حليب الإبل في السعودية أصبح بالنكهات الإيطالية

منذ 1 سنة 127

لعقود من الزمن ظل اقتصاد الإبل في السعودية مقتصراً على مسابقات لجمالها، وأخرى لسرعتها، إلا أنها بدأت أخيراً إعادة هيكلة القطاع وصناعة اقتصاد متكامل منه ليكون مدراً لاستثمارات مليارية.

مشروع اقتصاد الإبل قصة سعودية بدأت مع إنشاء نادٍ متخصص بها 2017، مما جعل القطاع يتوسع في المشاريع والأنشطة وعقد ملتقيات اقتصادية دولية لاستغلال الفرص التطويرية في مجال الطب البيطري والصناعات القائمة على منتجات الإبل.

مشروب ثانوي

اليوم، تعيش البلاد افتتاح أول محال "نوق" المتخصصة في منتجات حليب الإبل، هذا المشروع الذي ظل عصياً على الاستثمار لسنوات نتيجة لضبابية الدراسات وإهمال الأبحاث العلمية الغربية له، مما تسبب في تخلف تطوير هذا الحليب.

أشار الرئيس التنفيذي لشركة "سواني" المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة أحمد جمال الدين إلى أن الدخول في مشروع مزارع الإبل بالنسبة لرجال الأعمال والمستثمرين في المنطقة "غير مُجدٍ" اقتصادياً ولا يمكنهم الخوض في سوق ضبابية.

وعن سبب تأخر إطلاق مثل هذا المشروع في المنطقة طوال السنوات الماضية قال "هناك معتقد بأن حليب الإبل لا يمكن عمل أية منتجات أخرى منه غير الحليب الطازج، وهذا ما جعل المستثمرين يرون أنه استثمار غير ناجح".

تنظيم السوق

وتمتلك شركة "نوق" أرضاً زراعية مساحتها ستة ملايين متر مكعب في شقراء (إحدى محافظات منطقة الرياض وتقع على بعد نحو 185 كلم شمال غربي العاصمة)، وتسعى الشركة مع افتتاح أول محالها إلى زيادة عدد الإبل لتصل لأكثر من 34 ألف ناقة، من أنواع مختلفة لتسد حاجة السوق من المنتجات.

وهكذا تولد سوق متخصصة وتشق طريقها، مقدمة فرصة مميزة لعشاق حليب الإبل، فقد كان يباع في بعض المواقع والطرقات ويجد إقبالاً من بعض العامة عليه، بخاصة كبار السن، مما دعا إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية والبلديات ووزارة الزراعة للحد من خطر هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد صحة المجتمع، في حين أشار الرئيس التنفيذي لشركة "سواني" أحمد جمال الدين إلى أن "حليب الإبل في السعودية كان يفتقر إلى مسار منظم وسوق واسعة النطاق، وعوضاً عن ذلك يوجد غالباً في الأسواق غير النظامية المنتشرة في البلاد، لذلك جاءت الشركة لتكون منظمة لهذه السوق ولتحفظ سلامة المستهلكين".

ويضيف "نحن مقبلون على تجربة جديدة في سوق جديدة لا تعرف عن منتجات الإبل سوى الحليب الطازج"، مؤكداً أنه لا توجد تجربة سابقة ناجحة أو فاشلة، لكن شركة "نوق" بدأت بالعمل على "الأبحاث والتجارب المكلفة مادياً، لكنها مجدية، فقد ساعدتنا في إنتاج منتجات يراهن على نجاحها وانتشارها، أبرزها القشدة واللبن والجيلاتي".

الحداثة وتغير الزمن

وأضاف في حديثه إلى أن إنتاج اللبن من حليب الإبل كان تحدياً كبيراً بالنسبة إليهم، فحليب الإبل يختلف في تركيبته عن أي حليب آخر، وبحسب ما ظهر لنا في المواقع الطبية أثناء بحثنا في محرك "غوغل"، "يتكون حليب الإبل من نحو 3.1 في المئة بروتين، و4.4 في المئة سكر اللاكتوز، و0.79 في المئة معادن، ويحوي نحو 11.9 في المئة من المواد الصلبة"، هذه المكونات تجعل حليب الإبل الخيار الأفضل للأشخاص الذين يعانون عدم تحمل اللاكتوز أو حساسية الحليب على عكس حليب البقر، إذ لا يسبب حساسية البروتين وترتفع فيه نسبة الأنسولين.

