قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لشبكة "إن بي سي نيوز" يوم الثلاثاء، إن بلاده تخطط لإبقاء السيطرة على الأراضي الروسية التي استولت عليها في توغل مفاجئ الشهر الماضي إلى أجل غير مسمى، في محاولة لإجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأضاف: "نحن لا نحتاج إلى أراضيهم. لا نريد أن ننقل حياتنا إلى هناك"، وذلك خلال أول مقابلة فردية له منذ الحرب الروسية الأوكرانية. وأوضح بخصوص الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا حاليا في روسيا: "في الوقت الحالي، نحن بحاجة إليها“.
وقال زيلينسكي إن أوكرانيا "ستحتفظ" بالأراضي لأنها جزء لا يتجزأ من "خطة النصر التي وضعها لإنهاء الحرب، مضيفًا أنه سيعرض الاقتراح على الشركاء الدوليين كالولايات المتحدة.
ماذا حصل في كورسك؟
اجتاحت القوات الأوكرانية منطقة كورسك الروسية منذ شهر تقريبا في عملية سرية شكّلت تحديًا للأوضاع الراهنة للحرب المستمرة منذ عامين ونصف.
تدعي كييف الآن أنها تسيطر على ما يقارب ال 500 ميل مربع (ما يساوي 1295 كيلومترا مربعا) من الأراضي الروسية وأخذت المئات من أسرى الحرب الروسيين.
وقال زيلينسكي، إن التوغل في كورسك في 6 آب/ أغسطس كان "ضربة استباقية" لمنع الروس من إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود الأوكرانية.
ومع تكثيف كييف هجماتها على المناطق الحدودية الروسية، تعهد بوتين بالسيطرة على الأراضي الحدودية الأوكرانية لوقف الاعتداءات.
أهمية عنصر "المفاجأة" عند السيطرة على أراضي العدو
قال زيلينسكيK إنه لا يستطيع مناقشة ما إذا كانت أوكرانيا تخطط لمحاولة الاستيلاء على المزيد من الأراضي الروسية. وأوضح: "لن أجيب، أنا آسف.. مع فائق الاحترام، لا يمكنني التطرق إلى ذلك... أعتقد أن النجاح مرتبط بعنصر المفاجأة".
وأضاف زيلينسكي أيضًا لشبكة "إن بي سي نيوز"، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تكن على علم بخطط العبور إلى روسيا مسبقًا وإن الأمر كان سرًا حتى على المستوى الداخلي الأوكراني.
وبين أن حتى أجهزة الاستخبارات الأوكرانية لم تكن على علم بها. وأضاف زيلينسكي خلال المقابلة أنه قلص قدر الإمكان دائرة الأشخاص الذين كانوا على علم بالعبور إلى كورسك، وأوضح أن ذلك كان أحد أسباب نجاحها حسب قوله.
وقالت واشنطن عدة مرات إنها لم تكن على علم بخطط كييف بشأن كورسك. وقال زيلنسكي :"نعم، لم نبلغ أحدًا. والأمر لا يتعلق بانعدام الثقة". وأضاف أن الهجوم المضاد الذي شنته كييف في الصيف الماضي أخفق في نواحٍ كثيرة بسبب كثرة الحديث عنه، مما أعطى الروس فرصة للاستعداد.
مكاسب في جهة وخسائر في جهة أخرى
حاول الكرملين الحفاظ على صورة المسيطر في مواجهة التوغل الأوكراني، قائلاً إن قوات كييف تعاني من خسائر فادحة وغير عادية.
ومع ذلك، فشلت روسيا حتى الآن في طرد الأوكرانيين من أراضيها.
وعلى الرغم مما يُنظر إليه على أنه نجاح لأوكرانيا في روسيا بالعموم، إلا أنها ما تزال تخسر الأراضي شرقا، وتقترب قوات روسيا من السيطرة على مركز بوكروفسك اللوجستي الرئيسي وتوريتسك المجاورة في منطقة دونيتسك.
وقال زيلينسكي إن أحد أهداف التوغل في الأراضي الروسية هو إجبار موسكو على سحب قواتها من على طول خط الجبهة الممتد على مسافة 600 ميل في أوكرانيا، وخاصة لجهة الشرق.
وقال إنه بالرغم من تحويل روسيا 60 ألف جندي من أوكرانيا إلى كورسك، إلا أن بوكروفسك لم تشهد تراجعاً كبيراً.
ولم تتمكن شبكة "إن بي سي نيوز"، التي أجرت هذه المقابلة الخاصة والحصرية مع الرئيس الأوكراني من التحقق من هذا الرقم.
وقال بوتين إن قواته في الشرق تتقدم بشكل أسرع مما كانت عليه منذ فترة طويلة يوم الاثنين.
حتى الآن، وبعد مرور أكثر من 30 شهرًا على الحرب الروسية الأوكرانية، ما تزال موسكو تسيطر على حوالي خُمس أراضي أوكرانيا، بعد أن ضمت أجزاء كبيرة منها بشكل غير قانوني. وتتعرض المدن والقرى الأوكرانية للقصف بشكل شبه يومي، وأودت الضربة الأخيرة على مدينة بولتافا وسط البلاد يوم الثلاثاء بحياة 51 شخصًا على الأقل.
هل من مفاوضات سلام في الأفق؟
مع تزايد حدة التوتر والإنهاك في الحرب في الوقت الذي تعاني فيه أوكرانيا في تجنيد ما يكفي من القوات لمواصلة الحرب، تزايد الحديث عن مفاوضات السلام.
لكن أوكرانيا أصرت على أنها لا تريد المشاركة فيها إلا من موقع قوة، ويمكن لسيطرتها على الأراضي الروسية أن يجعلها في الموقع الذي تسعى إليه.
ومن المتوقع أن تعقد قمة سلام ثانية في تشرين الثاني نوفمبر -وكانت الأولى في سويسرا في حزيران يونيو- وقال زيلينسكي لشبكة إن بي سي نيوز إن ممثلين عن روسيا يجب أن يحضروا. وقال: "نحن ندرك أنه بدون الجانب الروسي، فإن إنهاء هذه الحرب دبلوماسيًا أمر صعب للغاية".
وقال العديد من المسؤولين الروس إن مفاوضات السلام مستحيلة بعد غزو أوكرانيا لكورسك.