رفع الوصاية

منذ 1 سنة 183

مسؤولو العالم العربي ينظرون بتوجس للإعلام، فبقدر ما ينظرون إلى الإعلام بوصفه صديقاً، يرونه عدواً بالقدر ذاته أو أكثر، ولك أن تتخيل أن رئيس تحرير صحيفة في عالمنا العربي أصبح رئيس جمهورية دولة كبرى في العالم العربي.

ولنبدأ الحكاية، فبعد الثورة المصرية في 23 يوليو (تموز) سنة 1952 ميلادية، عَيّن عبد الناصر عضوَ مجلس قيادة الثورة أنور السادات رئيساً لتحرير صحيفة «الجمهورية». رئيس تحرير صحيفة الجمهورية أنور السادات أصبح فيما بعد رئيساً لجمهورية مصر العربية، وخاض حرب أكتوبر 1973 ميلادية التي أكسبته شهرة عالمية وعربية بالطبع، هذا يريك أيها القارئ الكريم مدى توجس وحساسية العالم العربي من الإعلام، ويختصر علينا حكاية الشرح.

في السعودية، بدا الأمر مشابهاً لذلك وإن كان أقل حدة، فوُلدت الصحافة السعودية ولادة طبيعية، بوصفها «صحافة أفراد» دفعتهم الهواية فقط، ونظراً لظروف الطباعة الصعبة في ذلك الوقت، ركّزت الصحافة السعودية على الرأي دون الخبر، كون صف الحروف يتم يدوياً ولعدم قدرة مؤسس الصحيفة على تعيين كثير من المراسلين.

ولنوضح التسامح السعودي مع الإعلام، رخّص مجلس الوزراء السعودي عام 1381 هجرية، الموافق 1961 ميلادية، لأول إذاعة محلية خاصة عُرفت باسم «إذاعة طامي» وأنشأها المواطن السعودي عبد الله العويد، واستمرت في العمل 3 سنوات، وكانت تهتم بالشأن المحلي المغرق في المحلية، وكان لها صدى واسع، ورغم تواضع الإمكانيات كانت أحياناً تُسمع في بعض دول الخليج.

ونظراً لقصر عمر صحافة الأفراد أو «الإعلام الفردي»، بحكم عدم قدرة الفرد على تمويل الصحيفة، تم إنشاء صحافة المؤسسات التي أصبحت تُدار وفق معايير اقتصادية، إضافة إلى أهدافها الأخرى بالطبع.

وتكونت مجالس إدارات من المساهمين الذين يملكون أسهم دار النشر، كل وفق حصته. ما يهم في الأمر أن المساهم لا يمكنه بيع حصته أو توريثها إلا بموافقة وزارة الإعلام، وهذا يوضح أن هناك حذراً ليس كبيراً من الإعلام.

ولكن يبدو أن السعودية تخلّت عن هذا الحذر ورفعت الوصاية عن الملكية الإعلامية، وهذا يمكن قراءته من خلال سماح السعودية بطرح أكبر مجموعة إعلامية في السعودية للمساهمين، وهي «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام»، حيث يتم تداول أسهمها في سوق الأسهم السعودية، مما يعني اختلاف الملاك يومياً في حالة التداول دون موافقة وزارة الإعلام، ويتم الآن تداول أخبار أن مجموعة «إم بي سي» الإعلامية بصدد طرح أسهمها للعامة وفق طرح أولي، وهو ما يعني رفع الوصاية عن الملكية الإعلامية في السعودية... ودمتم.