قال الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادى ومدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن الشائعات تتزايد عندما تتحول الدول إلى بناء حقيقى لاقتصاداتها عبر تحول فى هيكلها الاقتصادى بما يحقق مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، و هنا تبرز الشائعات التى تحاول بجهد مستميت فى عرقلة هذا التحول الايجابى فى بنية الاقتصاد، منوها بأن استمرار التنمية الاقتصادية تتطلب حذرا كبيرا عند التعامل مع الشائعات المرتبطة بالاقتصاد.
وأوضح في تصريح لـ"اليوم السابع" أن الرد على بعضها خاصة المرتبطة بالجانب الاقتصادي ربما يسهم في انتشار الشائعات على نطاق واسع في وسائل الإعلام عبر قيام الأشخاص بالبحث عن الشائعة وتداولها والتعمق في أسباب الرد أو التعامل معها مما يفتح مجالا للتأويلات الصحيحة وغير الصحيحة بشأن التعامل حولها، ولكن في حال استشعار المؤسسة لخطورة الشائعة وتأثيراتها السلبية على المجتمع وتنميته الاقتصادية فإنه يتطلب تعاملا سريعا لتوضيح ما يتداول في وسائل التواصل الاجتماعي للرأي العام وعدم الإدلاء لأي وسيلة إعلامية بنشاط إعلامي بشأن الشائعة إلا بعد التأكد من حيثياتها ودراسة الرد عليها.
وأكد على أهمية الإسراع في تفعيل منظومة الرصد والتحليل في مختلف الجهات الحكومية المرتبطة بالتنمية الاقتصادية لرصد وتحليل الشائعات المتداولة بشأنها والتواصل سريعا عبر دوائر الإعلام والتواصل في تلك المؤسسات لتزويدها بالمعلومات المتداولة لتوضيح حقيقة ما يتداول للراى العام، وإذا نظرنا للشائعات المتعلقة بالجانب الاقتصادى سنجد الاهتمام بتشويه المشروعات ذات العائد الانتاجى التى تساهم فى زيادة حجم الناتج المحلى الاجمالى وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة والترويج أنها بلا عائد واستنزاف لأموال دافعى الضرائب، مما يكون له تأثير على جاذبية تلك المشروعات من جانب المستثمرين.
وقال : "أو إطلاق شائعة تتعلق بزيادة مرتقبة فى سعر سلعة أو أسعار سلع محددة، مما تساهم تلك الشائعة على تزايد الطلب على تلك السلع محل الشائعة مما يخلق اولا طلب وهمى غير حقيقى وثانيا خلق أزمة فى توافر السلع نظرا لارتفاع الطلب عليها وبالتالى ارتفاع أسعارها بالفعل بنسب كبيرة مما يشكل أزمة فى الاقتصاد وعندها تتدخل الدولة على مسارين الاول ان توضح انه لا توجد نية لزيادة اسعار تلك السلع وثانيا تضطر الدولة لاستيراد كميات من السلع محل الشائعة وضخها بالأسواق لزيادة المعروض والعمل على تراجع الأسعار إلى طبيعتها وهذا يكلف الاقتصاد من ناحية استنزاف للاحتياطى النقدى للدولة إلى جانب زيادة الواردات كان من الممكن استخدام تلك الموارد النقدية فى استيراد مستلزمات إنتاج لقطاع الصناعة لتضيف قيمة حقيقية للاقتصاد الوطنى.
وتابع : أو إطلاق شائعة تتعلق بحدوث تحرير لسعر الصرف الغرض منها تنشيط سوق المضاربة عبر شراء العملات الاجنبية المتداولة امام العملة المحلية بقيم أكبر من قيمتها الحقيقية المتداولة داخل الجهاز المصرفى بغرض تحقيق مكاسب خيالية مما تسبب تلك الشائعة فى تزايد الطلب بشكل كبير ومفاجئ قد يسبب نقص فى السيولة من العملة الاجنبية محل الشائعة وبالتالى الدخول فى أزمة توفير العملة للمنتجين والمصنعين الذين يحتاجون العملة الاجنبية فى تنفيذ عمليات الاستيراد الخاصة بمستلزمات التصنيع والإنتاج".
وأشار إلى أن كل ذلك يهدد بالأضرار بالاقتصاد الوطنى فى تراجع الإنتاج نظرا لعدم توافر مكونات الإنتاج وبالتالى تراجع معدل النمو إلى جانب ارتفاع الاسعار بشكل غير مبرر نظرا لتقييم المنتجات بأسعار غير رسمية للعملة الاجنبية وبالتالى ارتفاع معدل التضخم الذى يتبعه ارتفاع فى معدل الفائدة للسيطرة عليه وهذا الارتفاع فى اسعار الفائدة يؤثر تأثيرا سلبيا على تراجع معدل الاستثمار لانه أصبح تكلفة الاقتراض مرتفعة، مشددا أن النظر إلى حالة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الشائعات سنجد أنه وفقا لتقرير صادر عن المركز الاعلامى لمجلس الوزراء عن ترتيب السنوات طبقاً لمعدل انتشار الشائعات منذ عام 2014 حتى عام 2023، وفقاً لتوزيع نسبي لإجمالي الفترة، حيث بلغ 18.8% عام 2023، و16.7% عام 2022، و15.2% عام 2021، و14.8% عام 2020، و12.8% عام 2019، و8.4% عام 2018، و6% عام 2017، و4.2% عام 2016، و2% عام 2015، و1.1% عام 2014.
وأضاف سنجد أن هناك تزايد ملحوظ فى نسبة الشائعات ضد الدولة المصرية وأيضا وفقا لنفس التقرير سنجد أن الاقتصاد كان له النصيب الأكبر من الشائعات لأن الاقتصاد له تأثير مباشر على حياة المواطنيين ورفاهيتهم وتوفير متطلباتهم المعيشية، وسنجد أن ترتيب القطاعات طبقاً لمعدل انتشار الشائعات عام 2023، حيث بلغت نسبتها فيما يتعلق بقطاع الاقتصاد 24%، والتموين 21.2%، والتعليم 11.6%، والطاقة والوقود 11%، والصحة 8.3%، والحماية الاجتماعية 6.2%، والإصلاح الإداري 6.2%، والزراعة 4.8%، والسياحة والآثار 2.7%، والإسكان 2.1%، وقطاعات أخرى 1.9% وبالتالى الشائعات تكون مخاطرها قوية على الاقتصاد إذا لم يكن هناك الوعى الكامل من المواطنين بأهمية تحرى الدقة من المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعى.
وأكد أنه من المهم أن تكون بوصلة المعلومات الموثقة هى الجهات الرسمية للدولة فقط إلى جانب التعامل السريع والاحترافى والسياسى والمرونة فى الرد على الشائعات لوأدها فى مهدها قبل انتشارها وبالتالى تقليل تكلفة الشائعات على الاقتصاد الوطنى.