خيانة زوجية

منذ 6 أشهر 126

خيانة زوجية


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/5/2024 ميلادي - 3/11/1445 هجري

الزيارات: 21


السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة، ليس لها أطفال حتى الآن، تعيش مع زوجها في بلد أجنبي، وهو حنون، ويدعمها في كل شيء، لكنها اكتشفت خيانته لها مع امرأتين، عن طريق مقاطع خليعة لهما وجدتها على هاتفه، وهو ينكر أن يكون قد أقام معهما أي علاقة، ويدَّعي أن علاقته بهما علاقة عمل، وهي لا تصدقه، وتسأل: هل تطلب الطلاق، أو تكمل حياتها معه؟

التفاصيل:

أنا امرأة متزوجة منذ سنوات، ليس لديَّ أولاد، أعيش في بلد أجنبي، زوجي حنون لطيف، ملتزم قليلًا، كريمٌ، يدعمني في كل شيء، بيدَ أنني اكتشفت أنه كان يعيش مع امرأة قبلي من غير زواج، ويقيمون علاقة كاملة، وهو يصور كل شيء، وما زال محتفظًا بالصور والفيديوهات، وبعد زواجنا أخبرني أنها زميلة في العمل، لكني اكتشفت أنَّه ما زال يكلمها بين الفينة والأخرى، ولا أدري هل يقيمون علاقة معًا بعد زواجنا، لم أصارحه بخصوص المقاطع التي رأيتها، وهو يحلف لي أنه لم يُقِم أي علاقة معها من قبل، وهناك امرأة أخرى ادَّعى زوجي أنه يذهب إلى بيتها من أجل العمل، وأنه لا يكون وحيدًا، وأنها حاولت أن تتقرب منه، فلم يستجِب لها، في حين أنني رأيت مقاطعَ خليعةً لها على هاتفه، هاتان المرأتان تكبران زوجي بعشر سنوات، وأنا الآن في حيرة من أمري: هل أكمل معه، وأنجب أطفالًا، أو أطلب الطلاق؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، المبعوث رحمةً للعالمين، وهادي الأنام إلى شرع رب العالمين؛ أما بعد أختي السائلة:

ففي طيات مشكلتكِ أمور شرعية يجب بيانها أولًا، كما ينبغي ضبط الأحكام الشرعية، ومعرفة المصطلحات التي تنطبق عليها هذه الأحكام.

عنوان استشارتكِ (خيانة زوجية)، علمًا أن الوصف الذي ذكرته في استشارتكِ إنما ينطبق على (الزنا)، وهي بهذا الوصف لا تُسمَّى خيانة.

لذلك وقبل أن أبدأ بإيجاد حل لمشكلتكِ لا بد من ضبط الأحكام الشرعية، ومعرفة المصطلحات التي تنطبق عليها هذه الأحكام.

عندما قلتِ: (اكتشفت أنه كان يعيش مع امرأة قبلي من غير زواج)، والتركيز على أنه كان يصور كل شيء، والأدهى والأمَرُّ أنه قد احتفظ بهذه الصور، كما ذكرتِ أنه ما زال على علاقة مع تلك المرأة التي لم تعرفي نوع العلاقة بينهما، كما أنه أصبح أيضًا يتحدث مع امرأة أخرى.

كل ذلك حسب أقوالكِ أنتِ.

أولًا: حكم الحالة الأولى وهي زنا غير المحصن، وسأُبيِّن الحكم الشرعي لها.

ثانيًا: حكم الاعتماد على أفلام الفيديو والصور كدليل على فاحشة الزنا.

ثالثًا: هل تاب وعاد إلى الله قبل الزواج بكِ؟ وله حكم شرعي أيضًا.

حكم فاحشة الزنا:

بفضل الله تعالى ومَنِّه وكرمه، لم يترك لنا ديننا الحنيف لا صغيرة ولا كبيرة، إلا بيَّنها لنا، من حين تحمَّل آدم عليه السلام الأمانةَ، بينما أبَتِ السماوات والأرض أن يحمِلْنَها.

