عكس جدران متفحمة و أسقف منهارة ونوافذ محطمة في كنيسة صغيرة تابعة لمجموعة الكوكي العرقية في الهند، مدى خطورة العنف العرقي الذي أدى إلى هجمات طائفية في ولاية مانيبور الهندية.
لقي ما لا يقلّ عن 120 شخصاً مصرعهم في ثلاثة أشهر خلال أعمال عنف عرقية في الولاية الواقعة شمال شرق الهند، بين مجموعتي الميتي ذات الغالبية الهندوسية والـكوكي وهم مسيحيون.
وأنقاض كنيسة الكوكي في امفال واحدة من بين أكثر من 220 كنيسة و17 معبدًا هندوسيًا دمرت خلال أشهر بسبب أعمال العنف، بحسب تقرير لمجلة "انديا توداي".
على الجهة الثانية من الكنيسة المحترقة، أقام القس المعمداني زوان كامانغ داماي قداس الأحد مع ثلث العدد المعتاد من رعيته من الكوكي التي تقدر بنحو 800 شخص، بعد فرار العديد منهم.
وقال "بعد اندلاع أعمال العنف، انتقلوا إلى اماكن مختلفة للنجاة بأرواحهم... إنهم يرغبون بالعودة ويريدون أن يتاح لهم العيش هنا من جديد. يرغبون بالعيش مع عائلتي".
ينتمي الكاهن إلى جماعة الناغا وهي جماعة قبلية رئيسية أخرى في المنطقة نجت إلى حد كبير من الهجمات الانتقامية.
لكن الكثير من أبناء رعيته ابتعدوا خوفاً من تكرار أعمال العنف.
ويؤكد الرجل (55 عاما) "علينا احترام كل الأديان - بغض النظر عن المسيحيين وبغض النظر عن الهندوس أو المسلمين أو أيا كان."
وقال إنه عندما يدور "نزاع هنا وهناك ... علينا تجنب مهاجمة أماكن العبادة".
اندلعت أعمال العنف في مانيبور في أيار/مايو بعد احتجاج مجموعة من الكوكي على مطالب قبيلة ميتي على امتيازات مثل حصص في الوظائف الحكومية ومقاعد في الجامعات. وزاد هذا الأمر من مخاوف الكوكي من أن تؤدي الامتيازات الى حصول الميتي على أراضٍ تابعة حاليًا لمجموعات قبلية.
وأجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار إلى معسكرات تديرها الحكومة بسبب الصراع.
وتعهد وزير الداخلية أميت شاه بإجراء "تحقيق شامل ومعمق ونزيه" في أعمال العنف مؤكداً وقوف حكومته "بجانب شعب مانيبور".
بينما تقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن سلطات الدولة بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أقرت "تشريعات مدفوعة سياسياً وتثير الانقسامات لتعزيز الغالبية الهندوسية".
ويرى كثيرون أن الانقسامات الدينية تزيد حدة المشاكل.
يعتنق غالبية الميتي الهندوسية، لكن يوجد عدد صغير من المسيحيين في صفوفهم. ويقول هؤلاء إنهم تعرضوا لهجمات أيضا.
روى "بي" وهو مسيحي من الميتي رفض الافصاح عن اسمه الكامل كيف شعر بالرعب عندما شاهد كنيسته تحترق على يد مجموعة من الغوغاء.
وقال إن الهجمات الواسعة التي استهدفت الكنائس تظهر جليا أن هناك "بعدًا دينيًا" للتوترات.
لكن آخرين قالوا إنه بينما هوجمت كنائس مجتمع الكوكي فإن كنائس الناغا مثلا لم تتعرض لهجمات.
قالت إيفا وهي مسيحية من أصول تعود لكل من الميتي و الناغا طلبت عدم استخدام اسمها الحقيقي، إن النزاع لا يتعلق فقط بالحق في الأرض أو الوظائف الحكومية.
وتابعت "تم تدمير واحراق كنائس الميتي" موضحة "لو كان الأمر يتعلق بالكوكي والميتي فقط، لماذا تعرضت كنائس الميتي للهجوم؟ الدليل قاطع".