يصادف التاسع من أبريل/نيسان ذكرى دخول القوات الأميركية إلى قلب العاصمة العراقية بغداد عام 2003، بعد نحو ثلاثة أسابيع من القصف المكثف والمعارك غير المتكافئة. حدثٌ أطلق دوامة من الفوضى والدمار والنهب، مُغيّراً مجرى تاريخ العراق بشكل جذري.
منذ ذلك اليوم، شهدت البلاد تحولات عميقة على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فقد أدى انهيار مؤسسات الدولة إلى ظهور فراغ سياسي سرعان ما امتلأ بأحزاب طائفية وميليشيات مسلحة، مما أشعل فتيل التوترات الطائفية.
كما أصبح العراق ساحة صراع إقليمي ودولي، حيث تنافست القوى الإقليمية والدولية للتأثير في المشهد السياسي.
ومن الناحية الإنسانية، تسببت الحرب وما أعقبها من أحداث في مقتل مئات الآلاف من المدنيين والعسكريين، وتشريد الملايين داخل العراق وخارجه. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة للحكومات المتعاقبة لإعادة بناء البلاد، لا تزال التحديات الاقتصادية قائمة، مع استمرار اعتماد العراق شبه الكامل على النفط كمصدر رئيسي للدخل، رغم ثرواته الهائلة.
وبعد مرور أكثر من عقدين على سقوط نظام حزب البعث، لا يزال المواطنون العراقيون ينتظرون تحقيق نقلة نوعية في تحسين الواقع الخدمي والتنموي.
فقد أعاقت الصراعات الطائفية، وهجمات الإرهاب، والانقسامات الحزبية والقومية، إلى جانب الفساد المستشري، تحقيق تطلعات الشعب العراقي.
كلمة رغد صدام حسين: "جريمة الغزو" وأثرها المستمر
في الذكرى السنوية الـ22 لـ"جريمة الغزو الأميركي للعراق"، أكدت رغد صدام حسين، ابنة الرئيس العراقي الراحل، أن "مثل هذا اليوم من كل عام يعيد للأذهان الأحداث التي غيّرت مجرى تاريخ العراق"، مشيرة إلى أن تلك الأحداث تشبه "حكم المغول". وأضافت: "اليوم يمر الشعب العراقي بأوقات صعبة جداً، وآثار هذه المرحلة السلبية في تزايد مستمر".
وأشارت إلى أن بغداد، التي كانت مركزاً للثقافة والحضارة، شهدت تحديات كبيرة بعد الغزو، تمثلت في تناحرات سياسية، وتدمير البنى التحتية، ونهب الثروات، وحرق المؤسسات، وحل الجيش والأجهزة الأمنية، واستبدالها بميليشيات موالية لإيران. وقالت: "حتى صرت أسمع بعض الأصوات القبيحة في بلدي التي تدعو إلى تقسيم العراق طائفياً، مما يهدد مستقبل العراقيين جميعاً، ولذلك تداعيات خطيرة ليس على العراق فحسب، وإنما على المنطقة العربية بشكل عام".
وشددت رغد صدام حسين في كلمتها على أهمية التمسك بالهوية الوطنية والنَّظر بإيجابية لمستقبل أفضل للعراقيين كافة، بهدف تجنب الفتن وبناء مرحلة سياسية جديدة تعتمد على الكفاءات العراقية لإصلاح الأخطاء.
وأكدت أن الدول التي شاركت في غزو العراق تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة لتعويض الأضرار منذ عام 2003 وحتى الآن، وإصلاح النظام السياسي عبر دعم الحوار بين جميع الأطراف العراقية للوصول إلى حلول سلمية تنهي الصراعات.
وحذرت من الأجندات التي خُلقت لخدمة مصالح جهات أو أشخاص، داعية العراقيين إلى الوحدة والوعي العالي برفضها. وقالت: "سنحقق جميعاً هدفنا في بناء عراق أفضل". وختمت كلمتها برسالة أمل وثقة، مؤكدة أن ثقتها بالشعب العراقي وبقدراته كبيرة، وأن العدالة ستأخذ مجراها لمحاسبة كل من أساء للعراقيين وفق القانون.