنا وبين الاتجاه الديني. لقد بدأت تصطبغ بصبغة دينية. وهذه نعرة قديمة انتهت من مئات السنين. ولم تعد السياسة العربية والإسلامية تلائم العصر الحاضر، بل إن سياستنا قامت في الماضي على غير هذا الأساس. فمحمد علي الكبير – ذلك الرجل البارع – كان يتطلع إلى الغرب وكانت إصلاحاته غربية، ومن بعده إسماعيل. وكذلك كان الملك فؤاد، بل إن سعد زغلول خريج الأزهر لم تكن سياسته عربية ولا إسلامية، بل كانت مصرية خالصة تتجه نحو أوروبا. فلماذا نتجه اليوم هذا الاتجاه الإسلامي؟ وأي مصلحة لنا فيه؟!».
من المحبط أن الشيخ الغزالي، لم يذكر تاريخ العام الذي قال إسماعيل صدقي باشا فيه كلامه هذا. فلو ذكره لعرفنا أنه قد قاله في فترة حكومته الأولى (20 يونيو/ حزيران 1930 – 22 سبتمبر/ أيلول 1933)، أو أنه قد قاله في فترة حكومته الثانية (17 فبراير/ شباط 1946 – 9 ديسمبر/ كانون الأول 1946).
كان من المهم معرفة العام الذي قال فيه كلامه؛ لأنه في الفترة الأولى لحكومته، تحالف الشيخ حسن البنا معه، تحالف معه مع سعي القوى الوطنية لإسقاط حكومته. وقد جنى الشيخ حسن البنا من تحالفه معه انتشاراً لدعوة الإخوان المسلمين ومكاسب أخرى، أبرزها نقل مقر جماعته من بلدة نائية، هي الإسماعيلية، إلى سُرّة مصر، وهي القاهرة.
ولأنه في حكومته الثانية كان الشيخ حسن البنا مؤيداً لاختيار الملك فاروق له، رئيساً للوزراء، رغم أن القوى الوطنية رافضة هذا التعيين؛ لأنه عندها هو عدو الدستور وعدو الشعب. وقد قبض الشيخ حسن البنا ثمن هذا التأييد، كزيارته بعد تعيينه لمقر الجماعة، وترخيص – كما يقول ريتشارد ميتشل في كتابه «الإخوان المسلمون» - بإصدار الصحيفة الرسمية للجماعة «جريدة الإخوان المسلمون» التي بدأت تصدر منذ مايو (أيار) 1946، وامتيازات في شراء ورق الطباعة بالأسعار الرسمية، والتي تعني توفير من 20 إلى 30 بالمائة من أسعار السوق السوداء، وامتيازات مخصصة للجوّالة، كاستعمال الزي القومي الذي يتم شراؤه بسعر مخفّض، واستخدام المعسكرات والتسهيلات الحكومية، ومنحها قطعاً من الأرض لإقامة المباني اللازمة في المناطق الريفية.
وفي تعداده لهذه الأثمان يضيف ريتشارد ميتشل لها ثمناً آخر مهماً، فيقول: «كذلك كان واضحاً أن تعيين محمد حسن العشماوي، الذي دعا منذ وقت طويل إلى إقرار التعليم الديني في المدارس الدينية، والصديق المخلص للجماعة، في منصب وزير التعليم (المعارف) في حكومة صدقي، قد جاء منسجماً مع نفس السياق من الأحداث».
ويختم تعدادها بذكر الثمن الأخير الذي دفعه إسماعيل صدقي للإخوان المسلمين، فيقول – موضحاً طريقة دفعه: «أما الإعانة المالية، فالأرجح أنها لم توجّه للجماعة على نحو مباشر، وإنما تم تمريرها من خلال وزارتي التعليم والشؤون الاجتماعية بوصفها مساهمات أو إعانات حكومية مشروعة للخدمات التعليمية والاجتماعية الخيرية للجماعة».
