تعاظم دور الهيئات والجهات القضائية المصرية خلال السنوات الماضية وامتد أثره فى حرفية ومهنية قضاته إلى محيط مصر الإقليمى عربيًا وإفريقيًا وكذلك على المستوى الدولى، ليرتقى القضاء المصرى مكانة وحيثية سماتها العدالة الناجزة والمهنية والدقة فى صياغة الأحكام الصادرة ومهارات التحقيق فى الجرائم لا سيما تلك التي تهدد مختلف دول العالم، وعلى رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة وجرائم غسيل الأموال والجرائم العابرة للحدود.
القضاء الدستورى يجمع القارة الإفريقية لصون الحقوق والحريات:
وشهد العام 2022، الدورة السادسة من اجتماع القاهرة رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، بمشاركة 40 دولة إفريقية يمثلهم 51 رئيس محكمة دستورية ومجلس دستوري ومحكمة عليا بإجمالي 126 مشاركًا في أعمال الاجتماع ما بين رئيس محكمة ورئيس مجلس.
وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على استقبال رؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة المشاركين في المؤتمر، تأكيدًا لحرص مصر على دعم دور السلطة القضائية في المجتمعات الإفريقية، في إطار سيادة الشرعية الدستورية، وبما يحقق التوازن بين حقوق وحريات المواطنين، وبين مباشرة السلطات العامة لوظائفها.
وأكد الرئيس السيسي أن الجهود القضائية تكتسب أهمية في ضوء التحديات التي تواجهها دول القارة؛ خاصةً ما يتعلق بحقوق المواطنة، واللاجئين والمهاجرين، وحماية الهوية الثقافية، وحقوق الشعوب في مواردها الطبيعية المشتركة، وجهود التنمية الاقتصادية.
وعبر الرئيس السيسي خلال اجتماعه مع القضاة الأفارقة عن رؤية الدولة، بشأن أهمية الوعي الشعبي لتعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية بغرض تمكين الدول من التصدي بفعالية للتحديات التي تهدد كيانها، وأخطرها الفكر المتطرف والتمييز بين المواطنين على أساس ديني أو عرقي أو طائفي، فضلًا عن صون أمنها واستقرارها.
وتناول اجتماع القاهرة رفيع المستوى، رؤى عكست الريادة المصرية في تحقيق الضمانات الدستورية المقررة لتنمية الموارد الطبيعية المشتركة والتنظيم الدولي لاستغلالها، والحماية الدستورية لمبدأ المواطنة، وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين، بالإضافة إلى الضمانات الدستورية في حماية الخصوصية الثقافية، والعدالة الاجتماعية من المنظور الاقتصادي.
مجلس الدولة يدشن اتحادًا إفريقيًا في يوبيله الماسي:
وشهد العام 2022، احتفال مجلس الدولة باليوبيل الماسي لإنشائه (مرور 75 عامًا)، والذي تزامن مع تدشين اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإفريقية.
وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، على استقبال رؤساء وممثلي مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا الأفارقة، في شهر مايو الماضي، للتأكيد على حرص مصر على دعم وتلبية التطلعات المشروعة للشعوب القارة في حماية مقدراتها وصون حقوقها وحرياتها، ورغبةً في نشر الوعي والثقافة القانونية وتبادل الخبرات والمعارف؛ لاسيما في مجال القانون الإداري، وحرصًا على التكاتف والتنسيق في سبيل دفع العمل الأفريقي المشترك.
وانعكس لقاء رئيس الجمهورية بممثلي المحاكم الإدارية العليا الأفارقة، على إدراكهم حرص مصر على دعم استقلال القضاء وتعزيز دوره ومكانته، إيمانًا بأن العدل هو عماد المجتمع وضمانة الأمن والسلم فيه.
ويستهدف "اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإفريقية" تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجالات القضاء الإداري بين دول القارة، وتشجيع البحوث والدراسات القانونية ذات الصلة، فضلًا عن تعزيز الاستفادة من أدوات التأثير المصري المؤسسي والبشري في دفع العلاقات مع الدول الإفريقية.
