دراسة: التعايش مع الألم المزمن قد يزيد من خطر الإصابة بالخرف

منذ 1 سنة 260

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توصلت دراسة جديدة إلى أنّ الألم المزمن، مثل التهاب المفاصل، أو السرطان، أو آلام الظهر، الذي يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر، يزيد من خطر التدهور المعرفي والخرف.

والحُصين، عبارة عن بنية دماغية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتعلم والذاكرة، وزاد عمره حوالي عام لدى شخص يبلغ من العمر 60 عامًا، ويعاني من ألم مزمن في موضع ما مقارنة مع من لا يعانون من الألم.

وعندما شعر بالألم في مكانين بالجسم، تقلص حجم الحُصين أكثر من ذلك، أي ما يفوق عامين بقليل من الشيخوخة، بحسب تقديرات الدراسة التي نُشرت في مجلة "Proceedings of the National Academy of Science" أو"PNAS"، الاثنين.

وقال المؤلف تو ييهنغ وزملاؤه، وهو أستاذ علم النفس في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، إنه "بعبارة أخرى، كان حجم الحُصين (حجم المادة الرمادية) لدى فرد يبلغ من العمر 60 عامًا مصابًا (بألم مزمن) في موقعين من الجسم مشابهًا لحجم الحصين لدى من يبلغون من العمر 62 عامًا، ولا يعانون من آلام.

ووجدت الدراسة أن الخطر يرتفع مع زيادة عدد مواقع الألم في الجسم. وكان حجم الحُصين أصغر بأربع مرات تقريبًا لدى الأشخاص الذين يعانون من الألم في خمسة مواقع أو أكثر من الجسم مقارنةً مع من يعانون من اثنين فقط، أي ما يعادل ثماني سنوات من الشيخوخة.

وقال الدكتور ريتشارد إيزاكسون الباحث في مرض الزهايمر، وطبيب الأعصاب الوقائي بمعهد أمراض الأعصاب في ولاية فلوريدا الأمريكية، وغير المشارك في الدراسة الجديدة، إنّ "سؤال الناس عن أي حالات ألم مزمنة، والدعوة إلى رعايتهم من قبل اختصاصي الألم، قد يكون عامل خطر قابل للتعديل مضاد للتدهور المعرفي الذي يمكننا معالجته بشكل استباقي".

تراجع الإدراك مع الألم

وحللت الدراسة بيانات أكثر من 19 ألف شخص خضعوا لفحص الدماغ كجزء من البنك الحيوي البريطاني، وهي دراسة حكومية طويلة الأمد تشمل أكثر من 500 ألف مشارك بريطاني تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عامًا.

ووجدت الدراسة أنّ الأشخاص الذين يعانون من الألم في مواقع متعددة من الجسم كان أداؤهم أسوأ ممّن لا يعانون من الألم في سبع من 11 مهمة معرفية. وفي المقابل، كان أداء الأشخاص الذين لديهم موقع ألم واحد أسوأ في مهمة معرفية واحدة فقط، وهي القدرة على تذكر أداء مهمة ما في المستقبل.

وبعد تحديد مجموعة متنوعة من الحالات المساهمة في الدراسة مثل: العمر، وتعاطي الكحول، وكتلة الجسم، والعرق، والوراثة، وتاريخ السرطان، والسكري، ومشاكل الأوعية الدموية أو القلب، والأدوية، والأعراض النفسية وحالة التدخين، على سبيل المثال لا الحصر. ومع ذلك، فإن الدراسة لم تتمكّن في التحكم بمستويات التمرين، بحسب إيزاكسون.

وقال لـCNN إنّ "التمارين الرياضية تُعد الأداة الأولى والأقوى في مكافحة التدهور المعرفي والخرف". وتابع: "قد يكون الأشخاص المصابين بالألم المزمن متعدد المواقع أقل قدرة على الالتزام بالنشاط البدني المنتظم، كآلية محتملة لزيادة خطر الإصابة بالخرف".

وأضاف إيزاكسون، أن الصلة بين الألم المزمن والالتهاب لا تقل أهمية. فقد أظهرت مراجعة للدراسات أجريت عام 2019، أن الألم يحفز الخلايا المناعية المسماة الخلايا الدبقية الصغيرة لخلق التهاب عصبي قد يؤدي إلى تغييرات في اتصال الدماغ ووظيفته.