وأضيف إلى ما قاله ريتشارد ميتشل: أن محمد حسن العشماوي حينما عينه إسماعيل صدقي في 17 فبراير 1946 وزيراً للمعارف العمومية، كان ابنه حسن الموظف في النيابة والقضاء منضماً للإخوان المسلمين قبلها في حدود العامين، وما لبث منير الدلة صديق ابنه حسن منذ أيام دراستهما في كلية الحقوق، والموظف في مجلس الدولة، أن تزوج ابنته آمال في عام 1947. وفي هذا العام انضم منير الدلة وزوجته آمال العشماوي إلى الإخوان المسلمين بتأثير من أخيها حسن. وقد وصف انضمام زوجها إلى الإخوان المسلمين – كما يقول ريتشارد ميتشل – بأنه إدخال الكاديلاك والأرستقراطية إلى قلب الحركة. آمال وأخوها حسن هما أيضاً ينتميان إلى طبقة البرجوازية العليا. وكان بيتهما العائلي رغم ما يتخلّله من جو ديني، بيتاً متمدناً وعصرياً. وهذا ما يفسر لنا أن التي زفتها إلى زوجها صاحبة أكبر وأرقى مرقص في مصر حينها، وهي الراقصة بديعة مصابني صاحبة «كازينو بديعة»، وقد شاركت معها في الزفة الراقصة فتحية شريف التي تعمل في الكازينو الذي تملكه بديعة مغنية ومونولوجست.
ولموقعهما الاجتماعي والطبقي احتل حسن ومنير سريعاً موقع الكفة الراجحة في صفوف قيادات حركة الإخوان المسلمين مع أنهما متأخران في الانضمام إليها.
ولآمال العشماوي منذ انضمامها لهذه الحركة أدوار مهمة وخطرة في تاريخ الإخوان المسلمين قبل ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 وفي أثناء فترة حكمها؛ حكم هذه الثورة.
سقت المعلومات السابقة عن تحالف الإخوان المسلمين مع حكومتي صدقي باشا؛ لأسأل سؤالاً سياسياً وعقدياً، وهو: هل الإخوان المسلمون تحالفوا مع حكومة إسماعيل صدقي باشا الأولى والثانية، لأنه – كما قال الغزالي عنه – باشا لا دين له، أو أنهم تحالفوا معه لأنه، كما قال عنه – إبان حكومته الثانية - قولة مشهورة للقيادي الطلابي الإخواني، وخطيب الإخوان المسلمين في جامعة الملك فؤاد، مصطفى مؤمن، في صد مظاهرات طلابية إسماعيل صدقي، مستشهداً بآية قرآنية، لإسقاطها عليه، وهي: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً)؟!
بعد أن نقل الشيخ الغزالي لنا كلام إسماعيل صدقي باشا من كتاب ناقل لكلامه، قال مباشرة: «يقول الدكتور زغيب – وهو من أعضاء العصابة – هل بعد هذا كلام واضح صريح من رجل كان فريداً في ذكائه، وحيداً في تفكيره، ممتازاً في بعد نظره ورجاحة عقله...؟»، ثم علّق على هذا الكلام بقوله: «هذا الكلام هو قرة عين سلامة موسى وعصابته. وكل معول ينقض بنيان الإسلام، فهو في نظره مسلك ينطوي على الفهم والحصافة، ويدل على التقدم والارتقاء. فإذا قال أحد: إن لله وحياً ينبغي أن يطاع، انبعث صوت هذا الغر يطلب النجدة من أوروبا وأميركا قائلاً: الأقلية في خطر!
وقد علمت أن تحدث هذا الشخص عن الأقباط خدعة تستر وراءها أخبث النوايا نحو التوراة والإنجيل والقرآن».
بطريقة غير مباشرة، يشير الشيخ الغزالي إلى أن الدكتور زغيب هو مؤلف الكتاب الطائش الذي نشرته «عصابة موسى».