مصر في المركز الأول عربيًا في نشر أحكام منازعات الملكية الفكرية:
كما شهد العام 2022، نشر 16 حكمًا قضائيًا يتعلق بمنازعات الملكية الفكرية على المنصة الإلكترونية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية "وايبو"، وذلك في إطار دعم الدولة آليات حماية حقوق الملكية الفكرية بهدف خلق بيئة جاذبة للاستثمار، لتصبح مصر أول دولة عربية تنشر أحكامها القضائية على هذه المنصة الدولية.
وصدرت الأحكام المنشورة عن المحاكم الاقتصادية ومحكمة النقض في منازعات الملكية الفكرية ذات الصلة بحق المؤلف، وبراءة الاختراع، والعلامات التجارية، ويتاح ترجمتها إلى 5 لغات هي (الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والصينية، والألمانية)، وتتيح لأعضاء الجهات والهيئات القضائية الاطلاع على أحدث الأحكام القضائية الصادرة في هذا المجال.
وكان المستشار عمر مروان وزير العدل، قد أبرم مذكرتي تعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية في شهر سبتمبر الماضي، تستهدف تدريب 300 قاض في مجال حماية الملكية الفكرية.
وتمكن القضاء المصري من بلوغ تلك المكانة، بدعم كبير وغير محدود من القيادة السياسية؛ لا سيما مع اللقاء السابق خلال العام 2022 الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية مع دارين تانغ مدير عام المنظمة العالمية للملكية الفكرية "وايبو" بحضور الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
النيابة العامة تقود الجهود الأفرو - عربية لمكافحة الجرائم المنظمة:
كما شهد العام 2022، استكمال النيابة العامة دورها العربي والإفريقي، في رئاسة النواب العموم العرب والأفارقة، ومنها رئاسة المستشار حماده الصاوي النائب العام، فعاليات الاجتماع الثاني لجمعية النواب العموم العرب.
وأكد النائب العام، أولوية تذليل الصعوبات التي قد تواجه تعزيز التعاون القضائي الدولي، واقتراح آليات ووسائل التغلب عليها بتوفير قنوات اتصال دائمة بين النيابات العامة وهيئات الإدعاء العام الأعضاء، بما يضمن سرعة تنفيذ الالتزامات الدولية الناشئة عن الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة.
ونجحت النيابة العامة المصرية في استحداث آلية تواصل سريعة وفعَّالة بين ما اسهم في إنجاز العديد من طلبات التعاون القضائي الدولي على نحو متميز، وبصورة غير مسبوقة، ما كان له الأثر العظيم في مكافحة الجريمة بشتى صورها؛ خاصة الجرائم المنظمة عبر الوطنية، ومنع توفير ملاذ آمن لمرتكبيها.
وتستهدف النيابة العامة من رئاستها لجمعية النواب العموم العرب، تطوير القدرات والمهارات الفنية والإدارية لأعضاء النيابة العامة بالدول الأعضاء؛ خاصة في مجال تحصيل وإقامة الأدلة، وإجراءات الملاحقة القضائية، والتعاون الدولي، بما في ذلك من تعقّب وضبط وتجميد ومصادرة العائدات الإجرامية المتحصلة من مختلف الجرائم.
وسلطت النيابة العامة الضوء – هذا العام – على جرائم الاحتيال المالي وعلاقتها بالأمن السيبراني، في ظل التطور التكنولوجي الذي دفع بأنماط جديدة للجرائم تستدعي مواجهتُها عبر تبادل الممارسات العملية والخبرات حول كيفية تحقيقها.
كما أكدت النيابة العامة دورها بعقد ورشة عمل بشأن أفضل الممارسات القضائية والتحديات في استرداد عائدات الجرائم الجنائية المهربة للخارج؛ وذلك لدعم القدرات والمهارات الفنية لممثلي النيابات العامة العرب؛ لاسيما فيما يتعلق باسترداد عائدات الجرائم الجنائية.
وكذلك التركيز على آليات هيئات الإدعاء في التصدي لمخاطر وجرائم الهجرة غير الشرعية، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة IOM، بهدف تبادل الخبرات والممارسات من خلال استغلال الآليات المتطورة والتكنولوجيا الحديثة.