دراسة: هل من صلة بين مرض الزهايمر والعلاج بالهرمونات؟

منذ 1 سنة 189

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يصيب مرض الزهايمر النساء أكثر من الرجال، إذ أن أكثر من ثلثي الأشخاص الذين يعانون من الخرف الشديد هم إناث. ويُحتمل أن يكون مردّ ذلك لأسباب بيولوجية ما برحت غير مفهومة، بحسب جمعية مرض الزهايمر.

ويكمن جزء من هذا اللغز في أنّ النساء يفقدن الهرمونات الجنسية، مثل الإستروجين، لدى بدء انقطاع الطمث لديهنّ، إما بشكل طبيعي من خلال تراجع إنتاج الجسم له، أو عن طريق إزالة المبيضين من خلال الجراحة. لكن، ما زال مبهمًا كيف أنّ فقدان هذه الهرمونات وأثر العلاج بالهرمونات البديلة (HRT)، يؤثر على خطر الإصابة بالخرف.

وربما تمكنت دراسة جديدة من الكشف عن سرّ أو اثنين، إذ أن النساء اللواتي ينقطع لديهنّ الطمث في وقت مبكر (بين 40 و45 عامًا)، أو قبل الأوان (قبل بلوغ الـ 40 عامًا)، أو اللواتي بدأن العلاج بالهرمونات البديلة بعد أكثر من خمس سنوات على انقطاع الطمث، لديهن مستويات أعلى من بروتين تاو في أدمغتهن، بحسب الدراسة المنشورة في مجلة "JAMA Neurology" الإثنين.

ويمثل تشابك تاو بالتوازي مع اللويحات التي تتكونّ من بروتينات بيتا أميلويد، علامة مميزة لمرض الزهايمر.

وقالت جيليان كوغلان، المؤلفة الرئيسية، والباحثة الزميلة بعلم الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس العام ببوسطن، إنّ "هذه الدراسة الأولى التي تظهر أنّ الاستخدام المتأخر للعلاج الهرموني، يبدو أنه مرتبط بزيادة مستويات علامات مرض الزهايمر في الدماغ".

واستدركت كوغلان بالقول لـCNN، إنه رغم ذلك، فإن هذه التغييرات تصيب فقط النساء اللواتي لديهن بالفعل مستويات أعلى من بيتا أميلويد في أنسجة الدماغ.

وأوضحت كوغلان أنّ "غالبية الارتباطات التي رأيناها بين انقطاع الطمث وبروتين تاو حدثت في سياق ارتفاع نسبة الأميلويد"، مشيرة إلى أن "جزءًا كبيرًا من السكان الأكبر سنًا يراكمون مادة الأميلويد مع العمر، وهذا أمر شائع".

ولفتت في المقابل إلى أن رواسب بروتين تاو غير شائعة، مضيفة أن الإصابة بمرض الزهايمر تتطلب تشابك تاو وبيتا أميلويد. وقالت كوغلان: "عادةً، إذا كان لديك مزيج من بيتا أميلويد وتاو، فعمومًا يشير ذلك إلى الإصابة بتدهور معرفي خلال بضع سنوات".

وتابعت أنّ "ما اكتشفناه أنّ النساء اللواتي يعانين من انقطاع الطمث المبكر، أو استخدمن العلاج الهرموني في وقت متأخر جدًا قد يُصبحن أكثر عرضة لخطر الإصابة بالمرض، لكن فقط إذا كنّ بالفعل ضمن سلسلة متّصلة بمرض الزهايمر، ولديهنّ مستويات مرتفعة من الأميلويد. لأنّ النساء اللواتي لديهن مستويات منخفضة جدًا من الأميلويد ويختبرن انقطاع الطمث في وقت مبكر، لم يكن لديهن مثل هذا الارتباط".

