بريتني سبيرز تمتلك الحرية... لرواية قصتها. أو لنكون أكثر دقة، لتخبرها لكاتب خفي من اختيارها - ووفقاً للتقارير، فإن هذا الكاتب الخفي هو الصحافي والمؤلف الأميركي سام لانسكي. سبيرز، النجمة التي رويت قصتها بألسن الجميع باستثناء نفسها، ستعرض نسختها من الحكاية في مذكراتها المرتقبة "المرأة التي بداخلي" The Woman in Me، التي صدرت هذا الأسبوع، ويعتقد أن لانسكي هو الرجل المكلف صوغ الكتاب.
ذكرت سبيرز على حسابها على "إنستغرام" في أبريل (نيسان) الماضي: "أنا أكتب كتاباً في الوقت الحالي، وهو أمر علاجي وشفائي في الواقع"، مؤكدة التقارير السابقة التي تفيد بأنها وقعت صفقة كتاب مع دار سيمون أند شاستر، والتي يقال إنها بقيمة 15 مليون دولار (ما يعادل 12.3 مليون جنيه استرليني). أضافت سبيرز: "من الصعب أيضاً استحضار الأحداث الماضية في حياتي... لم أتمكن مطلقاً من التعبير عن نفسي علانية"، هذا توصيف بسيط مقارنة بالواقع الصعب. يأتي "المرأة التي بداخلي" بعد عامين تقريباً من إنهاء القاضية بريندا بيني في لوس أنجليس الوصاية التي أخضعت حياة سبيرز - حياتها المهنية، وكلماتها، وأموالها، والأشخاص التي كانت تراهم وحتى الأشياء التي كانت تفعلها بجسدها - لتوجيهات والدها جيمي لمدة 13 عاماً.
قيل لنا إن بعض المواد التي يحتويها كتاب سبيرز مزعجة جداً، لدرجة أنها اختارت قراءة جزء صغير فقط من النسخة الصوتية من الكتاب، تاركة الباقي للممثلة المرشحة لجائزة الأوسكار ميشيل ويليامز. قالت سبيرز لمجلة "بيبول" الأسبوع الماضي: "إن إعادة إحياء كل شيء كانت تجربة مثيرة، ومؤلمة، وعاطفية، على أقل تقدير... لهذه الأسباب، سأقرأ جزءاً صغيراً فقط من كتابي الصوتي". أثار هذا الإعلان مفاجأة لدى بعض المعجبين، لكن الاستعانة بكاتب خفي لم تكن غير متوقعة على الإطلاق.
يعرف كثر أن وراء كل مذكرات المشاهير (تقريباً) كاتباً خفياً ــ تلك اليد الشبحية التي تستولي على قلم الشخص الذي يدور حوله الكتاب وتوجهه بلطف بأساليب أدبية تتجاوز اختصاصاته كممثل أو مغن أو سياسي أو رياضي. بالنسبة لنجمة بمثل لمعان سبيرز، وقصة حساسة مثل قصتها، قد تتوقعون العثور على شخصية مخضرمة تمتلك رصيداً من الأعمال المهمة السابقة. ربما شخص بثقل جي آر مورينغر (المعروف بكتابة مذكرات الأمير هاري)؟ أو جوني رودجرز (الذي وضع مذكرات باريس هيلتون)؟ أو هيلاري ليفتين (تاتوم أونيل) أو أرييل ليفي (ديمي مور)؟ بدلاً من ذلك، يقال إن سبيرز اختارت سام لانسكي الصحافي الروائي ليقوم لأول مرة (على حد علمنا) بمهمة الكاتب الخفي.
