زلازل الشام وتركيا... لحظة ذهول

منذ 1 سنة 345

وكأن اللاجئين السوريين كان ينقصهم هذا البلاء الذي نزل على أسقف منازلهم المتهالكة في هذا الشتاء الجارح، فـ«ماتوا نياماً» كما قال تقرير صحافي أميركي، تحت ضربات الزلزال الرهيب الذي انقضّ على الناس في جنوب تركيا وشمال سوريا. زلزال مدمّر ضرب جانبي الحدود ليلة الأحد وتبعه زلزال قوي آخر صباح الاثنين، حصد آلاف القتلى والجرحى، وأثارا ذعراً واسعاً بين الأتراك والسوريين، بلغت قوة الأول 7.8 والثاني 7.6 درجة على مقياس ريختر. أعلنت تركيا ارتفاع عدد قتلى الزلزالين إلى 2316، وأفيد بمقتل أكثر من 960 شخصاً وإصابة 2400 آخرين على الأقل في أنحاء سوريا، في حصيلة غير نهائية أعلنتها وزارة الصحة السورية التابعة للنظام، وفرق إغاثة في مناطق سيطرة المعارضة. الزلزالان ضربا بلدتي بازارجيك وألبيستان في ولاية كهرمان ماراش جنوب تركيا، لكن قوتهما التدميرية امتدت إلى 10 ولايات ووصلت لعدد من الدول المحيطة، حيث تأثرت مناطق شمال سوريا المتاخمة للحدود التركية، وشعر سكان كل من لبنان والعراق وفلسطين وبعض المناطق في مصر واليونان وقبرص وأرمينيا وجورجيا بهما. التقرير الذي أعدته مراسلة جريدة «الإندبندنت» في الشرق الأوسط، بيل ترو، نقل عن إسماعيل عبد الله، من مدينة إدلب شمالي سوريا، قوله إن الزلزال هو «يوم القيامة»!
الزلازل في جنوب تركيا وبلاد الشام، ليست حديثة، إذ لها سجل تاريخي مرعب قديم، ومتكرر، تحدث عنه المؤرخون من المسلمين وغيرهم، ويذكر شمس الدين الذهبي، العالم الدمشقي الكبير (توفي 1348م) الكثير من سنوات الزلزال، أو الزلزلة كما يصف، في بلاد الشام، ذهب ضحيتها آلاف الناس، والناس حينذاك يسكنون بيوتاً غالباً من دور أو دورين، فما بالك اليوم مع عمارات سيئة البناء تتكون من 5 أو 10 أدوار؟
مثلاً في عام 1170 في سوريا حدث زلزال رهيب ذهب ضحيته حوالي 200 ألف إنسان. لكن الذي يحزّ في النفس اليوم، ذهاب البسطاء والأبرياء، من الأتراك والسوريين الذين لا شأن لهم بالسياسة وصراعات الجماعات والأنظمة والقوى العالمية على الأرض السورية، بل هربوا منها شمالاً أو داخل تركيا، فلحقهم هذا البلاء المقيم الصاعق المفاجئ.
من الطبيعي أن يبادر العرب قبل غيرهم للتعاطف ومدّ يد العون لهؤلاء المنكوبين، الذين تظافرت عليهم عوادي الزمان وخبائث السياسة وكوارث الطبيعة، وكذلك يسارع للغوث كل الأسوياء من بني البشر. المشاهد المنقولة عن هذه الفاجعة، تدمي القلب وتذيب المهج، فلك الله أيها «الإنسان» التركي والسوري البسيط.