ففاحشة الزنا ظاهرة ليس لها علاج - بُعْدًا عن تفشِّيها في المجتمع - إلا باتباع القرآن الكريم.

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].

فقد ثبت أن الزنا حرام، وأنه من الكبائر، فقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم عِظَمَ هذه الجريمة؛ كما جاء في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله، أي ذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خَلَقَكَ، قلت: ثم أي؟ قال: وأن تقتل ولدَك خشيةَ أن يأكل معك، قال: ثم أي؟ قال: وأن تزنيَ بِحَلِيلَةِ جارك))، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ... ﴾ [الفرقان: 68]))؛ [أخرجه البخاري، كتاب الوصايا، باب تفسير الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ﴾ [النساء: 10] (2766)].

وبيَّن أن الزنا من الموبقات - يعني المهلكات - التي تهلك صاحبها، والحديث عن حرمتها يطول، ولكِ العودة إلى كتاب الكبائر للذهبي لمعرفة حرمة فاحشة الزنا.

أما حد الزاني، وهو على قسمين: حد الْمُحْصَن وحدُّه الرجم وسنذكر الدليل، وحد غير المحصن الجَلْدُ.

حد مرتكب فاحشة الزنا: قال تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 2].

هذه الآية الكريمة فيها حد الزاني غير المحصَن، وهناك شرح مفصل لهذه الآية تجدين تفسيرها في تفسير ابن كثير الجزء الثالث، الصفحة: 271.

أما حد الزاني المحصن، فعقوبته الرجم؛ فقد ذكر البخاري في كتاب الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق والكره، من حديث (5270)، جاء فيه أن رجلًا من أسْلَمَ أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد الحرام فقال: إنه قد زنى فأعرض عنه، فتنحَّى لشق نفسه الذي أعرض، فشهِد على نفسه أربع شهادات فدعاه، وقال: هل بكِ جنون؟ هل أُحصنت؟ قال: نعم، فأمر به أن يُرجم بالمصلَّى، فلما أذلقته الحجارة جَمَزَ، حتى أدركناه بالحَرَّة فقُتل.

فإذًا زوجكِ قد اعترف بالزنا، فهذا حكمه الشرعي.

ثانيًا: هل تثبت فاحشة الزنا بالتصوير بالفيديو؟

جريمة الزنا إما أن تثبت بالاعتراف كما نستدل من الحديث السابق، أو برؤية العين من أربع شهود، ولا تكفي في ذلك كاميرات تصوير أو فيديوهات، وقد أفتى بذلك الشيخ الدكتور صالح الفوزان.

لذا بناء على زواجه منكِ لاحقًا، هل تاب إلى الله من هذه الفاحشة توبة نصوحًا؟

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].

فلو تاب فعلًا وعاد إلى الله عن هذه الفاحشة، وقد ستره الله ولم يفضحه، كان على الأقل يتلف هذه الفيديوهات.

فهل فعلًا تاب إلى الله، وأناب وعاد إلى الله قبل الزواج بكِ، فهذا يعود إليه وهو بينه وبين الله، فإن تاب وعاد إلى الله، واستغفر لهذا الذنب العظيم وتزوَّجكِ، فيجب أن يبتعد عن هذه الفاحشة حتى لو لم يتم فحش علاقة الزنا الكاملة، وأنتِ متزوجة به.

على العموم بيَّنت لكِ الأحكام الشرعية، وأنتِ ما عليكِ إلا اتخاذ قرار نابع من جميع المعطيات التي قدمتها لكِ، بالإضافة إلى ولي أمركِ إن كان موجودًا في مكان سكنكِ، أو على الأقل يعلم بما ستتخذينه من قرار مصيري كهذا.

فأنتِ بفضل الله ما زلتِ على البَرِّ، ولم تنجبي منه أولادًا، مع الدعاء الحارِّ في جوف الليل، وعدم البعد عن الأذكار التي تُعينكِ على الثبات في اتخاذ قراركِ، مع التأكد أن اللجوء إلى الله والتوكل عليه هو المخرج لكِ من محنتكِ هذه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.