إن سجله السابق كبير ومثير للإعجاب. أثناء دراسته للحصول على درجة البكالوريوس في الدراسات الأدبية في نيو سكول -كلية الفنون الحرة في مدينة نيويورك التي تشمل قائمة خريجيها أسماء مثل جاك كيروك، وجيمس بالدوين، وجينيفر بينكاو، وتينيسي ويليامز- قام لانسكي الذي يبلغ من العمر الآن 35 عاماً، بالتدوين عن الموسيقى. احترف هذه الهواية بعد التخرج، وأصبح ناقداً موسيقياً مستقلاً قبل أن يغامر بدخول عالم القيل والقال المحيط بالمشاهير. كتب لصالح منشورات بما فيها مجلة نيويورك وذي أتلانتك وإسكواير ومجلة آوت المتخصصة بموضوعات مجتمع الميم. وجدير بالذكر أنه ليس غريباً على إجراء مقابلات مع المشاهير. خلال فترة عمله كمحرر في الساحل الغربي لمجلة تايم، حيث لا يزال يسهم في التحرير، قدم لانسكي لمحة عن أبرز نجوم الصف الأول، ما القاسم المشترك بين كل من أديل، نيكي ميناج، تيموثي شالاميت، تي جيه أوزبورن، جوني ديب، جيمي لي كيرتس، برادلي كوبر، لورد، جيمس وديف فرانكو، أندرو غارفيلد، ميريل ستريب، دي جي خالد، كارلي راي جيبسن، مادونا، ليلي ألين وكايلي مينوغ؟ لقد أجروا جميعاً مقابلات مع لانسكي.
تمتاز لقاءاته بالتهذيب والاحترام، وتتنقل بين الحياة المهنية والشخصية للضيف. في حديثه مع أديل سنة 2015، حصل على إجابات مؤثرة في الأمومة. قالت صاحبة أغنية "هللو" Hello لـلانسكي حينها: "يجعلني [ابني] فخورة جداً بنفسي، ويجعلني أحب نفسي كثيراً... كنت أحب نفسي دائماً ولم أكرهها أبداً. لا أمر بلحظات شك من هذا القبيل، لكنني فخورة بنفسي جداً لأنني صنعته في رحمي. وكونته في رحمي ثم خرج مني!". العام الماضي، أجرى لانسكي مقابلة مع جينيت مكيردي حول كتابها الذي يحمل عنوان "أنا سعيدة لأن أمي ماتت" I”m Glad My Mom Died الذي يروي، من بين أمور أخرى، انتهاكات والدتها التي لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك دفعها نحو اضطراب الشهية وإقحامها في عالم التمثيل. مثلها مثل سبيرز، كانت مكيردي نجمة طفلة عانت عواقب الشهرة.
لانسكي المولود عام 1988، كان في العاشرة من عمره لما أصدرت سبيرز، البالغة من العمر 16 عاماً حينها، أغنيتها المنفردة الأولى "حبيبي مرة أخرى". كان في الـ13 من عمره لما كانت سبيرز تلف ثعباناً أصفر اللون حول رقبتها وهي تؤدي أغنية "أنا أمة من أجلك" I”m a Slave 4 U في واحدة من أكثر اللحظات شهرة على الإطلاق في تاريخ حفل توزيع جوائز "أم تي في" للفيديو كليب، ومراهقاً في الـ14 لما ظهرت لأول مرة على الشاشة الكبيرة في الدراما التي أخرجتها شوندا ريمس "مفترق طرق" Crossroads، و15 سنة عندما انضمت إلى مادونا في أداء مشترك على خشبة المسرح في ظهور تاريخي آخر في حفل جوائز "أم تي في" للفيديو كليب، و16 عندما تزوجت من كيفن فيدرلاين و18 حين طلقته. كان في الـ17 عندما أصبحت سبيرز أماً للمرة الأولى وفي الـ19 حين تعرضت لانهيار شديد في علانيته وحلقت رأسها أمام الكاميرات. القصد من كل هذا أن لانسكي نشأ مع مسيرة سبيرز وبحلول الوقت الذي تم تحريرها من الوصاية المفروضة عليها، كان يبلغ من العمر 33 عاماً وصحافياً معروفاً في صناعة الترفيه. لقد عايش لحظات سعادتها وانحدارها عندما كانت تحدث، ووضعه عمره واهتماماته في موقع بارز لتأليف كتاب يبذل قصارى جهده ليس فقط لفهم سبيرز، ولكن أيضاً لوضع تجربتها في سياق ثقافة الصحافة الشعبية التي نشأت فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين أن لانسكي يتولى مهمة الكتابة نيابة عن شخص آخر للمرة الأولى، فـ"المرأة التي بداخلي" ليس أول مذكرات يكتبها. في عام 2016، عندما كان عمره 28 عاماً فقط، أصدر قصته الخاصة - وعلى الرغم من أن حكايته قد لا تكون بارزة كقصة سبيرز، فهي مليئة مثلها بصعوبات مروعة. في سن الـ17، كان لانسكي، الذي أعلن نفسه طفلاً متميزاً في سنته الأخيرة في مدرسة إعدادية للنخبة في مدينة نيويورك، طالباً متفوقاً تعطلت طموحاته في الالتحاق بجامعة آيفي ليغ بسبب إدمانه المتفاقم على المخدرات (على هيئة أدوية موصوفة وغير ذلك)، الذي ازداد سوءاً بدوره بسبب سلسلة من العلاقات المتهورة مع رجال أكبر سناً وأسلوب الحياة الذي يركز على السهر. بعد فشله في الوصول إلى برينستون، وجد بلانسكي نفسه في النهاية في جامعة فاسار، حيث استمر سلوكه الخطير في التصاعد.
