رغم السجالات المثقلة بملفات السياسة ودعوات المقاطعة.. مونديال قطر يحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة

منذ 1 سنة 144

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 01/12/2022 - 22:01

مونديال قطر 2022

مونديال قطر 2022   -   حقوق النشر  أ ب

من فرنسا إلى اليابان مروراً بالولايات المتحدة، يحظى مونديال قطر 2022 بمتابعة تلفزيونية مرتفعة رغم دعوات لمقاطعة النسخة الثانية والعشرين من النهائيات على خلفية السجل الحقوقي للإمارة الخليجية، ونقل الحدث من موعده التقليدي في الصيف.

وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الأسبوع الماضي "لا تزال كأس العالم تحظى بنفس الشعبية"، معتمداً بشكل خاص على عدد مشاهدي المباراة الافتتاحية التي جمعت قطر المضيفة بالإكوادور والذي ارتفع في بعض البلدان مقارنة بكأس العالم 2018 في روسيا.

والحديث عن ارتفاع عدد مشاهدي المباراة الافتتاحية يعني بشكل خاص البرازيل (24.3 مليون مشاهد كمعدل وسطي بزيادة 6 بالمئة)، المملكة المتحدة (6.3 ملايين بزيادة 57.5 بالمئة)، كولومبيا (5.5 ملايين بزيادة غير محددة) أو فرنسا (5.1 ملايين بزيادة 30 بالمئة).

ورغم هذه الأرقام، لا تزال الانتقادات تنهال على الدولة المضيفة، كما كانت الحال منذ منحها حق التنظيم عام 2010، سواء في موضوع احترام حقوق الإنسان أو حتى حماية البيئة.

لكن في الوقت الذي تنخفض فيه أرقام المشاهدة التلفزيونية لصالح الإنترنت ومنصات الفيديو، فإن "الأحداث الرياضية الكبرى تظل من بين الأحداث القليلة التي تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة" كما يؤكد لوكالة فرانس برس كريستوف لوبوتي من مركز القانون والاقتصاد الرياضي في ليموج (وسط فرنسا).

ويضيف الخبير الاقتصادي، أن هذا الواقع الذي تتم ملاحظته في كل كأس عالم أو كأس أوروبا "لا يمكن نكرانه" هذا العام أيضاً.

"خارج المنزل"

في فرنسا، حيث بلغ عدد مشاهدي المباراتين الأوليين لأبطال العالم بين 11 و13 مليوناً، "من الواضح أنه لا يوجد أي تأثير للمقاطعة" كما قال لفرانس برس فيليب باييي من مجموعة "أن بي آ" الاستشارية المتخصصة في العالم الرقمي للمحتوى والخدمات.

هذه الأرقام قريبة من نتائج 2018 وفق ما أشار لوبوتي، لكنه أفاد أنها أقل من حيث حصة الجمهور، أي نسبة مشاهدي المباراة الواحدة من جميع السكان الذين يتابعونها.

لكن نسخة 2022 تتميز في فرنسا وفق "ميدياميتري" في قياس "خارج المنزل"، أي في مشاهدة المباريات في الحانات، مع الأصدقاء... وهو أمر ملفت بالنسبة لكأس عالم.

ورأى لوبوتي أنه من دون هذا الأمر "قد نشهد انخفاضاً" في أرقام المشاهدة، مضيفاً "لا توجد مقاطعة واسعة النطاق. لن نروي قصصاً" غير واقعية بشأن المقاطعة.

في إسبانيا، تابع أكثر من 11 مليون مشاهد (60.7 المئة من حيث نسبة مشاهدي المباراة الواحدة من جميع السكان) لقاء "لا روخا" مع ألمانيا، ما يجعله "البرنامج الأكثر مشاهدة لهذا العام على جميع القنوات" في البلاد وفقاً للقناة العامة "تي في أي". 

وكانت ألمانيا حتى الآن تمثل الحالة الشاذة عن القاعدة، إذ تراجع عدد متابعي "دي مانشافت" خلف شاشات التلفزة. ففي 2018، بلغ المعدل الوسطي لعدد مشاهدي المباريات الثلاث في دور المجموعات أكثر من 26 مليوناً، مقابل 9 ملايين هذا العام في الهزيمة الافتتاحية أمام اليابان (1-2)، 17 مليوناً في التعادل مع إسبانيا (1-1).

وقد يُبرر انخفاض الحماس في ألمانيا إلى توقيت مباريات معينة، وقرار البعض بمقاطعة المونديال القطري بسبب الجدل المترافق مع السجل الحقوقي للإمارة.

لحظة فريدة

على نطاق القارة الأوروبية ووفقاً لأرقام مجلة "شالنج" الفرنسية، تابع 54 مليون أوروبي فقط المباراة الأولى لمنتخبهم الوطني، مقابل 94 مليوناً في عام 2018. لكن يجب توخي الحذر في المقارنات بين كأس عالم وأخرى، فالأرقام تختلف بشكل خاص حسب الجدول الزمني أو يوم المباريات.

