كشفت دراسة حديثة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية ، الاهتمام الذى وجهه مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر وموجة التضخم الكبيرة و ظهر ذلك جليا في جلسات مجلس النواب، على مدار شهري يناير وفبراير، حيث صدرت تشريعات لمواجهة جشع التجار واحتكارهم وإخفائها للسلع، وضبطيات قضائية للجيش لمواجهة هذه الظاهرة.
وعن محاولات مواجهة الأزمة بالطرق التشريعية تقدمت الحكومة بمشروع قانون غلظت فيه العقوبات الواقعة على من يتعمد إخفاء السلع الاستراتيجية، فتقدمت الحكومة بتعديلات على القانون رقم 181 لسنة 2018، ومشروع قانون مقدم من النائب أحمد مقلد وآخرين (أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس في ذات الموضوع).
وجاءت العقوبات المغلظة في أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة وخمسين ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة ملايين جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، كل من خالف حكم المادة (8) من هذا القانون.
وفي حالة العودة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وتضاعف قيمة الغرامة بحديها. وفي جميع الأحوال تضبط الأشياء موضوع الجريمة، ويُحكم بمصادرتها بإغلاق المحل أو المكان الذي وقعت فيه الجريمة مدة لا تجاوز ستة أشهر، وبنشر الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة المحكوم عليه. ويجوز الحكم بإلغاء رخصة المحل أو المكان الذي وقعت فيه الجريمة.
وكانت العقوبة في القانون السابق مدة لا تقل عن سنة والغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أما في التعديل فأصبحت 150 ألف جنيه بدلًا من 100 ألف جنيه، وألّا تجاوز 3 ملايين جنيه بدلًا من مليونين. وقد طالب النواب بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق لضبط حالة الانفلات في الأسعار وحماية المستهلك من جشع التجار واحتكارهم وإخفائها للسلع.
و عقد المجلس جلسة لمناقشة الأدوات الرقابية الموجهة لوزير التموين الدكتور علي مصيلحي وهي كانت عبارة عن 96 طلبًا للإحاطة والأسئلة تركزت جميعها في عدم قدرة الوزارة على السيطرة على الأسواق والتحكم في الأسعار وواجه وزير التموين هجومًا شديدًا وغضبًا من النواب .
واكتفى الدكتور المصيلحي في مواجهته للنواب أن أسعار السلع مرتبطة بأسعار سعر الصرف، وأن سياسات الأعداد المستحقة لبطاقات التموين هي سياسات حكومية وليست سياسة وزارة فقط.
كما وافق مجلس النواب، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعجيل موعد استحقاق العلاوات الدورية ومنح علاوة خاصة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وزيادة الحافز الإضافي للعاملين بالدولة بتقرير منحة خاصة للعاملين بشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وزيادة المعاشات المدنية.
وأكدت المادة الخامسة على تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ألا يقل إجمالي الزيادة الشهرية للموظفين العاملين بالجهاز الإداري للدولة والكادرات الخاصة عن مبلغ 1000 جنيه/ شهريًا للدرجات الرابعة فيما دونها، ومبلغ 1100 للدرجات المالية الأولى والثانية والثالثة، ومبلغ 1200 جنيه شهريًا للدرجات المالية من مدير عام فيما فوقها، فقد تضمنت الفقرة الأولى من هذه المادة وضع حد أدنى لإجمالي الزيادات المقررة بالمواد الأولى والثانية والثالثة من المشروع للموظفين أو العاملين المخاطبين بأحكامه مقداره مبلغ 1000 جنيه شهريًا.
كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة ذاتها النص على أنه في الأحوال التي يقل فيها إجمالي ما يحصل عليه الموظف أو العامل نتيجة تطبيق الزيادات المشار إليها عن مبلغ الحد الأدنى المذكور، يستحق الفرق بينهما على أن يحسب هذا الفرق لمرة واحدة، ويصرف تحت مسمى (علاوة الحد الأدنى للحزمة الاجتماعية) ضمن المزايا النقدية لمستحقيها، ويتم الاحتفاظ به كجزء من الأجر المكمل أو المتغير بحسب الأحوال.
