استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 6/1/2024 ميلادي - 24/6/1445 هجري
الزيارات: 151
♦ الملخص:
فتاة عرَفت عن طريق موقعٍ من مواقع الزواج رجلًا متزوجًا يبحث عن زوجة ثانية، وهو يريد أن يتزوجها عبر الهاتف، دون أن يأتيَ إليها، بل هي التي تذهب إليه، وتصف والديها بأنهما معقدان؛ لذا لن يوافقا، وتسأل: ما الرأي؟
♦ التفاصيل:
أنا فتاة في السابعة والعشرين من عمري، تعرَّفت على شاب على موقع زواج، هذا الشاب متزوج، ولديه ثلاث بنات صغيرات، ويبحث عن زوجة ثانية، وقد أَعْلَمَ زوجتَه بأنه يريد الزواج مرة ثانية، ثمة توافق بيننا، لكنه يريد أن يخطبني هاتفيًّا، وقد طلبت إليه أن يسافر ويقدم عليَّ، لكنه يأبى ويريد مني أن أسافر إليه، أبواي من الشخصيات الصعبة جدًّا، سيما أبي، فهو شخص معقَّدٌ وصعب، ولكن لا أستطيع أن أقدِّمَهُ لأبي عبر الهاتف، أريد الزواج والسَّتْرَ والعفاف، ساعدوني، فأنا تائهة، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
1- تعرفتِ عن طريق موقع زواج على رجل يريد الزواج منكِ زوجةً ثانية، وتقولين: إن بينكما توافقًا.
2- طلبتِ منه القدوم إليكم ليخطبكِ من أهلكِ، فاعتذر وطلب منكِ السفر إليه.
3- وتقولين: لا تستطيعين السفر إليه؛ لأن والدكِ صعب ومُعقد.
4- وهذا الرجل يريد أن يخطبكِ هاتفيًّا فقط.
5- يبدو أن حاجتكِ الماسة للسكن والمودة، والرحمة والعاطفة، والاستعفاف - ألجأتكِ لهذه المواقع؛ بحثًا عن فارس أحلامكِ لعلكِ تظفرين به.
6- وتقولين: إنكِ تريدين الستر والعفاف، ومساعدتنا لكِ؛ لأنكِ تائهة.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: الزواج عن طريق هذه المواقع قد حصلت عن طريقه زواجات صحيحة مباركة، ولكنه من حوادث مأساوية كثيرة أخرى يبقى طريقًا محفوفًا بالمخاطر، فكوني على حذر شديد.
ثانيًا: سبق أن وصلت إليَّ شكاوى من مشكلات ترتَّبت على الزواج عن طريق هذه المواقع، أو عن طريق صفحات الدردشة، أو عن طريق الخطابات، وغيرها.
والسبب يعود إلى أن كلًّا من الخاطبين يُظهر أحسن ما لديه، وقد يُبالغ فيه، وقد يكذب في ذلك، فإذا ما تم الزواج، بانت الحقائق المُرَّة المخفيَّة، والأخلاق السيئة؛ من فظاظة، وغلظة، وجفاءٍ، وظلم، وضرب، وعلاقات محرمة...
وجلست المسكينة تبكي ليلًا ونهارًا، وتندُب حظَّها العاثر، وتبحث عن حلول تُنقذها، ولذا فأقول: احذَري ثم احذري ثم احذري، لا يُغرنَّكِ معسولُ كلامِهم البرَّاق، فربما وراءه السُّمُّ الزُّعاف.
ثالثًا: يبدو واضحًا من أسلوب تعامُله معكِ، وعدم رغبته في القدوم إليكِ ليخطبكِ رسميًّا، ثم طلبه منكِ أن تأتي أنتِ إليه - يبدو من كل ذلكِ أنه ليس إنسانًا جادًّا، ولا أهلًا لتحمل المسؤوليات المترتبة على الزواج، ويبدو كذلك أنه خائف جدًّا من الإقدام على الزواج منكِ، أو متردد، فضَعي على تصرفاته هذه ألفَ علامة استفهام، وتعجب، واحذري أشد الحذر.
رابعًا: الخاطب الراغب الجاد يقطع الفيافيَ، وينفق الآلاف؛ ليظفر بزوجة صالحة تُسعده ويُسعدها، أما هذا، فلا.
خامسًا: قولكِ: إن والدكِ مُعقد وصعبٌ غيرٌ مُسلَّم لكِ، بل أفكار مراهقة، ونتيجة سيئة للانفتاح على وسائل التواصل، وما فيها من تحريض على القيم والأخلاق، وعصيان الوالدين، والنظر إليهما على أنهما جاهلان ومعقدان...
سادسًا: اعلمي - وفقكِ الله - أن والدكِ - إن شاء الله - رجل صالح حريص على الأمانة التي بين يديه، لا يفرط فيها، ولا يُسْلِمها للذئاب، وليس أبدًا كما قلتِ معقدًا وصعبًا، فأحسني الظن به، واشكريه، وادعي له، واتركي عنكِ الاستسلام لعواطف المراهقة، ودغدغات كلام رجل قد يُبطِن لكِ أكثر مما يبدي، وأنتِ لا تدرين ما عواقبه.
سابعًا: اعلمي - حفظكِ الله - أن الزوج المكتوب سيأتيكِ حتمًا لن يمنعه أحدٌ أبدًا؛ لقوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
وهذه الطرق المُحدثة في الزواج عليها مآخذُ كثيرة، ولا تُؤمَن عواقبها، ولن تأتي لكِ بزوج لم يُقدره الله لك.
ثامنًا: وبدلًا من هذه الطرق، اسلكي الطرق الشرعية المأمونة؛ التي منها:
1- الدعاء وهو أعظمها.
2- الاستغفار.
3- الاسترجاع.
4- الصدقة.
تاسعًا: ومع هذه الأسباب إن وُجِدَ في بلدكم جمعيات موثوقة تتبنى البحث للنساء وللرجال عن أزواج ثقات جادين، فلا بأس بعرض أمركِ عليهم؛ لعلهم يجدون الزوج المناسب.
عاشرًا: أما الخطَّاب والخطَّابات عبر الإنترنت، فلا أنصح بهم أبدًا؛ لأن أغلبهم ليس لهم همٌّ إلا جمع المال، ويُخفون العيوب، ويبرزون المحاسن ويضخمونها.
حادي عشر: قد أبدو قسوتُ عليكِ، ولكن أبدًا لم أقسُ عليكِ، ولكني نصحت لكِ، وكأنكِ ابنتي؛ لأني كمستشار أسري أعلم من خفايا هذه الأمور ومآسيها ما لا تعلمينه، ولا تدرين عواقبه المؤلمة.
حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا تقر به عينكِ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره.