تتحرك الدولة في مخططاتها التنموية المختلفة وفق استراتيجية مدروسة تستهدف الاستفادة من الإمكانات والقدرات التي يتسم بها كل إقليم ومنطقة، وخلق قيمة اقتصادية مضافة لتدخلاتها التنموية في المناطق المختلفة يمكن الاستفادة منها بعد ذلك في شراكات استثمارية كبرى تحقق عوائد اقتصادية وتنموية كبيرة وإضافية لما تحقق بالفعل.
وأكدت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنه يمكن النظر إلى الشراكة الاستثمارية في مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة في المنطقة الشمالية الغربية كأحد الأمثلة المهمة في هذا الإطار، وهو نموذج للشراكات الاستثمارية الإيجابية بين الحكومة والقطاع الخاص كجزء من استراتيجية متكاملة للدولة لتنمية الساحل الشمالي الغربي لوضعه على خريطة التنمية الشاملة.
وكشفت دراسة المركز المصرى، أنه يبلغ إجمالي المساحة المعروضة للاستثمار السياحي بمدينة رأس الحكمة نحو 11.5 مليون متر، لجذب السائحين الوافدين إلى مصر لمنطقة رأس الحكمة، خاصة وأن البنية التحتية من طرق وخدمات في مراحل الإنشاء المتقدمة.
وتزيد قيمة الاستثمارات المبدئية للمشروع على 35مليار دولار، واستثمارات متوقعة خلال السنوات القادمة تصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما يعني توفير سيولة دولارية كبيرة تزيد من صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي على السواء، وتخفيف أزمة النقد الأجنبي بعدما تأثرت تدفقاته جراء الأزمات الدولية وخاصة الحرب على غزة بما أثر على عائدات قناة السويس.
وأكدت أنه قد تسهم هذه الشراكة الاستثمارية كذلك في تحقيق مُستهدفات الدولة في التنمية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل من خلال تشغيل الشركات المصرية في المشروعات المختلفة داخل مدينة رأس الحكمة سواء في قطاعات البنية التحتية أو في الإنشاءات أو المطورين العقاريين الذين سيتوجهون لهذه المنطقة للاستفادة من مقوماتها ولأنها ستكون وجهة السياحة العالمية مستقبلًا.
علاوة على ذلك، سيؤدي هذا المشروع إلى تحقيق انتعاش في قطاع الصناعة وخاصة الصناعات المرتبطة بالإنشاءات وغيرها من الصناعات التي سيزداد الطلب عليها لتلبية احتياجات هذا المشروع في مراحله المختلفة بدءًا من المراحل الإنشائية وحتى مراحل التشطيبات النهائية، مما يعني ضمان وجود طلب كبير يعزز من حركة السوق المصرية.
يضاف إلى ذلك أن مشروع مدينة رأس الحكمة سيلعب بدوره دورًا مهمًا للغاية في تنمية منطقة الساحل الشمالي الغربي وسيكون له الأثر ذاته وربما أكبر لمشروع مدينة العلمين الجديدة، ما يعني أنه سيفتح الباب واسعًا أمام شراكات استثمارية كبرى في هذه المنطقة مستقبلًا وبقيم استثمارية أعلى؛ استغلالًا للاهتمام العالمي بهذه المنطقة التي من المؤكد ستشهد نقلة كبيرة خلال السنوات المقبلة، خاصة مع امتلاكها للعديد من المقومات السياحية والثقافية والتاريخية التي لم تستغل على الوجه الأمثل حتى الآن، وستؤدي مشروعات مثل رأس الحكمة والعلمين الجديدة إلى الالتفات إليها بما يحقق نقلة حضارية للمنطقة بوجه عام