وتضمنت المادة السادسة تعجيل موعد استحقاق العلاوة الدورية للعاملين بشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام لتصبح في ذات تاريخ الأول من مارس 2024، مع قيام الشركات بمنح العاملين بها منحة تصرف شهريًا من موازنتها الخاصة تعادل الفرق بين نسبة العلاوة السنوية الدورية المقررة لهم ونسبة العلاوة الخاصة المقررة للعاملين بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية، بمراعاة أنه في الأحوال التي يقل فيها إجمالي ما يحصل عليه العامل بتلك الشركات عن 6 آلاف جنيه شهريًا بعد تطبيق الزيادة الواردة بحكم هذه المادة، يزداد دخل العامل بالفارق ليصل إجمالي ما يحصل عليه شهريًا لمبلغ 6 آلاف جنيه.
وعجلت المادة السابعة موعد استحقاق الزيادة في المعاشات المستحقة في 30 يونيو 2024 لتصبح أول مارس 2024، وذلك استثناء من أحكام المادة 35 من قانون التأمينات والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019 والمادة 123 من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 سنة 1975، وذلك دون الإخلال باستحقاق الزيادات التي تقرر اعتبارًا من الأول من يوليو 2025 في المواعيد المقررة قانونًا مع تحمل صندوق التأمين الاجتماعي العبء المالي الناتج عن تعجيل صرف الزيادة المنصوص عليها بالنسبة للمعاشات المدنية، على أن تسري أحكام الزيادة المشار إليها على المعاشات المقررة وفقًا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المشار إليه التي تستحق خلال الفترة من أول مارس 2024 حتى 30 يونيو 2024، وذلك اعتبارًا من تاريخ استحقاق المعاش.
وجاءت هذه الإجراءات والتشريعات في محاولات مضنية لتخفيف آثار الارتفاع الحاد في التضخم وأسعار سعر الصرف، واختتم المجلس بإشادة نوابه حول الصفقات التي بدأت الحكومة الإعلان عنها وهي صفقة رأس الحكمة والتي من شأنها تحقيق تدفقات دولارية تساهم بصورة كبيرة على مواجهة الأزمة.
من القضايا التي اهتم بها مجلس النواب خلال جلساته ما يتعلق بالرعاية الاجتماعية لبعض الفئات وبالأخص حقوق المسنين، فوافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون رعاية حقوق المسنين، ومشروعي قانونين مقدمين من النائب عبد الهادي القصبي وآخرين (أكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب)، والنائبة نشوى الديب وآخرين (أكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب)، في ذات الموضوع.
ومن أهم أهداف مشروع القانون حماية ورعاية حقوق المسنين وضمان تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والصحية والاقتصادية والثقافية والترفيهية وغيرها وتمتع المسنين بجميع الحقوق الواردة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المنظمة لحقوق المسنين، مع تمتعهم بكافة الحقوق الواردة في هذا القانون وأي قانون آخر ورفع الوعي المجتمعي بحقوق المسنين وتوفير سبل الاتاحة لهم وتمكينهم من المشاركة في تسيير الشئون العامة وصياغة السياسات والبرامج الخاصة بشئونهم وتيسير تعاملات المسنين مع الجهات الحكومية وغير الحكومية على أن يكون هناك نافذة تُخصص لحصولهم على الخدمات دون مزاحمة مع غيرهم.