بالنسبة لكريستوف لوبوتي، فهذا "جزء من سياق عالمي يتسم بانخفاض الاستهلاك التلفزيوني لهذا النوع من البرامج"، على أن تكون ذروة المتابعة للقاءات الأكثر إثارة للاهتمام مع توجه أيضاً لمشاهدة أبرز المقتطفات على الإنترنت.

وتؤكد إفريقيا أو أمريكا الجنوبية أو آسيا نفسها على أنها "أسواق حيث الطلب مرتفعاً على المحتوى الكروي العالي المستوى"، وليست معنية بالضرورة بـ "النقاشات حول المقاطعة"، خلافاً للغرب.

كما يصعب على المشجعين تجاهل "اللحظة الفريدة" التي تضع منتخباتهم في مواجهة "أفضل اللاعبين في العالم". في اليابان، تعزّزت المتابعة التلفزيونية بفضل الفوز الصادم الذي حققه "الساموراي الأزرق" على ألمانيا.

رغم التوقيت المتأخر للمباراة بالتوقيت المحلي، حصدت جمهوراً بنسبة 35.3 بالمئة في منطقة كانتو، حيث توجد طوكيو وفقاً لتقارير محلية.

عبر المحيط الأطلسي، سجل لقاء المنتخبين الأمريكي والإنجليزي رقماً قياسياً في عدد المشاهدين لمباراة كرة القدم للرجال في الولايات المتحدة، بمعدل وسطي بلغ أكثر من 15 مليون مشاهد وفقاً لشبكة "فوكس سبورتس".

وأثارت مظاهر الدعم الأخرى لمجتمع الميم وللعمال المهاجرين في قطر، غالبًا من فرق أوروبية أو مشجعين، شكوكًا عوضا عن تحقيق هدفها المتمثّل في محاولة خلق تضامن أكبر عدد من المتعاطفين في جميع أنحاء العالم. فيما اتسمت بعض الردود بعدائية واضحة مرتبطة بالطابع المحافظ للمجتمعات العربية.

وجاء في منشور كتبه تونسي على "فيسبوك"، "ضعوا أيديكم على أفواهكم وسنضع أيدينا على أنوفنا لكي لا تتسرب رائحة عنصريتكم وقضاياكم العفنة لمجتمعات عُرفت مسلمة نظيفة ولن تكون جسراً لنشر دناءة أخلاقية مخالفة للفطرة والغريزة".

وعلق الدكتور نايف بن نهار في تغريدة نشرها عبر تويتر، قائلا : "أن تنتقد بهذه الطريقة أو بأخرى ليس قضية مهمة، بل على العكس هو حق أساسي. المشكلة هنا هي في النفاق.. هل فعلت الأمر عينه عندما ذهبت إلى فرنسا التي نهبت ثروة إفريقيا؟ أم أمريكا التي جعلت مليون عراقي يعانون من الجوع؟".

وبرزت هذه الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي وسط استمرار الحملة المناهضة لاستضافة قطر للبطولة، عندما بدأ مسؤولون أوروبيون ووسائل إعلام أوروبية انتقاد سجل الإمارة الحقوقي.

وبحسب الأستاذة المساعدة للعلوم السياسية في جامعة ريتشموند في تكساس دانا الكرد، غالبا ما يكون منتقدو البطولة قد تبنوا "معايير مزدوجة" مسبقا.

وقالت لوكالة فرانس برس "النقاش حول كأس العالم في قطر - مع طرح انتقادات محقة تماما في بعض الأحيان، كان مدفوعا بالنفاق وازدواجية المعايير في كثير من الحالات"، مضيفة "أعتقد أنه سيكون إغفالًا إذا لم ندرك أن العنصرية تلعب دورًا كبيرًا هنا".

وتابعت الكرد: "هم لا يرون سوى دولة عربية يرتدي سكانها الثوب القتليدي ويفرضون استبدادا دينيا متطرفا، في حين أنّ الناس في الواقع يتصرفون بحرية تامة في الدوحة من حيث خياراتهم الشخصية".

وعبّر كثيرون عن رأي مماثل مثلا عندما وصف اللاعب الدولي السابق ساندرو فاغنر الثوب التقليدي بأنه "رداء حمام قطري"، وذلك خلال تعليقه على مباراة، ما أثار عاصفة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي دفعته الى الاعتذار في وقت لاحق.

ويقول الأستاذ في جامعة جورجتاون قطر دانييل رايش: "هناك تفاوت وظلم لكن بعض دول أوروبا الغربية لا تتحدث عن مساهمتها هي في خلق هذا الظلم".

وأضاف رايش الذي شارك في تأليف كتاب عن سياسات قطر: "عندما ننظر إلى القمصان التي ترتديها الفرق أو الكرات التي يلعبون بها، نرى أنه يتم إنتاجها في دول جنوب شرق آسيا على أيدي العمالة الرخيصة".