تستقبل العاصمة الدينية مكة المكرمة ملايين المسلمين من زوار بيت الله الحرام من أنحاء العالم على مدار العام بمختلف مواسمه وفصوله المناخية التي تسودها الحرارة غالباً، نظراً إلى موقع "الوادي" الجغرافي الذي يعد من أصعب التكوينات الجيولوجية.
وعلى رغم قساوة "الطقس" في فصل الصيف إلا أن قاصدي بيت الله الحرام ينعمون ببرودة أقدامهم الحافية عند وطئها أرضيات الحرم الرخامية، حتى ساد اعتقاد بينهم بوجود مواسير مياه باردة أسفل الرخام، أو أجهزة تبريد خاصة لأرضيات الحرم المكي الشريف.
وتعود برودة أرضيات المسجد الحرام في الأصل إلى نوعية الرخام المستخدم في الحرم المكي، إذ يتم استيراده خصيصاً للحرمين الشريفين من جبال جزيرة تاسوس اليونانية ويسمى (رخام التاسوس) النادر، يتميز بلونه الأبيض الكريستالي، ويعتبر من أنقى أنواع الأحجار الطبيعية وأكثرها صلابة، حيث يصل سمكه إلى خمسة سنتمترات.
خصائص رخام التاسوس
ويعمل "رخام التاسوس"، الذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى الجزيرة التي يستخرج منها، على عكس الضوء والحرارة كونه يمتص الرطوبة عبر مساماته الكبيرة خلال الليل، وتخزينها في سماكته العالية ليقوم بإخراجها نهاراً، وهذا ما يجعله بارداً في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذه الخصائص الطبيعية جعلت الرخام التاسوس يتناسب لفرش أرضيات الحرمين الشريفين به وبخاصة صحن المطاف حول الكعبة المشرفة. وتوجيه رخام الحرم إلى اتجاه القبلة، بجعل كل بلاطة من بلاطاته على اتجاه الكعبة مباشرة، مما يساعد المصليين في تولية وجوههم شطر الكعبة.
وفرش المسجد الحرام برخام التاسوس منذ 45 عاماً، حينما أتم الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام عام 1396هـ، وتوسعة المطاف عام 1398هـ في شكله الحالي، وفرش أرضيته برخام التاسوس مما زاد من راحة المصلين والطائفين في الظهيرة.
وتقوم المملكة باستيراد الرخام على شكل قطع صخرية ضخمة، وتتم معالجتها في مصانع سعودية خاصة وبإشراف كوادر فنية مؤهلة لقص تلك القطع إلى بلاطات بمقاسات معينة وبمعايير خاصة.
عناية الرئاسة العامة لشؤون الحرمين
وتعتني الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في السعودية بالرخام، إذ قامت ممثلة في الإدارة العامة للمشاريع خلال فترة تعليق العمرة والصلاة في المسجد الحرام بسبب جائحة كورونا بتغيير 4 آلاف قطعة رخام بالمسجد الحرام.
وأكد وكيل الرئاسة للشؤون الفنية والتشغيلية والصيانة المهندس فارس الصاعدي لـ"اندبندنت" أن الوكالة تقوم بالإشراف على أعمال صيانة الرخام بتكثيف جولات الصيانة الدورية بصحن المطاف والمسعى والتوسعة السعودية الثانية والمداخل الرئيسة للمسجد الحرام بمعالجة الرخام وترميمه ومن ثم جليه وتلميعه أو استبدال الذي لم يعد صالحاً للاستخدام، وتتم الصيانة على مدار الساعة من خلال أكثر من 40 موظفاً من مهندسين وفنيين، كما يتم استخدم أحدث التقنيات وأفضل المواد بالمواصفات العالمية في تنفيذ الأعمال. وكانت السعودية تمكنت من استيعاب ملايين من قاصدي المسجد الحرام بمكة المكرمة في ظل الظروف المناخية الحارة بتسخير الإمكانيات التي تسهم في توفير بيئة مناخية مناسبة للمصلين والمعتمرين.