نشر أحد الأطباء الرياضيين كتاباً ذكر فيه أن الهواتف الذكية تمثل مشكلة لصحتنا الجسدية، ويوصي مستخدميها بمحاولة تقليل الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات.
قبل عامين، أطلق طبيب في بريست بفرنسا حملة لمحاولة حث الناس على ترك هواتفهم الذكية، وقامت مجموعة متطوعة من الأشخاص بهذا التحدي، لتقليل الوقت الذي يقضونه على هواتفهم.
ومع ذلك، يقول يانيك جيلودو، وهو طبيب رياضي في مركز مستشفى جامعة بريست (CHU)، إن حوالي ثلاثة أرباع المشاركين البالغ عددهم نحو 500 شحص ممن شملهم الاستطلاع، لم يتمكنوا من تقليل الوقت الذي يقضونه في استخدام الهاتف بمقدار ساعة واحدة يومياً.
لكن تسعة أشخاص من بين عشرة من الذين تمكنوا من ذلك، كانوا أكثر نشاطاً بدنياً.
قام مؤخراً بتأليف كتاب بعنوان "الهواتف الذكية تقتل"، محذراً من أن الهواتف ليس من الصعب تركها فحسب، بل إنها تجعل الناس أيضا أكثر ركوداً: "كنت مهتمًا في البداية بالعلاقة بين عدد الهواتف الذكية ونمط الحياة الراكد. لأنه عندما ننظر إلى الهاتف الذكي، فإننا نجلس على أريكة أو على كرسي. إذا قضيت ساعة إضافية على الهاتف الذكي جالساً على كرسي، فإنك تقضي ساعة إضافية (جالساً)."
وأضاف: "بناءاً على ذلك، لدينا دراسات تظهر بوضوح أن نمط الحياة الراكد يشكل خطراً واضحاً للإصابة بالأمراض المزمنة، أو ما يسمى بالأمراض غير المعدية مثل السكري والسكتة الدماغية وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان وغير ذلك".
وقام أندرو ليب، الأستاذ بجامعة ولاية كينت بالولايات المتحدة، بدراسة موضوع استخدام الهاتف والنشاط البدني أيضاً.
وقال: "أجرينا العديد من الدراسات الاستقصائية لتقييم السلوك الراكد والنشاط البدني واستخدام الهاتف الخلوي، لا شك أن الأشخاص الذين يستخدمون الهاتف الخلوي أكثر، يقضون وقتًا أطول في الجلوس بكثير أيضاً".
ووجد أيضاً أن الأشخاص الذين يستخدمون الهاتف أكثر يميلون إلى استخدامه لممارسة التمارين الرياضية: "إذا ألقيتم نظرة على الرسائل النصية أو ارسالها، أو تحدثتم بهواتفكم أثناء التمرين، فإن ذلك يقلل من كثافة التمرين ".
وكتب ليب ومؤلفون مشاركين في دراسة نُشرت في مجلة "Digital Health "عام 2019، أن الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة يمكن أن يكون "مؤشراً مهماً" لما يسمونه "بطاطس الأريكة النشطة".
وينطبق هذا على الأشخاص الذين يستوفون متطلبات النشاط البدني، لكنهم يعيشون أنماط حياة راكدة جداً.
هل هناك تأثيرات أخرى على الصحة البدنية؟
ويبحث بول إليوت، الأستاذ في إمبريال كوليدج بلندن، في تأثير الهواتف الذكية على ما إذا كانت تؤدي إلى مشاكل صحية طويلة الأمد.
وفي دراسة حديثة نشرت هذا الشهر، وجد هو وباحثون آخرون أن استخدام الهاتف المحمول، ولحسن الحظ، لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الدماغ.
واعتمدت الدراسة، التي بدأت في عام 2007، على 250 ألف مستخدم للهاتف المحمول، وهي أكبر دراسة متابعة متعددة الجنسيات تبحث في هذا الموضوع.
يقول إليوت: "بسبب الطبيعة المستقبلية للدراسة حيث نسأل عن استخدام الهاتف المحمول ونتابع الأشخاص قبل أن يصابوا بالمرض (بالإضافة إلى الحصول على بيانات موضوعية عن استخدام الهاتف المحمول، بموافقة المشاركين، من مستخدمي الهاتف المحمول)، يمكننا أن ننظر في مجموعة واسعة من الأمراض، وليس سرطانات الدماغ فقط، بل بأنواع أخرى من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض العصبية ودراسات الخصوبة والآثار الإنجابية. وقمنا بدراسة تطور الأعراض مثل الصداع أيضاً".
وأشار إليوت في دراسة نُشرت عام 2021، بحثت في استخدام التكنولوجيا الرقمية على مؤشر كتلة الجسم (BMI) لدى المراهقين، والتي وجدت ارتباطاً بين الاثنين.
وقال الباحثون في النهاية: "إن ذلك يرجع جزئيا إلى عدم كفاية النوم"، مما يشير إلى أنه قد يكون هناك عوامل متعددة.
وفي الوقت نفسه، يهتم جيلودو في بريست بهذه العوامل المتعددة التي تترك أثاراً على صحتنا أيضاً، بسبب استخدام الهواتف الذكية، بما في ذلك كيفية تأثيرها على عاداتنا الغذائية ونومنا.
ويقول إن الحلول يجب أن تأتي من جميع جوانب المجتمع : الأفراد والشركات والحكومات وشركات التكنولوجيا الكبرى.
وأوصى جيلودو بإجراء تغييرات صغيرة مثل إيقاف تشغيل الهواتف أثناء العشاء وقبل 45 دقيقة من النوم بالإضافة إلى إيقاف تشغيلها في اجتماعات العمل.