رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب لـCNN: رسالة من أكاديمي إماراتي إلى الرئيس الصيني مع بدء زيارته إلى السعودية

منذ 1 سنة 220

هذا المقال بقلم د. عبدالخالق عبدالله، أكاديمي إماراتي زائر بجامعة هارفرد، والآراء الواردة أدناه، تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

سيادة الرئيس شي جينبينغ

يسعدني أولا أن أهنئكم بإعادة انتخابك لولاية ثالثة على رأس الحزب الشيوعي الصيني والتمديد لرئاستك لجمهورية الصين الشعبية لخمس سنوات قادمة. تمنياتي لشخصك الكريم بالتوفيق وللصين التي تعيش لحظة تاريخية استثنائية، المزيد من الازدهار والاستقرار حاضرًا ومستقبلًا. كما يسعدني أن أرحب بك أجمل ترحيب في أول زيارة لك إلى المنطقة بعد هذا التمديد الرئاسي المستحق.

السيد الرئيس

لقد استقبلت المملكة العربية السعودية في يوليو 2022 الرئيس الأمريكي جو بايدن وها هي اليوم تستضيف سيادتكم لتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الرياض هي مركز القرار السياسي والدبلوماسي العربي الجديد. فربما لا توجد عاصمة أخرى في المنطقة قادرة على استقبال رئيس أقوى دولتين على وجه الأرض وتنظم ثلاث قمم كبرى خلال سنة واحدة سوى الرياض التي تتوشح برؤية إصلاحية تحديثية تستحق الدعم من الصين ومن القوى المحبة للاعتدال والاستقرار في العالم.

السيد الرئيس

زيارتك إلى المنطقة جاءت في الوقت المناسب حيث تسعى دول الخليج حاليًا لتنويع شركائها إضافة إلى الشراكات مع القوى العالمية الجديدة والصاعدة وفي المقدمة الصين. لكن هذه الزيارة والحفاوة المصاحبة لها ليست بأي شكل من الأشكال رسالة إلى أمريكا الشريك الاستراتيجي لدول الخليج الذي لا بديل لشراكته الاستراتيجية في المستقبل المنظور. زيارتك فرصة للعمل معًا وسويًا لوضع أسس راسخة لشراكة خليجية صينية واعدة.

السيد الرئيس

تتابع دول الخليج النزاع الصيني الأمريكي المتصاعد على زعامة العالم، وهي حريصة كل الحرص أن لا تكون طرفًا في هذا النزاع بين أكبر قوتين حاليًا، والذي قد يتحول إلى حرب باردة أو ساخنة. لذلك أرجو أن لا يتم تجيير زيارتك إلى المنطقة لجر دول المنطقة لتنحاز مع الصين ضد أمريكا أو تنحاز مع أمريكا ضد الصين. ففي هذا النزاع على زعامة العالم خلال القرن الواحد والعشرين لا ناقة لدولنا المحبة للسلام ولا بيعر.

السيد الرئيس

الصين شريك مستقبلي في غاية الأهمية، وأمريكا شريك مهم حاضرًا ومستقبلًا، ولا بديل عن الشريك الأمريكي أمنيا خلال المستقبل المنظور. من مصلحة دول الخليج أن تحتفظ بأفضل العلاقات مع واشنطن وبكين وتحافظ على استقلال قرارها السياسي والسيادي. دول الخليج أفضل حالًا بوجود أمريكا على يمينها وترى الصين على يسارها. هذا موقعها الطبيعي والضروري حتى اشعار آخر.

السيد الرئيس

ستلمس خلال زيارتك التقدير الخليجي والعربي للصين وللنموذج الصيني التنموي الذي حقق صعودًا مدهشًا في زمن قياسي وأصبح ملهمًا. بالمقابل لدى دول الخليج أيضا سجل تنموي ومعرفي أصبح هو الآخر ملهمًا وحقق نجاحًا مهمًا في زمن قياسي. دول الخليج تقدر الإنجاز الصيني تقديرًا عاليًا وتتوقع من الصين أن تبادلها التقدير نفسه. من المهم أن تدرك الصين أنها تتعامل مع خليج عربي جديد يعيش لحظته في التاريخ العربي المعاصر. فكما أن الصين اليوم تختلف عن عقد مضى، فإن خليج اليوم يختلف جوهريًا عن خليج عقد مضى. هذا هو المدخل لشراكة استراتيجية عميقة بين بكين والعواصم الخليجية.