مع زيادة الشيخ الغزالي بالتعريف به، بأنه «عضو في عصابة موسى»، ومع معرفتي بأسماء ثلة من الأقباط، لاهوتيين وعلمانيين، الذين كتبوا في المسألة القبطية وعنها، إلا أنني لم أتعرّف على من هو «زغيب»، ولم أدرِ هل «زغيب» اسمه الأول أو اسمه الأخير.
شغلني التعرّف أكثر على اسمه الكامل، لأصل إلى اسم كتابه الطائش الذي عمّى الشيخ الغزالي على اسمه؛ إذ إنني لا أعرف دار نشر في مصر اسمها «منشورات عصابة سلامة موسى» أو «منشورات عصابة موسى» لأبحث فيها عن كتاب ألّفه دكتور اسمه الأول أو اسمه الأخير «زغيب».
في فقرة بعيد منتصف المقال عرفت أن اسمه كاملاً، هو زغيب ميخائيل، وأنه صعيدي قبطي.
وفي فقرة متأخرة من المقال عرفت معلومة ثالثة عنه، وهو أنه من أبي قرقاص. ووقتها كانت بلدة ولم تكن مدينة. وعرفت أن الشيخ الغزالي سبق له أن عمل بها.
وسأورد لكم نص هذه الفقرة: «والغريب أن الدكتور زغيب الذي يستغيث من الحجر (يقصد الحجر على بناء الكنائس) رجل من بلدة أبي قرقاص. وقد كان من المصادفات الحسنة أني عملت في مركز أبي قرقاص هذا واعظاً نحو العام. وإني لأستغرب كيف يقول هذا الكلام مع أن أبا قرقاص تضم 70 في المائة من سكانها مسلمين و30 في المائة أقباطاً. ومع ذلك فيها مسجدان وخمس كنائس فقط! وبها كذلك إرسالية تبشيرية من فرنسا، فهل هذه النسبة الصارخة دليل الحجر على إنشاء الكنائس أم دليل السرف في إقامتها».
بعد توفر المعلومات الثلاث عن الدكتور زغيب، عرفت أن اسمه ميخائيل زغيب لا زغيب ميخائيل، وأن اسم كتابه هو: «فرِّق تسد: الوحدة الوطنية والأخلاق القومية»، صدر بالقاهرة من دون ناشر عام 1950. والكتاب سجل للمشكلات التي واجهها الأقباط من بداية القرن الماضي إلى وقت تأليف الكتاب. والمؤلف طبيب، وقد توهمت وأنا أقرأ مقال الغزالي أنه دكتور في علم نظري أو في علم تطبيقي. وكان هذا الطبيب يعمل في أبي قرقاص مديراً للمستشفى الأهلي فيها.
هذا الكتاب هو الكتاب الوحيد الذي ألفه. وكتابه هذا كتاب مغمور لم ينل ما يستحقه من معرفة به عند المهتمين بالمسألة الطائفية في مصر وفي العالم العربي. ولو أحصينا عدد الذين رجعوا إليه من الباحثين، فلن يتعدوا عدد أصابع اليد الواحدة.
وقد وجدت أن الكاتب والباحث سامح فوزي يسمي الطبيب القبطي ميخائيل زغيب، صاحب كتاب «فرِّق تسد: الوحدة الوطنية والأخلاق القومية» – كما يسميه الشيخ محمد الغزالي – بزغيب ميخائيل في معلومة كررها عن هذا الكتاب وعن صاحبه في جريدة «الحياة»، ثم في جريدة «الشروق»، ثم في جريدة «الشرق الأوسط».