ويمنح مشروع القانون المسن إعفاءً جزئيًا من تكلفة استخدام وسائل النقل العام المملوكة للدولة ملكية تامة ورسوم الاشتراك في الهيئات الرياضية ومراكز الثقافة والمسارح وبعض المتاحف والمواقع الأثرية المملوكة للدولة، ويكون للمسن في جميع مراحل الضبط والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ – الحق في معاملة إنسانية تتناسب مع حالته العمرية واحتياجاته ويكون له الحق في المساعدة الفنية المتخصصة عند الاقتضاء، على أن تراعي الدولة في تخطيطها لجميع أماكن الاحتجاز والسجون إتاحتها للمسنين كما يساهم مشروع القانون في إتاحة حقوق متكاملة من الرعاية الصحية والنفسية وإعادة التأهيل للمسنين، وإدراج حقوق واحتياجات المسنين في برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة.
ويهدف القانون أيضًا إلى أن يكون للمسن الأولى بالرعاية الحق في الحصول على مساعدة ضمانية شهرية في حالة عدم حصوله على معاش تأميني بالإضافة إلى توفير خدمة توصيل المعاش الخاص بالمسن أو المساعدة المستحقة بحسب الأحوال إلى محل إقامته مقابل رسم رمزي. ووفقًا للقانون لا يجوز قبول المسنين بدور الرعاية أو إبقائهم بها دون رضاهم ويُعفي القانون المسن الأولى بالرعاية الذي ليس لديه مكلف برعايته من تحمل تكاليف الإقامة والإعاشة في مؤسسات الرعاية الاجتماعية لرعاية المسن.
وبموجب هذا القانون ينشأ صندوق يسمى “صندوق رعاية المسنين” تكون له الشخصية الاعتبارية، يتبع الوزير المختص، يهدف هذا الصندوق إلى تعزيز حقوق وحريات المسنين وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص، وتقديم الدعم لهم في جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية والتعليمية.. وغيرها. كما يتضمن القانون بابًا كاملًا للعقوبات لتوفير الحماية القانونية الكاملة وفقًا للجريمة المرتكبة في حق المسن سواء كان معرضًا لإحدى حالات الخطر الواردة بالقانون أو غيرها من الأفعال المؤثمة وفقًا لما ورد بنصوص هذا المشروع.
وفي مجال حقوق الإنسان والعدالة، فقد وافق مجلس النواب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية "استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات"، وأصبح التقاضي بموجبها أمام محاكم الجنايات على درجتين، ولا تسري أحكامه إلا على الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتبارًا من تاريخ سريان هذا القانون.
ويأتي مشروع القانون تنفيذًا للالتزام الدستوري القائم على الدولة بكفالة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، والذي ينتهي في 17 يناير.
وأكد تقرير مجلس النواب أن القانون يحقق عددًا من الأهداف أبرزها العدالة الناجزة وتطبيق أفضل صورها، وتخفيف العبء على محكمة النقض، ووضع أفضل الضمانات للمتقاضين نظرًا لخطورة الجنايات وآثارها على المتهم وذويه.
وأكد التقرير أن القانون جاء متسقًا مع أحكام الدستور خاصة المادة 96 التي تنص على: “وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وكذلك المادة (240) منه التي تنص على أن: “تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور.
وشهدت جلسة مجلس النواب سجالًا قانونيًا واسعًا حيث تتدخل المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس للرد على مقترح وزارة العدل بأن يكون أخذ رأي المفتي في أحكام الإعدام مرة واحدة فقط وليس في درجتي المحاكمة.
وعقب رئيس مجلس النواب على مقترح وزارة العدل بأن هذا المقترح يتعلق بمصلحة الدولة المصرية في المقام الأول، مشيرًا إلى أن عقوبة الإعدام ليست بالأمر الهين، ولا شك أن أخذ رأي المفتي مرتين يُنظر إليه على أنه ضمانة للمتهم، وبالتالي فإن الأخذ بمقترح وزارة العدل قد يكون له مردود سلبي على المستوى الدولي عند مناقشة الملف الخاص بالنظام العقابي المصري، مشيرًا إلى إنه من المفترض أن تكون وزارة العدل هي الأحرص في ذلك باعتبارها من الجهات القائمة على مناقشة هذا الملف.