تقدّم العلامات التجارية الفاخرة تشكيلة محدودة الإصدار من القطع الجاهزة احتفاءً بشهر رمضان وعيد الفطر هذا العام، وتهتم دور الأزياء بتلبية أذواق زبائنها في دول الخليج بشكل خاص، وذلك بأسلوب عصري يجمع بين الصيحات العالمية والقيم المحلية بتناغمٍ مثالي، إذ تُظهر هذه الملابس اهتماماً خاصاً بالألوان، وتتميز بكونها فضفاضة وانسيابية، تُركِّز على الحداثة بدرجات الباستيل الرقيقة، وهي غالباً ذات ألوان أنيقة ومحايدة.
في عام 2016 ارتفعت حمى المنافسة على نيل ود زبون المنطقة في هذا الشهر الفضيل، فعندما طرحت دار "دولتشي آند غابانا" مجموعة عباءات، أثارت كثيراً من الجدل، بين مستاء لم ير فيها جديداً سوى أنها تلعب على مشاعر زبون يحب أن تحمل مشترياته توقيعاً عالمياً، ومعجَب بكون العباءة أخذت حقها من الاهتمام. لكن في النهاية، حصدت الدار الإيطالية أرباحاً طائلة، وفتحت عيون بقية بيوت الأزياء على فرصة ذهبية لا يجب تفويتها.
الآن دخلت على الخط دور مجوهرات عريقة وبيوت أزياء عالمية كانت في الماضي تُلمّح أو تقدم إصدارات بكميات قليلة وعلى استحياء. ومن النادر حالياً أن يغيب اسم عالمي عن هذه المناسبة، من "ديور" و"فندي" إلى "كارولينا هيريرا" و"ساندرو"، وغيرها..
ونستطيع أن نرى هذا العام تصاميم عصرية فاخرة تعكس تداخل التراث الثقافي مع الموضة المعاصرة، بشكل مثالي يليق بالاحتفاء بشهر رمضان، وإذا كانت الحقائب والأحذية مزينة باللونين الذهبي والفضي، فإن الرصانة تغلب على الملابس، كما نرى في تشكيلة دار لورو بيانا Loro Piana الإيطالية، التي كشفت عن قفاطين وسترات طويلة وسراويل من الحرير أو الكتان الناعم.
ونادراً ما تختار العلامات التجارية الألوان الفاقعة أو الأشكال الزهرية والهندسية، لكنها تدرك تماماً الأهمية الحاسمة للتفاصيل الثقافية في هذا الشهر، وتسعى من خلال التصاميم، لإعطاء عملائها خيارات متجددة تناسب تفضيلاتهم الشخصية، بينما تحتفي بالتراث الغني للمنطقة.
تقول موزة الكتبي وهي تنتقي إحدى العباءات: " أصبحت العلامات التجارية تعرف الكثير عن ثقافتنا المحلية الإسلامية، وفي واجهات المحلات نستطيع أن نجد بسهولة العباءات والجلابيات"
وتضيف الزبونة فريال فرج (60 عاماً): من الجيد تشجيع شراء هذه الملابس، إذا كانت لدينا الإمكانيات، فالأسلوب الشرقي جميل أيضاً، والموضة لا تقتصر على الغرب وحده". أما تمارا وهي فتاة روسية ترتدي تنورة قصيرة، فتقول إنها تحب ارتداء العباءات وهي مسرورة لأن ديور صممت قطعاً شرقية هذا العام.
لا تظهر كلمة "رمضان" بشكل مباشر في العروض الترويجية لهذه التشكيلات المحدودة، وغالباً ما تشير بعض العلامات باستحياء إلى "الموسم المقدس" أو "الفترة الخاصة من العام" وتلمّح أخرى إلى "الشرق الأوسط" أو "ألف ليلة وليلة" أو تلوذ بالمجاز مثل مجموعة غوتشي التي جاءت تحت تسمية "السماء المرصعة بالنجوم".
وبالنسبة لسفيان سي مرابط، مؤسس وكالة التسويق الثقافي "كارتا" في دبي، فإن التحدي يكمن في إيجاد التوازن بين "التسويق التجاري المتنامي لرمضان والتقدير الثقافي لهذا الشهر" ويقول: "تغرق بعض العلامات التجارية في تصوير كليشيهات مثل القمر، الناقة، المرأة، الصحراء.. صحيح أننا نستطيع أن نلعب على الرموز لكن الأمر يتوقف على كيفية القيام بذلك، ما هو أساسي عندما نتحدث عن رمضان هو الأصالة والتواصل الإنساني وليس التسويق المسعور".
وبالنسبة إلى سفيان سي مرابط، الذي عمل مع دور أزياء عالمية "يجب أن تستعين بخبراء ومتخصصين من أبناء المنطقة، لا أن تستورد كل شيء من باريس، لأنهم أكثر من يفهم الثقافة والفروقات الدقيقة التي تميِّز بلداً عن آخر، ولا يمكن أن يشعر بها شخص من ثقافة أخرى، مهما حاول."
وتستمر العلامات بتحسين جهودها لإطلاق المزيد من التشكيلات المخصصة والمنسقة للاحتفال بالمناسبات المهمة في الشرق الأوسط. كما تعتزم في السنوات الأخيرة إضفاء طابع من المرح والبهجة على الأزياء الرجالية كذلك، من خلال توفير تشكيلات مبتكرة وقصات عصرية وتزيينها بالألوان الحيوية الزاهية.
لكن بدأت تظهر على السطح موجة من التعليقات والانتقادات حول استغلال بيوت الأزياء العالمية شهر رمضان والعيد، وتحويلهما من مناسبة روحانية إلى فرصة تجارية يُسوّقون فيها منتجات خاصة تحت عنوان "رمضان كوليكشن". في البداية اعتبرت المنطقة تخصيص قطع حصرية بخامات مُترفة وترصيعات غنية احتراماً لها، لكن بعد دخول أغلب بيوت الأزياء السباق الرمضاني، فإن الظاهرة أغرقت السوق بفساتين محتشمة وأكمام طويلة، تتماوج بدرجات الرمال والذهب أو الزمرد، مما أصاب السوق بالتخمة.
ويرى البعض أن هذا السباق المحموم على التواجد في المنطقة، خلال هذا الشهر، يوقع دور الأزياء في مطب الاستسهال.