ووجدت الدراسة أيضًا أنّ النساء اللواتي بدأن العلاج بالهرمونات "في الوقت المناسب، عند اقتراب سن انقطاع الطمث، لم تُسجّل لديهنّ بروتينات تاو أعلى أو أقل في الدماغ". وأعربت كوغلان عن أنّ "هذا جيد لأنه يعني أنه ما زال في إمكاننا استخدام العلاج الهرموني لعلاج أعراض انقطاع الطمث الشديدة".

وأثنى الدكتور ريتشارد إيزاكسون، طبيب الأعصاب الوقائي لمرض الزهايمر في معهد الأمراض العصبية التنكسية، على أهمية هذه الورقة العلمية.

وقال إيزاكسون غير المشارك في الدراسة، إنّه "في حين أن هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها دراسة أن العلاج المبكر بالهرمونات البديلة قد يشكل حماية أكبر لدماغ المرأة، فقد اكتشفت لأول مرة أن كميات أكبر من بروتين تاو قد تترافق مع التأخر ببدء العلاج بالهرمونات".

وفي المقابل، رأت سارة إيماريسيو، رئيسة المبادرات الإستراتيجية بمركز أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة ببيان، أنّ "هذه الدراسة لا تظهر أن العلاج الهرموني يسبّب مرض الزهايمر. ولم ينظر الباحثون لم ينظروا في إذا كان قد طوّر المشاركون أعراض الخرف، ولا يمكننا التأكد من العلاقة السببية بهذا النوع من الأبحاث".

وتابعت إيماريسيو، غير المشاركة في الدراسة، أنّ "العلاج الهرموني له فوائد مهمة على العديد من النساء، ويساعد على مكافحة الأعراض التي يمكن أن يسبّبها انقطاع الطمث"، مضيفة أنّه "يجب على النساء اللواتي يتلقين، أو يفكرن بتلقي العلاج الهرموني أن لا يتأخرن بذلك، بحسب هذه النتائج، وأن أي شخص مهتم بتأثيرات هذا العلاج يتوجّب عليه التحدث إلى طبيبه".

العلاج بالهرمونات البديلة

وتُعرّف مرحلة انقطاع الطمث، بأنها حين تنقطع الدورة الشهرية عن المرأة لمدة 12 شهرًا متتالية، ومتوسط عمر بداية هذه المرحلة في الـ51 عامًا، رغم أنّ النساء يمكن أن يدخلن بشكل طبيعي في مرحلة انقطاع الطمث بين عامي 40 و58 عامًا.

أمّا الأعراض المترتبة عن ذلك، فتتمثل بالهبات الساخنة والتعرّق الليلي التي قد تبدأ قبل سنوات، أي في المرحلة التي تسبق انقطاع الطمث.

وشكّل العلاج بالهرمونات البديلة موضوعًا مهمًا للعديد من النساء منذ أن تم نشر النتائج المبكرة والمضللة عام 2002، من دراسة تسمى التجربة السريرية لمبادرة صحة المرأة.

ووجد هذا التحليل الأولي أن مزيجًا من الاستروجين والبروجستين، أي نوع العلاج التعويضي بالهرمونات الموصوف في ذلك الوقت، يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، وكذلك السكتة الدماغية، والجلطات الدموية، والخرف، وسرطان الثدي.

وكانت تداعيات ذلك مأساوية. إذ أنه بحلول نهاية العام، تراجع استخدام العلاج الهرموني بنسبة 30٪، وبحلول عام 2009، تراجع الطلب على العلاج بالهرمونات أكثر من 70٪.

وبعد عشر سنوات، تمت مراجعة نتائج مبادرة صحة المرأة. وتبين أنّ التحليل الأساسي شمل النساء اللواتي يبلغن من العمر 65 عامًا وما فوق، وكنّ في الواقع أكثر عرضة للإصابة بنوبات قلبية، وجلطات دموية، وسكتة دماغية.

ولم تكن النتائج الأولية لعام 2002، صحيحة لأنها لم تأخذ في الاعتبار سنّ المرأة في بداية العلاج البديل.

