بقلم: Ekbal Zein & يورونيوز
لا تزال الفصائل المسلحة في جنوب سوريا متمسكة بسلاحها، رغم دعوة إدارة العمليات العسكرية إلى حلّ الجماعات المسلحة وتشكيل جيش وطني يمثل سوريا "الجديدة"، مما يثير المخاوف من مواجهة قريبة قد تعرقل "بسط نفوذ الدولة" في البلاد.
قال وزير الدفاع السوري، مرهق أبو قصرة، إنه التقى بأكثر من 70 فصيلًا من مختلف مناطق سوريا، وجميعهم أبدوا استعدادًا للانخراط في وزارة الدفاع التي ستعين "كل قائد في المكان المناسب له".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أرسلت هيئة تحرير الشام قائد الشرطة الجديد في مدينة درعا، بدر عبد الحميد، إلى مدينة نوى (شمال غرب سهل حوران) لمناقشة تشكيل شرطة هناك.
وصرح حينها بأن الفصائل السورية تعاونت معه بشكل إيجابي، لكنها لا تزال متوجسة وتنتظر توضيح دورها في "سوريا الجديدة"، خاصة أن بعضها، مثل ائتلاف الفصائل في الجنوب، يُعد لاعبًا محوريًا في الساحة.
وعن ذلك، قالت وكالة "أسوشيتد برس" إن انهيار الحكم في سوريا لم يكن مخططا أن يحدث بهذا الشكل، لكن ائتلاف الفصائل المسلحة في الجنوب قلب الموازين وتحدى الدول.
وفقًا لمصادر مطلعة على اجتماع 7 ديسمبر الذي استضافته الدوحة بحضور كل من أنقرة وطهران وموسكو لمناقشة تقدم المعارضة المسلحة في دمشق، اتفقت الأطراف على أن توقف المعارضة تقدمها في مدينة حمص تمهيدًا لمحادثات بوساطة دولية مع الرئيس السوري بشار الأسد في جنيف حول عملية انتقال سياسي سلمية.
لكن الفصائل المسلحة في الجنوب السوري كانت لها خطط أخرى، فتقدمت نحو العاصمة ووصلت إلى أكبر ميادين دمشق قبل الفجر. وبعد ساعات، تبعتها هيئة تحرير الشام. في غضون ذلك، كان الأسد قد فرّ إلى روسيا.
وبعد فرار الأسد، اتفقت الفصائل الجنوبية وهيئة تحرير الشام على أن تتولى الأخيرة القيادة، لكن أسئلة كثيرة ظلت قائمة حول قدرة إدارة العمليات العسكرية على توحيد الفصائل المسلحة المختلفة، بالنظر إلى تباين أيديولوجياتها وطموحاتها.
وعقب تولي هيئة تحرير الشام الحكم، دعا زعيمها أحمد الشرع، المعروف سابقًا بأبو محمد الجولاني، إلى تشكيل جيش وطني موحد. غير أن بعض القيادات البارزة مثل أحمد العودة، قائد اللواء الثامن والملقب بـ"رجل روسيا في الجنوب"، رفضت حضور الاجتماعات.
من هو أحمد العودة "منافس" الشرع؟
من مواليد محافظة درعا، كان على خلاف مع "جبهة النصرة" التي تزعمها الشرع سابقًا. يُلقب بـ"رجل روسيا في الجنوب" و"مهندس" التسويات مع النظام السابق.
درس الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق وخدم في الجيش السوري قبل أن يسافر إلى الإمارات. لعب دورًا بارزًا في "الجيش السوري الحر"، حيث قاد فصيل "شباب السنة"، أحد أكبر الفصائل المسلحة في الجنوب.
يتهم العودة بتلقي تمويل من كل من الإمارات وروسيا والأردن والولايات المتحدة الأمريكية. ويعتقد البعض أن طموحاته قد تهدد موقع الشرع.
في هذا السياق، يقول آرون لوند، الباحث في مركز أبحاث "سينشري إنترناشيونال"، إن الجماعات المسلحة في الجنوب تختلف ديناميكيًا عن تلك في الشمال، حيث إنها أقل تأثرًا بالإيديولوجيات الإسلامية وأكثر "محلية". كما كان لها داعمون مختلفون.
وأضاف: "بينما تلقت هيئة تحرير الشام دعمًا من تركيا وقطر، فإن الفصائل الجنوبية اعتمدت على دعم أردني وأمريكي بتوجه مختلف".
لماذا دخلت الفصائل الجنوبية دمشق؟
قال نسيم أبو عارة، المسؤول في اللواء الثامن التابع لأحمد العودة: "سمعنا من عدة أطراف تعليمات تمنع دخول دمشق حتى يتم تسليم السلطة بشكل سلس من قبل الأسد".
وأضاف: "مع ذلك، دخلنا وقلبنا الطاولة على هذه الاتفاقات"، مؤكدًا أن التعليمات كانت ملزمة للفصائل الشمالية وليست لهم. وأردف: "حتى لو أمرونا بالتوقف، لم نكن لنفعل".
هل ستسلم الفصائل الجنوبية أسلحتها؟
يقول أحمد أبا زيد، الباحث في شؤون الجماعات المتمردة، لوكالة "أسوشيتد برس": "بعض الفصائل تحاول فهم المشهد قبل أن تحل نفسها وتسليم أسلحتها".
وأضاف: "الكثيرون يخشون مواجهة أو فشل في تحقيق الاندماج، لكن الجميع يريد تجنب ذلك بأي ثمن، لأن سوريا قد سئمت الحرب".