لم يسع للحصول على أي مساعدة إلا بعد جرعة زائدة كادت تودي بحياته، أولاً في معسكر تدريبي بري في المناطق النائية من ولاية يوتا (المقاطع التي تتحدث عن هذا الجزء من مذكراته رائعة) ثم في جناح للأمراض النفسية في نيو أورليانز. مذكراته التي تحمل عنوان "الشفرة المذهبة" The Gilded Razor هي وصف شديد التصوير وصريح ومذهل لرحلة مدمن إلى التعافي في سن الـ19 (ما زال لانسكي متعافياً حتى يومنا هذا). تلقى الكتاب استقبالاً نقدياً جيداً ووصفه أحد النقاد بأنه "مذكرات الإدمان للجيل المقبل"، مع الإشادة بكتابات لانسكي بسبب صراحتها وروح الدعابة فيها -وهما صفتان تظهران أيضاً على صفحات كتاب سبيرز الجديد.
يرد في العبارة الترويجية للكتاب: "المرأة التي بداخلي" هو قصة شجاعة ومؤثرة على نحو مدهش عن الحرية والشهرة والأمومة والبقاء والإيمان والأمل". يمكن قول الشيء نفسه - باستثناء الأمومة والشهرة – عن "الشفرة المذهبة" (ناهيك برواية "أناس محطمون" Broken People الصادرة عام 2020، وهي رواية بدأت في البداية كمذكرات، عن رجل أعزب مثلي الجنس متعاف من إدمانه يعمل في مجال الإعلام ويلجأ إلى المهلوسات على أمل علاج الشك الذاتي والتخلص من عدم الأمان)، في حين أن ظروف حياتهما مختلفة تماماً (أحدها على الأقل أن سبيرز نشأت نشأة فقيرة في كينتوود، لويزيانا)، أتصور أن هناك شيئاً مريحاً تشعر به عند معرفة أن الشخص الذي يكتب مذكراتك اختبر بنفسه شيئاً أو اثنين عن مواجهة الأوقات العصيبة.
قال مورينغر، المحترف المخضرم الذي كتب مذكرات أندريه أغاسي وأخيراً الأمير هاري، إن الوظيفة الأساسية للكاتب الخفي هي أن يكون جريئاً. كتب في مجلة ذا نيويوركر في وقت سابق من هذا العام: "عليك أن تستمر في الضغط، بنفس القوة والإصرار المتوقعين من مدرب شديد أو والد حازم". اقتبس مورينغر من شاعر القرن الـ18 ويليام بليك: "الصداقة الحقيقية هي المعارضة". على كل حال، لا يسع المرء فإن يفكر أنه في حالة سبيرز ــ المرأة التي تم تجاوز حدودها لتصل نقطة الانهيار مرات لا تحصى من قبل ــ فإن الصداقة الحقيقية هي في الواقع الألفة والمودة. وليس هناك ما هو أفضل من شخص يستمع بتعاطف إلا شخص يصغي بتفهم.
صدر كتاب "المرأة التي بداخلي" عن دار سيمون أند شاستر في 24 أكتوبر وتباع النسخة الواحدة منه بسعر 25 جنيهاً استرلينياً.