وأنتجت الشركة التي تسعى إلى تحقيق الريادة في منتجات الإبل أشكالاً جديدة ذات مذاق مختلف كالجيلاتي والمهلبية والنسكافيه بحليب الإبل لجيل لم يعد الطعام وسيلة لإشباع الجوع فقط، لذلك صنعت من الحليب منتجات حسية وثقافية ثرية، فقدمت لهم كذلك القهوة السعودية بحليب الإبل ليحصل على مشروب "الكابتشينو ولاتيه". أضافت نكهات مختلفة لحليب الإبل كالخزامى والهيل والبرتقال بالشوكولاته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الشركة وضعت حالة الطقس نصب عينيها وقدمت منتجات تسهم في تخفيف درجة الحرارة عنهم وفضلت أن تقدم لهم الجيلاتو (أو جيلاتي) أحد أشهر أصناف الآيس كريم التي قدمتها إيطاليا للعالم بحليب الإبل بنكهات من بيئتهم مثل الهيل والقهوة السعودية والشاي والحلاوة الطحينية، كل هذه المنتجات لقيت استحسان المستهلكين في الأيام الأولى من الافتتاح التجريبي للمحل بحسب ما رأيناه أثناء جولتنا في المحل.

حليب الإبل بديل لحليب الجوز واللوز في المقاهي

يختلف حليب الإبل بحسب سلالتها، وكذلك تبعاً لنوعية الأعلاف التي تتناولها الناقة والنباتات الرعوية التي تقتاتها والمياه التي تشربها، وسألنا أحمد جمال الدين عن أنواع الإبل التي يعتمدون عليها في إنتاجهم، خصوصاً أن التي توجد في السعودية أنواع عدة ومن أبرزها "المجاهيم والمغاتير والوضح والشقحاء والشعلاء والصفر والحمر والأوارك"، فأوضح أن شركة "نوق" اختارت أجود أنواع الإبل، وأنها متنوعة ما بين المجاهيم والمغاتير والصفر والشعل، لكن السعوديين يفضلون المجاهيم، وهي إبل سوداء اللون تنتشر في بادية نجد والجنوب الشرقي من البلاد، وهي كبيرة الحجم قليلة الوبر مشهورة بإنتاجها العالي من الحليب وعالية الإدرار.

وتبدأ أسعار علب الحليب السادة في المتجر الواقع في مدينة الرياض من ستة ريالات (1.60 دولار) لـ 220 مللي، وتصل إلى 24 ريالاً (6.40 دولار) لليتر الواحد، مما يعني أنها أعلى بكثير من حليب الأبقار الذي يبلغ سعر لتره 11 ريالاً (2.93 دولار)، لكن الرئيس التنفيذي أعاد السبب إلى كلفة الإنتاج والجودة العالية للمنتج. وعن السؤال الأكثر تداولاً حول متى سنرى حليب الإبل على أرفف متاجر الأغذية المشهورة في السعودية وفي المقاهي، فبدلاً من أن يطلب الشاب قهوته الصباحية بحليب اللوز وجوز الهند هل سيطلبها قريباً بحليب الإبل؟ أجاب جمال الدين "لن تجدوها قريباً في أي متجر، فمنتجات (نوق) ستكون في المتجر فقط، نحن نمتلك رؤية حول المنتج ونريده أن يصل إلى المستهلك بطريقتنا، نستهدف أن تتوسع (نوق) في المستقبل القريب لافتتاح فروع جديدة في جميع أنحاء السعودية".

معجزة حليب الإبل

لم يشهد الوسط العلمي منتجاً أثيرت حوله الأبحاث لدرجة أنه أصبح "معجزة طبية" وعلاجاً للسرطان والتوحد والسكر مثل حليب الإبل، وعلى الجانب الآخر هناك من جعله مسبباً لكثير من الأمراض، فهو مسبب لداء البروسيلات والسالمونيلات وكورونا وداء البريميات وجدري الإبل والحمى القلاعية وداء الكلب وغيرها من الأمراض سريعة العدوى بين الإبل والإنسان.

أشارت الطبيبة أمل كنانة عضو مجلس الإدارة بجمعية مكافحة السمنة "كيل" إلى أنه لا يمكن اعتبار هذا الحليب من "الأطعمة الخارقة، فهو حليب مثله مثل أي حليب آخر، لكن ترتفع فيه نسبة الفيتامينات والمعادن أعلى من أي حليب، أما ضرره فيكمن في شربه دون غليان"، لافتة إلى أن حليب الإبل غير المبستر هو الوسيط السريع في نقل أمراض مثل الحمى المالطية وغيرها من الأمراض جراء تناوله غير مغلي.