وكان الأشخاص الذين يعانون من مستويات أعلى من الألم أكثر عرضة لتراجع المادة الرمادية في مناطق الدماغ الأخرى التي تؤثر على الإدراك، مثل قشرة الفص الجبهي والفص الجبهي، وهي المناطق ذاتها التي يهاجمها مرض الزهايمر. وفي الواقع، يتعايش أكثر من 45٪ من مرضى الزهايمر مع ألم مزمن، وفقًا لدراسة أجريت عام 2016، استشهدت بها المراجعة.

ولم تكن الدراسة أيضًا قادرة على تحديد عيوب النوم، فالألم المزمن غالبًا ما يجعل الحصول على نوم جيد ليلاً أمرًا صعبًا. ووجدت دراسة أجريت في عام 2021، أنّ النوم أقل من ست ساعات في الليلة، في منتصف العمر يزيد من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 30٪.

إعاقة عالمية

عالميًا، تُعد آلام أسفل الظهر سببًا رئيسيًا لسنوات العيش مع الإعاقة، وتأتي آلام الرقبة في المرتبة الرابعة، وفقًا لدراسة العبء العالمي للأمراض الصادرة عام 2016. ومن الأسباب الرئيسية الأخرى التهاب المفاصل، وتلف الأعصاب، والألم الناجم عن السرطان والإصابات.

ويقدّر الباحثون أنّ أكثر من 30٪ من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، يعانون من الألم المزمن: "الألم يعتبر السبب الأكثر شيوعًا وراء طلب الناس للرعاية الصحية والسبب الرئيسي للإعاقة في العالم"، وفقًا لمقالات نُشرت في مجلة "The Lancet"، في عام 2021.

وفي الولايات المتحدة وحدها، يعيش حوالي 50 مليون أمريكي، مع ألم طويل الأمد، وفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.

ويعاني قرابة 11 مليون أمريكي من ألم مزمن شديد التأثير، يُعرَّف عنه بأنه ألم يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر "مصحوبًا بقيود نشاط رئيسية واحدة على الأقل، مثل عدم القدرة على العمل خارج المنزل، أو الذهاب إلى المدرسة، أو القيام بالأعمال المنزلية"، وفق المركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية.

وتم ربط الألم المزمن بالقلق، والاكتئاب، والقيود على الحركة، والأنشطة اليومية، والاعتماد على المواد الأفيونية، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وسوء نوعية الحياة. وقدّرت دراسة أجريت عام 2019، أن ما بين 5 و8 ملايين أمريكي يستخدمون المواد الأفيونية لإدارة الألم المزمن.

معالجة الآلام المزمنة

وبحسب جون هوبكنز ميديسن، تتضمن برامج إدارة الألم في العادة، عددًا من الاختصاصيين للعثور على أفضل تسكين للأعراض مع توفير الدعم للعبء العاطفي والعقلي للألم.

وقد يشمل العلاج الطبي الأدوية المتوفرة من دون وصفة طبية، والأدوية الموصوفة لوقف دورة الألم وتخفيف الالتهاب. كما قد تساعد أيضًا حقن المنشطات. وتزيد مضادات الاكتئاب من كمية السيروتونين الذي يتحكم في جزء من مسار الألم بالدماغ. فيما يعتبر تطبيق دفعات قصيرة من الكهرباء على العضلات والنهايات العصبية علاجًا آخر.

كما يمكن اقتراح علاجات مثل التدليك والغطس في الدوامات، والتمارين من قبل المعالجين المهنيين والفيزيائيين، بالإضافة إلى العلاجات الساخنة والباردة، والوخز بالإبر.

أما علماء النفس الذين لديهم اختصاص في إعادة التأهيل فقد يوصون بأساليب معرفية واسترخاء مثل التأمل، والتاي تشي، واليوغا التي يمكن أن تبعد العقل عن التركيز على الألم.

وقد يُقترح اتباع نظام غذائي مضاد للالتهابات، مثل تقليل تناول الدهون غير المشبعة، والسكريات، والأطعمة المصنعة الأخرى. وقد يكون فقدان الوزن مفيدًا أيضًا، خصوصًا لآلام الظهر والركبة.