رمضان الموريتانيين... طوفان "بودكاست" ونقص في الخضراوات والبيض

منذ 7 أشهر 77

ملخص

انقسم رمضان الموريتانيين هذا العام بين تخمة في المعروض من الـ "بودكاست" وأخبار ارتفاع أسعار البيض والخضراوات التي زادت معاناتهم خلال هذا الشهر ليتضاعف إنفاقهم هذا العام ويصل إلى مستويات غير مسبوقة.

أستديو بث صغير به مقعدان متقابلان تتوسطهما طاولة ومكيروفونان أمام صحافي وضيف، وفجأة تُطلق إشارة البداية بموسيقى مميزة، ويبدأ كثير من الكلام، ولا شيء غير رواية القصص، مشاهير وآخرون محدودو الانتشار والتأثير، ولا أحد من الموريتانيين يتذكر اليوم اسم "بودكاست" واحد لهؤلاء إلا في ما ندر.

في العاصمة نواكشوط حيث النفاذ الكبير إلى الإنترنت، لا شيء يعلو على الـ "بودكاست" في رمضان، إذ اكتسحت عشرات المقاطع المشهد الإعلامي الرقمي في بلد لم يرتبط ثلث سكانه بعد بشبكات التواصل الاجتماعي.

وتنافست عشرات المنصات على جذب اهتمام المتلقي الموريتاني عبر تقديم حلقات من هذا المنتج الإعلامي الجديد على الموريتانيين، لكن حجم الانزعاج من ضحالة المحتوى سيطر على انطباع رواد الشبكات الاجتماعية في البلاد.

استثناء يؤكد القاعدة

وانقسم رمضان الموريتانيين هذا العام ما بين تخمة في المعروض من الـ "بودكاست" وأخبار ارتفاع أسعار البيض والخضراوات الذي زاد معاناة الموريتانيين خلال هذا الشهر، إذ تضاعف إنفاقهم ليصل هذا العام إلى مستويات غير مسبوقة، بحسب بعض أرباب الأسر.

يقول سليمان محمود، وهو إداري محلي وأب لأسرة، "أتابع بودكاست ’تكملة‘ الذي تبثه ’صحراء ميديا‘ وراقتني جداً مواضيع نقاشاته وحجم وتجارب ضيوفه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد حظي هذا الـ "بودكاست" بمتابعة واهتمام النخب الموريتانية التي أشادت بضيوفه ومقدمه الذي اختار مواضيع من التاريخ السياسي المعاصر في موريتانيا، ومن دون مقدمات اكتسحت كلمة "بودكاست" سماء المشهد الإعلامي الموريتاني إذ أصبح لكل مؤسسة إعلامية "بودكاست" خاص بها، ويقول معد ومقدم "بودكاست تكملة" الشيخ محمد حرمه، "أنا سعيد جداً بهذا الإقبال فهو يثبت أن الفكرة التي انطلقنا منها عندما بدأنا إنتاج ’تكملة‘ كانت سليمة، وأننا استثمرنا الوقت والجهد في مشروع ثبت مدى تقبله من طرف المتلقي".

ويضيف، "قد يزعجني في بعض الأحيان استسهال الأمر، وإطلاق ’بودكاست‘ على أية مقابلة من دون وضع اعتبار للفكرة الجوهرية للمقطع".

ويبرر الإعلامي الموريتاني محمد الدده شيوع الـ "بودكاست" في موريتانيا بأنه "عائد لتوق الصحافيين الشباب إلى خلق محتوى إعلامي مفيد، فقد تكون البدايات فعلاً صعبة ولا تلبي الطموح، لكن الآتي سيكون أفضل".

أين الخضراوات؟

شتت غلاء أسعار الخضراوات انتباه الموريتانيين وحرمهم متابعة جديد الإنتاج الإعلامي في الموسم الرمضاني هذا العام، ويقول سيد محمد المهدي، وهو رب أسرة، إن "الفرق بين تدخل الحكومة خلال الأعوام الماضية والفترة الأخيرة أن المراقبين لحوانيت رمضان كانوا أكثر من البائعين، وكان هناك مراقب دوري في المقاطعة ككل، وكذلك مراقب لحوانيت عدة في حي واحد، ومراقب مباشر في الحانوت يشرف عليه، وهذه الرقابة لم تعد موجودة منذ عام 2020".

1_(12).jpg

ويضيف، "كانت هناك لجان لمراقبة الأسعار التي تحدد من طرف الوزارة، وكان المسؤول يخاف، ابتداء بالوزير ومروراً بالمدير وحتى المشرفين، أما اليوم فقد زال الخوف عن الجميع". معتبراً أن "وزارة التجارة استقالت من مهماتها".

ولتخفيف أزمة ارتفاع أسعار بعض الخضراوات والبيض تدخلت الحكومة بالتعاون مع اتحاد أرباب العمل الموريتانيين وشركات من القطاع الخاص وفتحوا معرضاً لبيع هذه المواد بأسعار منخفضة، لكن انتقادات شعبية طاولت الطريقة التي ينظم بها دخول المواطنين الى المعرض وعدم عمليتها.

وتطالب منينة أحمد، وهي معيلة أسرة، بفرض رقابة من قبل وزارة التجارة و "اتحاد أرباب العمل" لتثبيت الأسعار، وبحسبها فإن المضاربات تلعب دوراً كبيرا في رفع الأسعار على المواطن، إذ لا تصل البضائع إليه إلا بعد أن ترتفع قيمتها بشكل كبير نتيجة عدم تطبيق قوائم الأسعار من قبل "الاتحاد الوطني لأرباب العمل".

أعز المفقودين

وخلال الأسبوع الأول من رمضان قفزت أسعار البيض إلى الضعف تقريباً في أسواق العاصمة نواكشوط، وبحسب القاسم محمدي، وهو تاجر جملة في سوق البيض بالعاصمة، فإن ذلك عائد لأن البيض المستورد من إسبانيا أو المغرب جاء مثلجاً وفق المعايير الصحية على رغم المسافة الطويلة، وفي مدينة نواذيبو تباع علبة البيض بـ1650 أوقية (4.7 دولار)، أي 1375 أوقية ( 3.92 دولار) بالنسبة إلى صفيحة البيض، ومن ثم يرفع التاجر سعر الصفيحة إلى 160 أوقية (4.57 دولار).

AFP__20230422__33DM9UU__v1__Preview__MauritaniaReligionIslamEid.jpg

واتهم مواطنون على شبكات التواصل الاجتماعي شركة موريتانية للدواجن بتضييق دخول البيض الأجنبي لفرض تسعيرتهم الخاصة، وبحسب هؤلاء فقد ارتفع السعر خلال الأسبوع الثاني من رمضان ليصل إلى الضعف تقريباً.

بدوره رد رئيس "الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين" زين العابدين الشيخ أحمد على الاتهامات التي طاولته والاتحاد الذي يترأسه بالمسؤولية عن رفع الأسعار، بالتأكيد على أن "الأسعار في عمومها مستقرة، كما أن التموين في المخازن للمواد الغذائية يكفي لعام كامل، وهو ما يجعله في أحسن أحواله".

وأضاف ولد الشيخ خلال مؤتمر صحافي عقده قبل أيام في نواكشوط أن "أسعار الخضراوات وبعض المواد الغذائية الأساس شهدت انخفاضاً مع بداية شهر رمضان"، مردفاً أن الدولة وافرت كل المستلزمات التي تضمن العمل على الاكتفاء الذاتي من الخضراوات، إذ بدأت التجربة الفعلية من خلال مستثمرين وطنيين يخططون للوصول إلى ذلك نهاية العام المقبل".