مقابلة ولي العهد كانت حدثاً استثنائياً ليس للسعوديين الذين تحول اللقاء بالنسبة إليهم في كل كلمة وجملة وعبارة إلى مصدر إلهام لتحول الأحلام إلى حقيقة شهدوها بأنفسهم عبر سنوات محدودة منذ إطلاق الرؤية وعرّابها الأمير محمد بن سلمان، لكنها أيضاً كانت حدثاً استثنائياً في الولايات المتحدة والغرب والشرق الأوسط، فكل التقط منه زاوية مختلفة، أو ركز على محاولة فهم السياق الكبير للتحول السعودي والنجاحات العظيمة، وصولاً إلى المواقف الثابتة والراسخة من الملفات مع الانفتاح الكبير على العالم والمستقبل.
السعوديون كانوا يرون الحوار امتداداً لمفهوم «الحلم السعودي» (The Saudi dream) الذي بدا واضح المعالم منذ انطلاقة الرؤية، وازداد جمالاً وتألقاً مع كل منجز، وكان اللقاء أجمل هدية قبل العيد الوطني الذي أطلق العنان لأفراحهم، فالحلم السعودي اليوم هو حديث معظم شباب الوطن العرب وفي الشرق الأوسط وأجزاء كبيرة من العالم، والعقلاء في كل الدنيا الذين تحولت أصداؤهم وردود أفعالهم من خلال منصات التواصل الاجتماعي إلى تأكيد أن السعودية الجديدة ترسخ مفهوم تحولها إلى نموذج حلم لدولة الرفاهية والنجاح والمستقبل، والمشاريع التي لا تعرف المستحيل إلا من زاوية الممكن السعودي اليوم، وهو ما بدا واضحاً أيضاً حتى في رد فعل كبير المذيعين الذي حاور ولي العهد بريت باير الذي روى انطباعاته وهو الذي التقى أكبر الزعامات وأكثرها افتراقاً من أوباما إلى ترمب قائلاً: «أجريت الكثير من الحوارات خلال مسيرتي المهنية، لكن لم يسبق لي أن تلقيت هذا القدر من الأخبار خلال مقابلة واحدة وبالوقت نفسه»، مبيناً أنَّ الأمير محمد بن سلمان تحدث عن الكثير من القضايا بمنتهى الصراحة، كما وصفه باللاعب القوي والرائع في الساحة السياسية.
وعن المشاريع السعودية أكد أنه من خلال زيارته إلى نيوم والدرعية شاهد كمية كبيرة من الرافعات أكثر من أي بلد آخر في العالم، والكثير منها تعمل في مشاريع مرتبطة بـ«رؤية 2030»، مرجعاً ذلك لعملية البناء الضخمة التي تشهدها المملكة، مبيناً أنه من المدهش رؤية هذا التحول!
في حوار أسبق كان مستشار الأمن الأميركي السابق جون هانا قد أطلق تحذيراً كبيراً عن استمرار عدم الالتفات إلى النجاحات السعودية الضخمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمتابعة ودأب لرؤية طموحة من قبل ولي العهد قائلاً: «واشنطن غافلة عن قيمة وأهمية الإصلاحات في السعودية»، وعلى المسؤولين وفق وصفه الذين يريدون فهم ما يجري سواء من الأميركيين أو غيرهم من سياسيين وصحافيين ومراقبين أن يتبعوا نصيحة واحدة: «اذهب للرياض»، مضيفاً في مقالته الشهيرة أن معظم الأميركيين على كل المستويات - في إدارة بايدن، والكونغرس الأميركي، ووسائل الإعلام، وبالتأكيد الجمهور - غير مدركين بشكل لافت للنظر النطاق الواسع وحجم الإصلاحات السعودية، والمصلحة الهائلة للولايات المتحدة في نجاح البلاد، ويضيف: «معظم الأميركيين غافلون عن هذه التغيرات، حيث جهود الإصلاح السعودية - المعروفة باسم (رؤية 2030) - هي من بنات أفكار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان».
الحلم السعودي اليوم يقطع أشواطاً سريعة، ويحقق أرقاماً مذهلة رغم كل التحديات، لكنه كان صناعة سعودية محضة وتلاحماً بين قيادة وشعب حول رؤية شمولية طموحة ذات تأسيس فلسفي عظيم وفكري محدد الملامح يحارب ثلاثية الإرهاب والفساد وتجاوز القانون، لكنه أيضاً اتخذ قرارات اقتصادية واستثمارية جريئة وضخمة كان منها على سبيل المثال لا الحصر، جذب 24 شركة متعددة الجنسية في يناير (كانون الثاني) 2021، وإنفاق ضخم من صندوق الاستثمارات العامة نحو 40 مليار دولار سنوياً على الاقتصاد المحلي، وإطلاق مناطق اقتصادية خاصة، وتشجيع الاستثمار في قطاع التعدين، وزيادة نوعية في التراخيص للاستثمارات التي شكلت انفتاحاً كبيراً على الشركات والأسواق العالمية، وسريعاً ما حصدت نتائج تلك القرارات بما فيها القرار الذي أسهم بتجاوز أزمة «كورونا» ضريبة القيمة المضافة؛ حيث أسهم في دعم الاقتصاد وحمايته من الانهيار الذي لم تتعافَ منه اليوم دول كبرى، وبعد تجاوز الأزمة تحولت السعودية بفضل قوة اقتصادها إلى ورشة كبيرة للابتكار وريادة الأعمال ودعم المنشآت وأصحاب الأفكار النوعية، وانطلق سريعاً قطار السياحة والترفيه والرياضة وهو يحصد نتائج نوعية في مدد قصيرة، وأصبح مشروع الإسكان من أهم النجاحات في رفع نسبة التملك للمواطنين التي بلغت بنهاية عام 2022 نحو 61 بالمائة، وهو رقم كبير قياساً بما كانت الحال عليه قبل الرؤية.
السعودية اليوم وغداً رمز للسلام والمستقبل والاستقرار، فهي قلب الأمل للشرق الأوسط، والسعودية هي بوصلة المشاعر الإيجابية لمستقبل أفضل. وبعيداً عن مشاريع الميليشيات وخداع الأوهام الشمولية الكبيرة أو انتهازية الآيديولوجيات الضيقة، فالسعودية مصدر للاستقرار الإقليمي. و«فضيلة الاستقرار» التي أركز عليها دائماً كمفتاح لفهم السعودية تضاف إليها اليوم قدرتها على منح الأمل في ما يخص التركيز على السيادة والمستقبل، وفتح كل الأبواب، وإعادة تشكيل الملفات العالقة مهما بدت صعبة ومستحيلة.