في جريدة «الحياة» وفي جريدة «الشروق» ذكر عنوان الكتاب الأساسي (فرِّق تسد) ولم يذكر عنوانه الشارح (الوحدة الوطنية والأخلاق القومية). وفي جريدة «الشرق الأوسط» ذكر عنوانه الأساسي مع عنوانه الشارح. وحينما ذكر معلومته عن الكتاب لأول مرة في جريدة «الحياة» لم يكن في حوزته نسخة من الكتاب، وهذا ما حدثنا به في مقاله الذي رثى به حمدي رزق، وهو مقال «يا رب ارحم حمدي رزق» المنشور في جريدة «الشروق»؛ إذ قال: «أتذكر أنني كتبت عن هذا الكتاب مقالاً، ثم بعد أيام وجدت أن من يطلبني على الهاتف، هو حفيد الكاتب زغيب ميخائيل، وطلب لقائي في أحد أندية مصر الجديدة، وكرّمني بإعطائي نسخة أصلية من الكتاب. وروى لي أن جده اضطر أن يترك (أبو قرقاص) بعد هذا الكتاب، حيث تعرّض منزله للاعتداءات، وجاءوا إلى القاهرة».
الشيخ محمد الغزالي أسرف في ذم الدكتور زغيب، وأسرف في ذم كتابه، وأساء كثيراً إليه وإلى كتابه الذي عمّى على اسمه، والقبطي سامح فوزي أشاد بالكتاب وبصاحبه، لكنهما – يا للمفارقة - اجتمعا على قلب اسمه!
فهل اسمه، كما كتبه الشيخ محمد الغزالي في منتصف القرن الماضي، وكما كتبه سامح فوزي في العقد الأول وفي العقد الثاني من القرن الحالي، هو الاسم الصحيح، أو أن ميخائيل زغيب هو اسمه المقلوب؟
الإجابة الحاسمة هي عند حفيده.
في معلومته عن الكتاب ذكر سامح فوزي أن سلامة موسى هو الذي كتب مقدمة للكتاب. ونستفيد مما ذكره أن الشيخ الغزالي عينه عضواً في «عصابة موسى» التي اخترعها، وادعى أن هذه العصابة المخترعة هي التي نشرت كتابه، مع أن كتابه طُبع من دون ناشر، لمجرد أن سلامة موسى كتب مقدمة للكتاب.
وبطريقة أشد إعتاماً من الطريقة الأولى، التي – على الأقل – فيها بصيص من نور خافت، قال الشيخ الغزالي: «وفي كتاب آخر نشرته هذه العصابة جاءت هذه العبارة: إننا عانينا مذبحة فلسطين، ولم نزل تحت تأثير فكري عنصري. واستجابة لإثارة طائفية. ومن العبث أن نخفي ذلك ونتجاهله»، ثم ناقشه مناقشة صاخبة على قوله هذا وعلى قول آخر له، فيها سباب مقذع لهذا القبطي المجهول.
في آخر مقاله يورد الشيخ الغزالي مقتطفاً من مقال كتبه الدكتور حنا حنا يرد فيه على متعصبة الأقباط.
ومما قاله الدكتور حنا حنا في هذا المقتطف: «إن ما يشتكي الأقباط منه في هذه الآونة، وما يردده هذا الشاب في صحيفته صباح مساء، حتى جعل أشد الأقباط قومية وحماسة يملّون قراءة ما يكتب. والله يعلم أنه لا يقصد سوى أن يصبح بطلاً، وما هكذا يصبح الرجال أبطالاً».
عرّف الشيخ الغزالي في هامش هذه الصفحة من كتابه بهذا الشاب، بأنه «عضو في عصابة سلامة موسى المعروفة».
في الأولى تستّر على اسم كتاب وعلى اسم صاحبه، مع أنه يعلم أن الذين نشروه هم عصابة يتزعمها سلامة موسى!
وفي الثانية تستّر على اسم الشاب الذي رد عليه الدكتور حنا حنا، مع علمه أنه «عضو في عصابة سلامة موسى».
في القانون الجنائي يعد ما فعله الشيخ الغزالي، جناية. وللحديث بقية.