أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن ظاهرة العنف الأسري تعد من أهم التحديات التي تواجه الأسرة المصرية وتهدد استقراراها؛ نظرًا لما تسببه من مشاكل نفسية وجسدية واقتصادية لكل من المرأة والطفل، مما يؤثر بالضرورة على قوام المجتمع المصري. وهو ما جعل طرح الظاهرة من أولويات القضايا الخاصة بلجنة الأسرة والتماسك المجتمعي في الحوار الوطني.
واستعرضت الدراسة أهم المؤشرات الخاصة بالعنف الأسري وسبل المواجهة لتلك الظاهرة.
إذ يشير المسح الصحي للأسرة المصرية، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2022، إلى أن حوالي ثلث السيدات اللاتي سبق لهن الزواج في العمر 15-49 قد تعرضن لصورة من صور العنف من قبل الزوج. وبشكل عام، فتتعرض النساء داخل نطاق الأسرة إلى العنف الجسدي بنسبة 25%، وتتعرض 22% إلى العنف النفسي، وحوالي 6 % يتعرضن إلى العنف الجنسي.
وقد أشار مسح التكلفة الاقتصادية القائم على النوع الاجتماعي الصادر في عام 2015، بتعاون الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مع المجلس القومي للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للإنماء، إلى معاناة أطفال لـ 300 ألف أسرة من الكوابيس والخوف بسبب العنف المرتكب على يد الزوج سنويًا. ويتغيب أطفال نحو 113 ألف أسرة عن الدراسة بسبب العنف المنزلي على يد الزوج، بما يؤدي إلى فقدان نحو 900 ألف يوم دراسي سنويًا.
وقدرت الدراسة عدد النساء المتزوجات اللاتي يتركن منزل الزوجية نتيجة للعنف على يد الزوج بنحو مليون امرأة سنويًا، وبتكلفة سكن بديل قدرها 585 مليون جنيه مصري سنويًا. وتتعرض نحو 200 ألف امرأة لمضاعفات الحمل نتيجة للعنف المنزلي، إضافة إلى زيادة قدرها 3.5% في معدلات الإجهاض بين النساء المعنفات.
وخلصت الدراسة إلى إصابة نحو مليونين و400 ألف امرأة بنوع واحد على الأقل من الإصابات نتيجة للعنف المنزلي، بتكلفة اقتصادية تتكبدها النساء الناجيات من العنف وأسرهن تقدر بنحو مليارين و17 مليون جنيه مصري. وتفقد الدولة نحو نصف مليون يوم عمل للنساء المتزوجات الناجيات من العنف و200 ألف يوم عمل للزوج سنويًا بسبب العنف الأسري.
وفي دراسة حديثة أجراها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية عام 2020، بعنوان” العنف المجتمعي ظاهرة تحتاج إلى حل“، تم رصد 211 حالة عنف ضد النساء موزعة على معظم محافظات الجمهورية. وانقسمت ممارسات العنف ضد المرأة وفقًا لنوعية الجريمة؛ إذ احتل القتل والشروع في القتل مقدمة القائمة بعدد 173 حالة، يليها الجرائم الجنسية “اغتصاب – تحرش – ابتزاز” بعدد 38 حالة. وبملاحظة منحنى نوعية الجريمة وُجد أن الاتجاه السائد هو نحو ممارسات أكثر عنفًا تجاه المرأة، خاصة في الجرائم الناجمة عن الخلافات الأسرية.
وقد لعبت صلة القرابة بين الجناة والمجني عليهن دورًا وثيقًا؛ إذ جاءت أغلب حالات العنف من الأقارب بمختلف الدرجات بنسبة 61.6% بعدد 130 حالة من إجمالي 211 حالة، وتصدر الزوج تلك القائمة بنسبة 39.3%، فيما جاءت 25 حالة من قِبل الخطيب أو الجار أو العشيق. وكان عدد الحالات التي لا توجد بها صلة قرابة 59 حالة، وهو ما يتسق إلى حد كبير مع البيانات الصادرة عن المسح الصحي المصري لعام 2022، مما يُسلط الضوء على العلاقة بين الترابط الأسري ومن ثم المجتمعي والأمان الذي تتمتع به المرأة في محيطها الضيق الخاص بالأسرة والعائلة.