♦ الملخص:
شاب خطب فتاة لم يكن مقتنعًا بشكلها؛ لأن بشرتها ليست بيضاء، وهو يحب البشرة البيضاء، حاول أن يعطيها من مشاعره، لكنه لم يستطع؛ بسبب شكلها، ففسخ الخطبة، مع كون الفتاة مناسبة له، وهو في داخلة نفسه ليس راضيًا عن قراره هذا، ويريد الرجوع إليها، ويسأل: هل سيظل عائق الشكل موجودًا بعد الزواج؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدمت لخِطبة فتاة، ولما رأيتها في الرؤية الشرعية، كانت تضع "الميكاب"، فبدتْ لي بَشَرَتَها بيضاءَ، وقد كنت مترددًا في إتمام الخطبة؛ بسبب شكلها، ومع ضغط الأهل، وكونها فتاة مناسبة لي، أتممت الخِطبة، ثم إني رأيتها بدون "ميكاب"، فلم تكن بشرتها بيضاء، وأنا أحب البشرة البيضاء، لكني أكملت؛ لأنها فتاة طيبة وتعاملني معاملة حسنة، ولأن بيننا توافقًا فكريًّا، لكنَّ شكلَها بقِيَ عائقًا أمامي، ولم أستطع أن أعطيَها مشاعرَ، ظللت في حيرة من أمري؛ إذ أخشى أن أنفر منها بعد الزواج، أو أطلقها؛ لأن غرضي الأساس من الزواج أن أُعِفَّ نفسي عن الحرام، ثم اتضح بعد ذلك أنها كانت مسحورة، وعُولجت على يد شيخ؛ فقررت أن أنهي الخِطبة، كان ذلك الأمر منذ أربعة أشهر، وما زال هناك أمل في الرجوع، أهلي يضغطون في هذا الاتجاه، وأنا في قرارة نفسي لَسْتُ راضيًا عن هذا القرار، وأريد الرجوع إليها؛ لأني أُراها فتاةً مناسبة لي، سؤالي: هل يمكن أن يأتي الحب بمرور الوقت بعد الزواج، حتى لو لم أكن مقتنعًا بشكلها، أم سيكون شكلها سببًا في أن أطلقها بعد ذلك؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتك هو:
1- خطبت فتاة ترى ويرى أهلك أنها مناسبة لك جدًّا خُلُقًا وفكرًا، وتُعاملك معاملة ممتازة.
2- أنت تحب لون البشرة البيضاء، وخطيبتك خرجت لك في الرؤية الشرعية بالمكياج، فرأيتها بيضاء، ثم رأيتها مرة أخرى وهي بدون مكياج، فإذا هي سمراء.
3- ومتخوف من ألَّا تجد عندها الإعفاف الكامل؛ بسبب لون بشرتها، وبسبب أمرٍ آخر تُخفيه، لكنه واضح جدًّا من ثنايا رسالتك، وهو ضعف الارتياح والتردد.
4- تخشى إن تزوجتها ألَّا تجد معها الارتياح ولا الإعفاف ثم تطلقها، وهذا صعب عليك جدًّا.
5- حاولت أن تُعطيها مشاعرَ ولم تستطع أبدًا، وهذا مؤشر خطير جدًّا، وتعتقد أن ذلك بسبب شكلها.
6- اتضح لك أنها كانت مسحورة، وعُولجت عند شيخ راقٍ، وهذا أمر مقلق جدًّا جدًّا، ولا يستبعد معاودة السَّحَرة عملَ سحرٍ آخرَ.
7- قررتَ إنهاء الخطبة وتم ذلك، ولكنك غير راضٍ عن هذا القرار، وتحب أن ترجع إليها.
٨- وتقول: هناك ضغط من أهلك للرجوع إليها، وتسأل: هل يمكن إذا تزوجتها أن تحبها مع مرور الوقت، مع أنك غير مقتنع بشكلها، ولا يمكنك تطليقها بسبب شكلها؟
ثم تسأل عن الإفادة حول موضوعك، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: أخطأَتْ عندما خرجَتْ لك في الرؤية الشرعية بالمكياج؛ لأنها نوع من التمويه، فالرؤية الشرعية تتم عادة بطريقة عادية بدون أي تحسينات مصطنعة.
ثانيًا: نتج عن هذا الخطأ صدمة نفسية لك يبدو أنها كانت قوية جدًّا؛ ولذا كررتها في رسالتك عدة مرات متألمًا منها، خاصة أنك تحب البشرة البيضاء خِلقةً، وليس تصنعًا.
ثالثًا: ذكرت فيها مواصفات طيبة من حيث الخلق والتعامل، وتوافق الفكر، وكل هذا طيب جدًّا، لكنه غير كافٍ لتحقيق حياة زوجية سعيدة تحُفُّها المودة والسكن، والرحمة والاستعفاف، ما دام في القلب ترددٌ واضطراب حول القناعة بشكلها.
رابعًا: ذكرت أنها كانت مسحورة وتعالجت عند شيخ راقٍ، ويحتمل من وصفك لحالك معها أنه ما زال عندها بعض الأثر لهذا السحر، وقد يكون هو الذي جعلك مترددًا في أمرك معها؛ ولذا فلا بد من التأكد يقينًا جازمًا أنها تعافت تمامًا.
خامسًا: تخوفاتك من ألَّا تحبها ولا تجد عندها الإعفاف ثم تطلقها تخوفات تُؤخَذ في الاعتبار، خاصة أنك ذكرت أمرًا خطيرًا جدًّا يدل لذلك؛ وهو أنك حاولت أن تعطيها مشاعر فلم تستطع.
سادسًا: تقول: إنك قررت إنهاء الخِطبة، وأنهيتها وأنت غير راضٍ عن هذا القرار، وتُفكر في الرجوع لها وأهلك يضغطون عليك للرجوع إليها، فأقول: التذبذب عندك واضح جدًّا، فمرة تقول: إنها متوافقة معك، ومرة تقول: إنك غير مقتنع أبدًا بشكلها، ومرة تطلقها، ومرة تريد الرجوع إليها، وأنت متخوف من المستقبل معها، وهكذا؛ ولذا فاحسم موضوعك معها، فإذا تأكد لك شفاؤها تمامًا من السحر - وهو أمر مهم جدًّا جدًّا - فاطلب رؤيتها مرة أخرى بدون مكياج، ثم استخِرِ الله سبحانه بتجرد كامل بعيدًا نهائيًّا عن تأثيرات ضغوط الأهل؛ فأهلك لن يتزوجوها، أنت الذي تريد زواجًا فيه سكن ومودة، ورحمة واستعفاف لك ولزوجتك.
حفظك الله، ودلَّك على أرشد أمرك.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.