زوجتي مصابة بمرض نفسي

منذ 1 سنة 233

زوجتي مصابة بمرض نفسي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/4/2023 ميلادي - 5/10/1444 هجري

الزيارات: 28



السؤال:

الملخص:

رجل متزوج، زوجته كانت مصابة بالاكتئاب قبل الزواج، بعد ثلاث سنوات من الزواج، لاحظ أنها تفعل أشياءَ غير معتادة عند مَللها أو غضبها من الحياة الزوجية؛ كضرب نفسها، أو تكسير الأثاث، وما إلى ذلك، وتترك الصلاة أيامًا، وقد نصحها بلطف في تركها للصلاة، فأبت عليه، وهددته بالرِّدَّة، وأنه إن طلَّقها فسوف تنتحر، وهو يسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا الآن في غربة عن بلدي؛ طلبًا للعلم في إحدى الجامعات الإسلامية المشهورة في البلاد العربية في مرحلة الماجستير، قبل ثلاث سنوات تزوجتُ، والحمد لله رُزقتُ بنتين، زوجتي امرأة عادية ليست طالبةَ علمٍ، وهي ابنة أستاذي في قريتي، قبل الزواج أعْلَمَتْني أنها كانت مصابة بمرض بالاكتئاب، ولكنها تحسَّنت، حينها لم يكن عندي تصور كامل لهذا المرض، وطالما تحسنت حالتها، فإن شاء الله يكون خيرًا في المستقبل، قررنا العيش في بلد أدرس فيه حتى إتمام دراستي، في أثناء تلك الأوقات وجدت من زوجتي أمورًا غير عادية؛ فحين أصابها شيء من الملل والتعب والغضب بسبب الأمور الأسرية، قامت بأفعال غريبة؛ كضرب نفسها، أو رمي وتكسير أثاث البيت، وعدم إقامة الصلاة أيامًا، حاولت أن أتعامل معها بلُطفٍ، وأُشهِد الله أني لم أضربها أو أصرخ في وجهها يومًا، تفاقم الأمر مع وجود البنتين، الآن حالتها النفسية غير مستقرة، ولا تريد أن تصلي، حينما حاولت أن أدعوها إلى الصلاة أبَتْ ذلك دون ذكر سبب، وحينما شدَّدت عليها وذكرت لها الوعيد في الآخرة، هدَّدتْني بالرِّدَّة، وحينما عرضت عليها الفراق هددتني بالانتحار، أنا لا أدري ما الذي يجب عليَّ أن أفعل، أنا أخشى على بنتيَّ وعلى نفسها وعلى نفسي، أخاف أن أكون سببًا في انتحار شخص أو رِدَّتِه، مع العلم أن حالتنا الاقتصادية محدودة، أفتونا مأجورين: ماذا ينبغي أن أفعل كي أرضيَ الله عز وجل؟ وما حكم عدم إقامة زوجتي الصلواتِ الخمس؟ وهل تؤثر في علاقتنا الزوجية؟ علمًا بأنني ما زلت أتلطف بها؛ رجاءَ أن ترجع إلى الله وإلى رشدها، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتك هو:

1- زوجتك مريضة نفسيًّا.

2- تزوجتها وأنت تعلم أن بها بقايا المرض، ولكنك ما كنت تفهم حقيقته ولا آثاره السلبية.

3- لحظت أنها عندما توجد مشكلة ما تنفعل وتصرخ وتُكسر الأواني.

4- حالتها النفسية غير مستقرة ولا تصلي.

5- عندما نصحتها ورهبتها من النار، هددت بالرِّدَّة.

6- وحينما عرضت عليها أن تطلقها هددت بالانتحار.

7- يبدو أنك تفكر جديًّا في تطليقها، لكنك تخشى من تنفيذِها تهديدَها لك بالانتحار، وتخشى أن تكون سببًا في انتحارها أو رِدَّتها.

8- وتسأل عن حكم ترك زوجتك للصلاة، وهل يؤثر ذلك على علاقتكما الزوجية.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: لا شك أنك أخطأت في زواجك من امرأة تُعاني من بقايا مرضٍ نفسي؛ لأن هذه الأمراض النفسية في الغالب تُعاود المبتلى بها ما بين زيادة ونقص، وتؤثر بشكل جذري على استقرار الحياة الزوجية، وعلى تحقيق أهدافها العظيمة؛ من سكنٍ ومودةٍ، ورحمة واستعفاف؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

ففقدان هذه الأمور مُتعبٌ ومؤرق جدًّا للزوجين.

ثانيًا: تركها للصلاة مُنكرٌ وكبيرة، وعند جمع من العلماء كفرٌ مُخرِج من الإسلام، ولكن يُنظر في حالتها الخاصة، هل تركها هو بسبب تأثير مرضها أو هو جحود لوجوبها؟ إن كان جحودًا فصنيعها هذا كفر باتفاق العلماء، وفي هذه الحالة لا يجوز البقاء معها، وإن كان بسبب المرض النفسي فقط، فينبغي التماس العلاج لها من أدوية نفسية، ورقية شرعية، وأعظم منهما الدعاء بإلحاح لها.

ثالثًا: قلت: إنها بعد نصحك لها بالمحافظة على الصلاة، وترهيبك لها من النار، هدَّدتْك بالانتحار والردة عن الإسلام، فأقول: إن كان هذا التهديد جاء بسبب حالتها النفسية، فقد يُلتمس لها العذر مؤقتًا، وإن كان هذا التهديد قد صدر عن وعيٍ كامل، فهذه امرأة تحتاج للنصائح المتوالية برفق وحكمة، فإن أصرت على ترك الصلاة رغبة عنها بدون تأثير المرض، فهذه امرأة لا خيرَ فيها.

رابعًا: بعد عرضك عليها الطلاق هددتْ بالانتحار، وهذا التهديد صادر عن تبِعاتِ المرض النفسي، ولذا فلا يَحسُن مشاورتها في الطلاق ولا في غيره.

خامسًا: قولك: إنك تخاف أن تكون سببًا لردة شخص أو لانتحاره؛ هذا القول غير مُسلَّم لك، وعليك نصحها، وأن تتصرف معها بما ترى فيه مصلحة لك ولزوجتك ولبناتك.

سادسًا: وكون زوجتك ترتدُّ أو تنتحر بعد النصيحة أو بعد الطلاق، فلا مسؤولية عليك بسببه، بل هي التي تتحمل مسؤوليتها كاملة عن ذلك.

سابعًا: وربما دلَّ الإقدام على شيء منهما على ضعف إيمانها، وضعف قناعتها بالأوامر الشرعية، وربما دل على أنها كانت مهيئة أصلًا للردة أو الانتحار، ولكن تخافهما.

ثامنًا: موضوعك متأرجِح بين مصلحتك في وجود السكن والمودة، والرحمة والاستعفاف، وبين مصلحة زوجتك وبناتك، لذا فلعلك تفوِّض الأمر لله سبحانه بالاستخارة في البقاء معها، أو مفارقتها.

شفى الله زوجتك شفاءً لا يغادر سقمًا، وفرَّج كربتك، ودلَّك على الصواب.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.