بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 26/03/2023 - 12:00
مسيرة للاحتجاج على التحرش الجنسي بالنساء على مواقع التواصل الاجتماعي وسياسة الإفلات من العقاب على هذا النوع من العنف، مقدونيا، 3 فبراير 2021 - حقوق النشر Boris Grdanoski/AP
من صور مزيفة للسيدة الأوكرانية الأولى، إلى ترجمات مركّبة بالفيديو لاتهام نسويات باكستانيات بـ"التجديف"، مروراً بمقاطع مصورة بالبطيء تُظهر زوراً سياسيات على أنهنّ "ثملات"... تتعرض النساء حول العالم إلى حملات تضليل إعلامي واسعة لضرب سمعتهنّ والإضرار في كثير من الأحيان بمسيرتهنّ.
ويؤكد باحثون أن هذا "التضليل الإعلامي على أساس الجنس"، أي عندما يتقاطع التمييز والكراهية ضد النساء مع ممارسات الكذب عبر الإنترنت، يستهدف بلا هوادة نساء من العالم أجمع لضرب مصداقيتهن.
وكشف المدققون بصحة الأخبار في وكالة فرانس برس حملات عدة تستهدف نساء ناشطات سياسيات أو مرتبطات بسياسيين من الصف الأول، من خلال استخدام معلومات كاذبة أو صور مركبة، غالباً ما تنطوي على إيحاءات جنسية.
وفي العام الماضي، انتشرت على نطاق واسع عبر فيسبوك صورة مركّبة للسيدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا عارية الصدر على شاطئ في إسرائيل، ما أثار انتقادات واسعة لها بحجة أنها تتنعم بحياتها فيما بلدها غارق في الحرب.
وأظهرت عمليات التقصي التي أجرتها وكالة فرانس برس، أن المرأة الظاهرة في الصورة هي في الواقع مقدّمة برامج تلفزيونية روسية.
كما استُهدفت السيدة الأميركية الأولى السابقة ميشال أوباما والسيدة الفرنسية الأولى الحالية بريجيت ماكرون، بحملات قال مروّجوها إنهما وُلدتا ذكوراً.
وأكدت الباحثة في منظمة "إي يو ديس إنفو لاب" غير الحكومية ماريا جوفانا سيسا في تقرير نُشر العام الماضي، أن "النساء، خصوصاً إذا ما كنّ يشغلن مناصب في السلطة، يقعن ضحايا للتضليل الإعلامي عبر الإنترنت".
تعزيز الصور النمطية
تكتيك آخر أثار القلق في 2020، مع انتشار واسع حققه مقطع فيديو بالبطيء يظهر رئيسة مجلس النواب الأميركية حينها نانسي بيلوسي أعطى انطباعاً بأنها تواجه صعوبة في الحديث بسبب الثمالة.
وأوضحت دراسة بعنوان "درّ الإيرادات من كراهية النساء"، نشرتها الخبيرة في المساواة بين الجنسين لوتشينا دي ميكو الشهر الماضي، أن التضليل الإعلامي يقود في أكثر الأحيان إلى "العنف السياسي والكراهية ويثني الشابات عن خوض غمار السياسة".
وفي تكتيكات التضليل المستخدمة عموماً من الخصوم، تُقدّم السياسيات أحياناً على أنهنّ غير أهل للثقة أو غير مؤهلات لتسلّم مهام رسمية بسبب ميلهنّ إلى إظهار العواطف بصورة زائدة أو سلوكهنّ المتحرر في الحياة اليومية.
عندما كانت وزيرة الخارجية الألمانية الحالية أنالينا بيربوك، مرشحة لتولي منصب المستشارية عام 2021، تعرضت لحملات تضليل للطعن بقدراتها في تبوء المنصب.
وفي مختلف أنحاء العالم، تواجه النساء أكاذيب تعزز الصور النمطية التي تُظهرهن بأنهنّ أقل ذكاء أو فعالية من الرجال.
وعام 2021، واجهت لاعبة الرماية المصرية الزهراء شعبان رسائل كاذبة عبر الشبكات الاجتماعية ادعى مطلقوها بأنها استُبعدت من دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو لأنها أصابت الحكم.
وأثار هذا الخبر الكاذب سلسلة تعليقات سخر أصحابها من النساء وشككوا بقدرتهنّ على ممارسة مثل هذه الأنشطة الرياضية.
منصات للكراهية
وطُرحت تساؤلات مشابهة حيال قدرة النساء على تولّي مناصب عسكرية إثر حادثة حصلت العام الماضي على طائرة قتالية من نوع "اف-35" على جسر في حاملة طائرات أميركية في بحر الصين الجنوبي. وحمّلت منشورات عبر الشبكات الاجتماعية أول امرأة في العالم تقود طائرة "اف-35" المسؤولية عن الحادثة، فيما المسؤول الحقيقي كان رجلاً.
وبحسب باحثين كثيرين، يمكن استغلال التضليل الإعلامي المتحيز ضد النساء أيضاً من بلدان تعتمد نظاماً أوتوقراطياً (يكون فيها الحكم بيد شخص واحد غير منتخب ديمقراطياً)، مثل روسيا، لتوسيع نفوذها في الخارج.
وجاء في تقرير دي ميكو "عندما يكون قادة أوتوقراطيون في السلطة، يُستخدم التضليل الإعلامي المنحاز ضد النساء في أحيان كثيرة من جهات مرتبطة بالدولة للنيل من قادة المعارضة، ومن حقوق النساء".
ووُجهت رسالة عام 2020 من عشرات المشرّعين الأميركيين والدوليين إلى فيسبوك، اتهمت الشبكة الاجتماعية العملاقة، مع شبكات أخرى، بتقديم منصة للمحتويات التي تنطوي على تضليل وكراهية ضد النساء.
وجاء في الرسالة "لا تقعوا في فخ التضليل، هذه التكتيكات التي تُستخدم على منصتكم لغايات خبيثة، ترمي إلى إسكات النساء، ونسف ديمقراطياتنا في نهاية المطاف".
وأضافت الرسالة "ليس مفاجئاً بأن تتطرق النساء باستمرار إلى تعرضهن لتهديدات بهجمات علنية (...) كعامل يثنيهن عن خوض غمار السياسة".
وأقرّت فيسبوك بأن الانتهاكات عبر الإنترنت في حق النساء تشكل "مشكلة خطيرة"، وتعهدت التعاون مع صنّاع القرار لتبديد هذه المخاوف.