اعتبر الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام والخبير فى النزاعات الدولية، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية، والقاضى باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، خطوة التاريخية والانتصار للعدالة الدولية.
وقال مهران، إن هذا القرار يأتى بمثابة اعتراف دولى بالجرائم التى ارتكبها نتنياهو وقادة الاحتلال بحق الشعب الفلسطينى، وتأكيد على أن الحصانة لن تكون درعًا واقيًا لمجرمى الحرب ومنتهكى حقوق الإنسان، مهما علت مناصبه، مضيفًا صحيح أن القرار جاء متأخرًا بعض الشيء، لكنه يحمل أهمية كبيرة فى هذا التوقيت بالذات، حيث يتزامن مع تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين واجتياح رفح، وسياسات الضم والتوسع الاستيطانى غير القانونية التى ينتهجها نتنياهو، فى تحدٍ صارخ للقانون الدولي.
وأوضح الخبير الدولى، أن القرار يستند لنصوص واضحة فى اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافى الأول، التى تجرّم الاستهداف المتعمد للمدنيين والبنية التحتية المدنية، كما ينسجم مع نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، الذى يصنف هذه الأفعال كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
وشدد الدكتور مهران، على أن المادة 27 من نظام روما تؤكد على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للأشخاص، بما فى ذلك رؤساء الدول والحكومات، فى تحديد المسؤولية الجنائية، وهو ما يعنى أن الحصانة لن تشكل عائقًا أمام محاسبة نتنياهو ومن على شاكلته.
كما لفت إلى أن المادة 89 من نظام روما تُلزم الدول الأطراف بالتعاون الكامل مع المحكمة فى تنفيذ أوامر الاعتقال، بما فى ذلك اعتقال وتسليم المتهمين، وهو ما يعنى أن التزامًا دوليًا يقع على عاتق إسرائيل بتقديم نتنياهو للمثول أمام العدالة، مؤكدا أنه لتنفيذ هذا القرار، يتعين على المدعى العام للمحكمة أن يبلغ الدول الأعضاء بأمر الاعتقال، مصحوبًا بالمواد التى تدعم الطلب، وعلى هذه الدول واجب النشر على الفور والعمل على الاعتقال والتسليم.
وأردف أستاذ القانون: فى حالة امتناع أى دولة عن التنفيذ وكانت قد عقدت ترتيبًا خاصًا أو اتفاقًا مع المحكمة عن التعاون، يحق للمحكمة إحالة الأمر إلى مجلس الأمن، وفقًا للمادة 87، لاتخاذ تدابير ملزمة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كفرض عقوبات أو استخدام القوة، معربًا عن أمله فى أن تتحرك الدول بشكل سريع وحازم لإنفاذ القرار، وألا يبقى حبرًا على ورق، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولى يقف اليوم أمام اختبار حقيقى لمصداقيته، لإثبات أن العدالة لا تستثنى أحدًا.
وهذا بالإضافة إلى تأكيد مهران على أن اعتقال نتنياهو سيكون رسالة قوية لاسرائيل ولكل مجرمى الحرب بأن أيامهم باتت معدودة، وأن القانون الدولى لن يقف صامتًا بعد اليوم إزاء الجرائم الوحشية المرتكبة ضد البشرية"، داعيًا جميع الدول للانضمام لهذه الخطوة والعمل على محاسبة كل من تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء.