زوجي شاذ

منذ 2 أشهر 69

زوجي شاذ


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/9/2024 ميلادي - 4/3/1446 هجري

الزيارات: 33


السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة قادها الشك في زوجها إلى البحث في جواله، فوجدت محادثات بينه وبين شابٍّ، فيها حبُّ وذلٌّ وتعلُّق، ولَما واجهته بذلك أنكر، وهي تفكر في الطلاق، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ سنة، راودني الشكُّ في زوجي؛ فتفقَّدت جواله، فرأيتُ محادثة له من شابٍّ في السادسة عشرة من عمره، يعاتبه فيها كأنه زوجته، ويترجاه أن يرد على مكالماته، وأن يقابله، حتى إنه ينفق عليه ويرسل إليه طعامًا، ومن كلماته إليه: "هذا الحب الذي كنت تقول عنه"، "ليتني أموت"، "اذبحني لأتخلص من هذا العذاب"، وكلام آخر كثير، ليس كلام الصديق لصديقه، بل هو ذل وتهديد وحب، ولما واجهت زوجي، تذرع بالكذب، وأنا الآن أفكر في الانفصال، فما الحل؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإن كنتِ صادقة في كل ما ذكرتِهِ، فقد يكون زوجكِ معجبًا بجمال هذا الشاب، وأحبه لجماله، وأما الحكم عليه بأنه تجاوز مجرد الإعجاب لأمور أخرى، فيصعب، إلا على من اطلع على تفاصيل دقيقة من حالة زوجكِ.

وأيًّا كان الأمر أكان مجرد إعجاب وحب على ورق، أم كان غير ذلك، فلعل العلاج يكون بمشيئة الله بالأمور الآتية:

الأول: النظر إليه على أنه مفتون ومريض مسكين، يحتاج لعلاج إيماني ونفسي، وأعظم ما تعالجينه به هو الدعاء له بإلحاحٍ وصدق، ولا تتقالي شأن الدعاء؛ فزوجكِ يحتاج للشفاء، والشافي هو الله سبحانه؛ كما قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

الثاني: تذكيره ووعظه وتحذيره بحكمة وموعظة حسنة بعاقبة مثل هذه العلاقات المشينة في الدنيا والآخرة؛ في الدنيا بالأمراض المستعصية، وبسوء السمعة، وبنقل الأمراض لنفسه ولزوجته، وبتشتت الذهن عن معالي الأمور من عبادة وعلم نافع، وعمل صالح، وعن إسعاد زوجته والاستعفاف بها، وفي الآخرة بالعذاب الأليم، ولعل الموعظة حتى تثمر بإذن الله تُنوَّع؛ مرة بكلام هادئ، ومرة بمقطع مؤثر عن سوء عواقب هذه العلاقات في الدنيا وفي الآخرة، وهكذا.

الثالث: اجتهدي في إعفافه، والتزيُّن له، حتى يستعف بكِ عن العلاقات المشبوهة.

الرابع: قول زوجكِ: ليتني أموت أو اذبحني لأتخلص من العذاب يدل بوضوح على أنه مفتون فعلًا بهذا الحب الشاذ، وأن هذا الحب الشاذ أورثه قلقًا وتشتتًا وكآبة، وكما عبر عنها (عذاب)، وهي فعلًا عذاب، وأنه يريد الخلاص من ذلك، ولكن لا يعرف طريق الخلاص الحقيقي.

خامسًا: ولذا فعليكِ سلوك طريق الحكمة في نصحه، وانتشاله من هذا العذاب الأليم الذي غرق في مستنقعه، واشتد ألمه منه؛ فكما أن الله سبحانه عبَّر عن السعادة في الحياة الزوجية بأجمل تعبير؛ بقوله سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، فجعل سبحانه الحياة الزوجية سكنًا ومودة، ورحمة واستعفافًا - فإن العلاقات المحرَّمة نكد وعذاب، وتشتت وقلق؛ جزاءً دنيويًّا على مخالفة شرع الله سبحانه، ثم جزاء أخرويًّا أشد وأنكى.

السادس: أذكر أن شابًّا قال لآخر: (أنت غير مضبوط)، قال: لماذا أنا غير مضبوط؟ فأجابه: لأنك صاحب علاقات شاذة، فماذا قال الآخر؟ قال: والله إني متضايق من هذه العلاقة، وأرجو أن أتخلص منها.

هذه هي باختصار حال زوجكِ، فتألمي له، وأكثري من الدعاء له، والنصح له بالحكمة والاجتهاد في إعفافه.

السابع: إن تيسر الإيعاز لخطيب الجامع أن يجعل خطبة الجمعة عن عواقب العلاقات المحرمة والشاذة، فلعل في ذلك إيقاظًا لزوجكِ ونفعًا له.

الثامن: قد يكون زوجكِ يعيش فراغًا عاطفيًّا؛ فاجتهدي في سدِّه، بحسن العلاقة والتودد والتلطف، والرومانسيات والإعفاف.

تاسعًا: انتبهي لمسألة مهمة جدًّا جدًّا؛ وهي أن ضعف الإيمان وضعف العبادات سبب لتسلط شياطين الجن والإنس، وسبب عظيم للوقوع في الموبقات؛ ولذا فلا بد من تقوية إيمان زوجكِ، والتأكيد عليه بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها في المساجد؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ كما قال سبحانه: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

والذي لا يصلي أو تضعف محافظته على الصلاة تنفتح له أبواب الشبهات والشهوات على مصراعيها؛ لعدم وجود الحاجز عنها أو ضعفه.

عاشرًا: أخيرًا أؤكد مسالة أخرى مهمة جدًّا؛ وهي لزوم الحكمة في نصحه وعدم تسفيهه؛ لأن التسفيه إعانة للشيطان عليه ليستمر في غيِّه.

أحد عشر: فإنْ بعد بَذْلِ هذه الجهود مدة طويلة، وجدتِ تحسُّنًا، وهو المؤمل في زوجكِ إن شاء الله، فالحمد لله استمري ولا تيأسي، وإن وجدتِ عنادًا واستكبارًا، فالأمر إليكِ في تقدير المصالح والمفاسد، مع الاستخارة كثيرًا، ولن يخيبكِ الله، سيدلكِ على ما فيه خير لكما.

ملحوظة مهمة:

من خلال مشاكل الشذوذ التي عُرضت عليَّ سابقًا تبين لي أن بعض من يقعون في مثل العلاقات الشاذة تكون وقتية، لأسباب أدت إليها، ثم تنتهي بإذن الله، ولعل زوجكِ حفظه الله يكون منهم بمشيئة الله، وبعضهم تكون مرضًا متأصلًا يستمر معه.

حفِظكما الله، وشفى زوجكِ، وفرَّج كربتكما، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.