وتشير الإرشادات الطبية الحالية إلى أنّ فوائد العلاج الهرموني للهبات الساخنة، والتعرق الليلي، وآلام المهبل والجفاف، ومشاكل التبول، وفقدان العظام، تفوق المخاطر بالنسبة للنساء ما دون الـ60 عامًا، واللواتي ليس لديهن تاريخًا معروفًا أو محتملًا بسرطان الثدي، أو جلطات الدم، أو السكتة الدماغية، أو موانع أخرى.

ما تظهره عمليات مسح الدماغ

وفي دراسة "JAMA Neurology" الجديدة، قام فريق من الباحثين في مستشفى ماساتشوستس العام بتحليل فحوصات الدماغ لـ193 امرأة و99 رجلاً لديهم وظائف معرفية طبيعية لبيتا أميلويد وتراكم بروتين تاو.

وقالت كوغلان إنّ الدراسة قد تبدو صغيرة، لكن الأمر ليس كذلك: "عند استخدام فحوصات الدماغ لدراسة مرض في الدماغ، يعتبر هذا حجم عينة كبير".

ورأت تارا سبيرز جونز، أستاذة التنكس العصبي ونائب مدير مركز اكتشاف علوم الدماغ في جامعة إدنبرة باسكتلندا، غير المشاركة في البحث، إن الدراسة وجدت أن النساء لديهن تراكم تاو في أجزاء عدة من الدماغ أكثر من الرجال في العمر ذاته.

وأضافت سبايرز-جونز في بيان أنه "إلى ذلك، لدى الإناث تراكم بروتين تاو أعلى من الذكور، عندما يكون لديهن أيضًا بيتا-أميلويد في الدماغ".

ولفتت كوغلان إلى أن جميع النساء اللواتي شملتهنّ الدراسة الجديدة استخدمن نوع العلاج الهرموني، أي مزيج الإستروجين والبروجستين، الذي استخدمته النساء في التجربة السريرية لمبادرة صحة المرأة، والتي تسببت في الكثير من الجدل.

وأوضحت كوغلان أنه "إذا تم تكرار (دراستنا)، فربما وجدنا أساسًا بيولوجيًا محتملاً لنتائج التجربة السريرية لمبادرة صحة المرأة، التي وجدت أن النساء البالغات من العمر 65 عامًا وما فوق كن أكثر عرضة للإصابة بالخرف في وقت لاحق في الحياة إذا أخذن هذا النوع من العلاج الهرموني".

ورأى الخبراء أنّ للدراسة بعض القيود، ذلك أن غالبية المشاركين من البشرة البيضاء، ولم تذكر الدراسة من أصيب بالخرف بعد ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، لم يتواجد عدد كافٍ من الأشخاص في الدراسة يعانون من خطر وراثي للإصابة بمرض الزهايمر، بحسب الدكتورة ليز كولتهارد، الأستاذة المساعدة في الخرف وعلم الأعصاب بجامعة بريستول في المملكة المتحدة، غير المشاركة في الدراسة.

وأفادت كولتارد في بيان: "اكتشفنا أخيرًا أنّ العلاج التعويضي بالهرمونات قد يكون له تأثيرات مختلفة على الأشخاص المعرضين لخطر وراثي مرتفع (جين apoE4 إيجابي)، لكن هذا غير وارد هنا".

وتابعت أنّ "النتائج مثيرة للاهتمام من الناحية العلمية، لكن البحث في العلاقة بين العلاج التعويضي بالهرمونات وانقطاع الطمث ومرض الزهايمر، كلها متشابكة بالأسباب المختلفة التي وصف من أجلها العلاج التعويضي بالهرمونات، ودقة الذاكرة لسن انقطاع الطمث".

وخلصت إلى أنّ "تجربة العلاج التعويضي بالهرمونات المتوازنة والفعالة على مدى سنوات عديدة، هي الطريقة الوحيدة التي قد نفهم من خلالها حقًا إذا كان العلاج التعويضي بالهرمونات ضارًا بصحة الدماغ".