أحال رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بيان وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد عن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المرسل إليه من رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، وذلك إلي لجنة الشؤون المالية والاقتصادية.
وكانت وزيرة التخطيط قد ألقت بيانا أمام مجلس النواب، يوم 9 مايو الجاري، استعرضت خلاله ملامح مشروع خِطّة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 23/2024 ، العام الثاني من الخطة مُتوسّطة المدى للتنمية المستدامة (22/2023 – 25/2026)،
وخلال كلمتها بالجلسة، قالت الدكتورة هالة السعيد إن وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعامِ الـمالي 23/2024، وهو العامُ الثاني من الخِطة مُتوسّطة الـمدى للتنميةِ الـمُستدامةِ (22/2023 – 25/2026). تم صياغة توجّهاتِها ومُستهدفاتِها وبرامجِها التنموية وفق نهج تشارُكي، وحوار وطني بنّاء يجمع كافة أطياف الـمُجتمع، من أجل توثيق أواصر التعاون والتنسيق والتكامُل بين الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص والـمُجتمع الـمدني، بما يكفُل تعظيم النفع العام من تضافُر الجهود الإنمائيّة في إطار مُستهدفات الخطة العامة للدولة.
وأشارت السعيد إلى تداعيّات الأزمة الروسيّة/الأوكرانيّة على الاقتصاد العالـمي، والتي تجلّت أهم مظاهرها في نقص الـمعروض السلعي في الأسواق الدولية في ظل عدم انتظام سلاسل الإمداد، وما نَجَمَ عن ذلك من ارتفاعاتٍ غيرَ مسبوقة في أسعارِ الغذاءِ والطاقةِ والـمعادنِ الأساسيّةِ، ومن تنامي الضغوط التضخّميّة في العالمِ أجمع، وتسارُع البنوكَ الـمركزيّة في رفعِ أسعار الفائدة، والتشدّدِ في سياساتها النقديّة، سعيًا لاحتواء التضخّم. الأمرَ الذي أحدث اضطرابًا شديدًا في أسواقِ الـمال، وفي تدفّقاتِ الاستثمار الأجنبي الـمُباشر بسبب تراجُع ثقة قطاع الأعمال في سلامة الـمُناخ الاستثماري، وتزايُد الـمخاوف من عدم استقرار النظام الـمالي العالـمي، وتمخّضت هذه التطوّرات بدورها عن نقص السيولةِ الدوليّة، وزيادة الـمديونيّات العالـمية لـمُستويات قياسيّة بلغت نحو 300 تريليون دولار عام 2022، وتراجُع الاحتياطيّات الدوليّة من النقد الأجنبي، فضلًا عن ارتباك أسواق الصرف في ظل محدوديّة الحيّز الـمالي لـمُواجهة الأزمات.
وأضافت السعيد أن هذه التطوّرات لها مردودها السلبي على مُعدّلات نمو الاقتصاد العالمي الذي تراجع إلى 3.4% عام 2022، بعد أن سجّل 6.3% في عام 2021، مع توقّع استمرار انخفاض هذا الـمُعدّل إلى 2.8% في عام 2023 (وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي في أبريل 2023 )، ولا يختلف الحال بالنسبة لنمو التجارة العالـمية، وتدفّقات والاستثمار الأجنبي الـمُباشر والتي تشهد جميعها تباطؤًا مستمرًا ... إضافة إلى ما تشهده معدلات التضخم العالمي من مستويات مرتفعة غير مسبوقة، حيث تعكس هذه المؤشرات حجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي وتطول تداعياتها جميع دول العالم دون استثناء..
وأوضحت السعيد أن ضبابيّة الـمشهد الدولي أمرٌ خطير، فحالة عدم اليقين الحالية يصعب معها التعرف على مدى إمكانيّة تجاوز الاقتصاد العالـمي مخاوف الوقوع في فخ الركود التضخّمي، وبالتالي لا نستطيع صراحة تقدير متى يسترد الاقتصاد العالـمي عافيته، مؤكدة أن مصر ليست بمنأى عن التحديّات ومخاطر عدم اليقين التي تُفرضها الأزمة الروسية/ الأوكرانية، صحيح أن مصر سارعت باتخاذ تدابير احترازيّة وخطوات استباقية لتأمين مصادر الإمداد في الـمدى العاجل، كما تبنّت عددًا من البرامج والـمُبادرات لسرعة توفير الحماية الاجتماعية، وبخاصة للفئات الأكبر تضرّرًا من تداعيّات الأزمة، بالإضافة إلى اغتنام بعض الفُرص الواعدة التي أتاحتها الأزمة لزيادة الصادرات، وبخاصةٍ من الخُضَر والفاكهة والأسمدة والغاز الطبيعي، إلا أن ذلك لا يعني – بأي حال من الأحوال – التغاضي عن رصد التأثيرات السلبية التي لِحقت بالاقتصاد الـمصري جرّاء الأزمة أو التهوين من تداعياتها
وأضافت السعيد أنه إزاء عدم اليقين بأبعاد الأزمة الراهنة والـمدى الزمني الـمُتوقّع للخروج منها، والعودة لـمسارات النمو الطبيعي الـمُستدام، فقد حرِصت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 23/2024– بعد طرح السيناريوهات الـمُختلفة للمُستتبِعات التنمويّة للأزمة– إلى تخيّر السيناريو الحذر بما يُفيد اتباع سياسات تحوّطيّة ومرنة تضمن التخفيف والتكيّف مع ما يترتّب على الأزمة من صدمات أو تحديات لـمسارات التنمية الـمُستدامة، وقد ضاعف من أهمية هذا النهج التحوّطي في السياسات الاقتصادية التي ترتكز عليها الخطة تزايُد الـمخاطر البيئية الناجمة عن التغيّرات الـمناخية واستشرائها على مستوى العالـم.
واشارت "السعيد" إلي أهم الـمُرتكزات التي استندت إليها خِطة عام 23/ 2024 تتمثّل في الالتزام الكامل بأهداف محاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تأكيدًا للحق في التنمية الذي توليه الدولة المصرية أهمية قصوى في توجهها التنموي، الاتساق والتوافق مع مُستهدفات الأجندة الوطنية لتحقيق التنمية الـمُستدامة في إطار رؤية مصر \"2030\"، التطبيق الدقيق لأحكام قانون التخطيط العام للدولة رقم 18 لسنة 2022 باعتباره الإطار التشريعي لـمنظومة التخطيط، إلى جانب الوفاء بالاستحقاقات الدستورية الـمُتعلّقة بمُخصّصات الإنفاق العام على الصحة والتعليم الـمدرسي والجامعي والبحث العلمي، والـمُحدّدة بما لا يقل عن 10% من الناتج القومي الإجمالي، فضلا عن مُواصلة التخطيط التنموي القائم على الأدِلّة والـمُؤشّرات والتقارير الدولية والـمحلية، مثل تقرير التنمية الـمُستدامة لعام 2022، ومُؤشّر تنافسيّة الـمُحافظات الـمصرية 21/ 2022، ومنظومة تسجيل الـمواليد والوفيات على الـمستوى القومي، ومُؤشّر التنمية البشرية الـمحلية 22/ 2023. هذا بجانب تطبيق الـمفاهيم التنموية والتخطيطيّة الحديثة لرفع كفاءة عملية التخطيط وفاعليتها، مثل التخطيط الاستراتيجي، وأدِلّة النمو الاحتوائي، ومُوازنة البرامج والأداء، والخطة الـمُستجيبة للنوع الاجتماعي، ومعايير الاستدامة البيئية، والاقتصاد الأخضر.