السيد الرئيس

من المصادفات التاريخية السعيدة تزامن صعود الصين كمركز ثقل آسيوي وعالمي مع صعود دول الخليج كمركز ثقل عربي وشرق أوسطي جديد. هناك صعود صيني في شرق آسيا يقابله صعود خليجي في غرب آسيا. ما يجمعنا بجانب المصالح المشتركة، هو الانتماء إلى قارة آسيا الصاعدة. حضور آسيا يزداد في الوعي الخليجي. دول الخليج هي قلب غرب آسيا والصين هي قلب شرق آسيا. من المهم توظيف زيارتك اليوم إلى المنطقة لتعميق الرابط الآسيوي والارتقاء بالانتماء الآسيوي لخلق سوق آسيوي مشترك. قد يكون هذا هو الحلم الآسيوي المشترك الذي يقرب ويوحد شرق آسيا بغربها مستقبلا.

السيد الرئيس

ومن منطلق الصراحة المطلوبة لتأسيس شراكة صينية خليجية مستدامة القول إن الموقف الصيني من الخطر الإيراني غير مفهوم خليجيًا. علاقة الصين بإيران وتسامحها مع أفعالها المزعزعة للاستقرار مصدر قلق للعواصم الخليجية. عدم إدانة الصين لاعتداءات إيران المتكررة على حاملات النفط والسفن التجارية في المياه الإقليمية لا يستقيم مع تطلعها لزعامة العالم. هل تدرك الصين أن إيران هي أكبر خطر على أمن واستقرار دول الخليج، وأنها أكبر خطر على أمن الطاقة وأمن خطوط الملاحة الدولية؟ ألم تشاهد الصين اعتداء إيران السافر على منشآت نفطية خليجية وسفن تجارية في المياه الدولية. لماذا تتهاون بكين مع تمويل وتسليح طهران لجماعات إرهابية مسلحة تزعزع امن واستقرار دول المنطقة؟

سيادة الرئيس

دول الخليج تتوقع من الصين أن تكون أكثر حزمًا تجاه الخطر الإيراني. العواصم الخليجية تتوقع من الشريك الصيني أن يقف جنبًا إلى جنب مع دول الخليج لمواجهة التهديد الإيراني، لا أن تقف موقف الحياد أو المتفرج عن بعد. هذا ليس وقت الحياد الصيني الإيجابي منه والسلبي. من الصعب بناء شراكة استراتيجية مع الصين التي تقف مع إيران، وتجري معها مناورات عسكرية وتساهم في تطوير قدراتها الصاروخية الهجومية. هل لدى سيادتكم تفسير مقنع لهذا الانحياز الصيني مع إيران؟

سيادة الرئيس

ستجد خلال لقاءاتك مع قادة دول الخليج رغبة صادقة لتطوير العلاقة مع الصين على كل المستويات، فليتك تستمع بحرص إلى قلقهم المشروع من الجار الإيراني التوسعي. وليتك تتعهد أمامهم أن الصين ستكون أكثر حزمًا مع التهديدات الإيرانية من الآن فصاعدًا. وليتك تذهب إلى أبعد من ذلك لتتعهد بوقف فوري لدعم برنامج إيراني الصاروخي والدروني، وأنك شخصيًا ستنقل رسالة شديدة اللهجة إلى طهران تطلب منها وقف استفزازتها اليومية في الخليج.

سيادة الرئيس

هذا أقل ما هو متوقع من الصين إن كانت فعلًا حريصة على رفع مستوى علاقاتها مع دول الخليج.