حلفاء بايدن بمجلس الشيوخ دفعوه بعيداً عن السباق

منذ 2 أشهر 47

لا يُعرف عن السيناتور جاك ريد، خريج أكاديمية «ويست بوينت»، والمحارب القديم في الجيش الأميركي، والديمقراطي من رود آيلاند، الذي يرأس لجنة القوات المسلحة، أنه من مثيري المتاعب ويميل إلى إطلاق تصريحات متهورة.

لذا، عندما اجتمع الديمقراطيون في مجلس الشيوخ سراً مع كبار المستشارين السياسيين للرئيس جو بايدن الشهر الماضي لتقييم قدرة بايدن على البقاء مرشحاً للرئاسة من الحزب الديمقراطي، كان قرار ريد - الصامت عادة الذي كان من أوائل المتحدثين - ملحوظاً. والأكثر من ذلك لفتاً للنظر هو ما قاله، وفقاً لاثنين من الحاضرين: إذا أراد بايدن البقاء في السباق بعد أداء كارثي في المناظرة أكد المخاوف حول حالته وحِدّة ذهنه، فإنه ينبغي عليه الخضوع للفحص من قبل اثنين من أطباء الأعصاب المستقلين الذين هم على استعداد لتقديم تقرير عن نتائجهم في مؤتمر صحافي.

كان موقفاً لافتاً للنظر من قبل أحد المخلصين الديمقراطيين، وهو الموقف الذي أكد شبه الإجماع بين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ في ذلك اليوم على أن بايدن لا ينبغي أن يستمر مرشحاً للحزب. كانت تلك مجرد واحدة من سلسلة من اللحظات الاستثنائية خلال جلسة مغلقة عُقدت في 11 يوليو (تموز)، التي من شأنها أن تدفع السيناتور تشاك شومر - الديمقراطي من نيويورك، والحاصل على دكتوراه في القانون الدولي، وزعيم الأغلبية - إلى عقد اجتماع مباشر مع الرئيس بعد أيام وحث بايدن خلاله على الانسحاب.

كانت الجهود التي بذلها شومر والديمقراطيون في مجلس الشيوخ لإقناع بايدن بالتنحي عاملاً محورياً أكثر مما كان معروفاً سابقاً في إخراج الرئيس من السباق الرئاسي، حيث وجد نفسه مع دعم ضئيل في المجلس الذي كان موطنه السياسي لمدة 36 عاماً.

أما النائبة نانسي بيلوسي، التي ظهرت على شاشة التلفزيون وهي تُلمح إلى مخاوفها بشأن بايدن وزعمت سراً بأنه لا يستطيع الفوز، فكان لها الفضل على نطاق واسع باعتبارها المهندس الرئيسي للحملة الهادئة وإنما المكثفة لتهميش الرئيس. لكن خلف الكواليس، كان شومر وزملاؤه - إلى جانب النائب عن نيويورك حكيم جيفريز، زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، والرئيس السابق باراك أوباما - يلعبون أيضاً دوراً قوياً.

دفع شومر إلى اتخاذ إجراء بعد أن أصبح واضحاً تماماً أن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، أقرب حلفاء بايدن السياسيين في الكونغرس، يعتقدون أنه يعرضهم ويعرض إرثه للخطر إذا بقي في السباق ضد الرئيس السابق دونالد ترمب، وهو تقييم ساعد في دفع الرئيس إلى خياره النهائي.

ظهرت بوادر الاستياء الأولى في حفل الغداء الأسبوعي للديمقراطيين في مجلس الشيوخ في أوائل يوليو، وهي أول فرصة لهم منذ كارثة المناظرة في أواخر يونيو (حزيران) لجمع الآراء وتبادلها بصراحة. لم يكونوا متحفظين. وكان العديد من أعضاء مجلس الشيوخ غاضبين بشأن أداء الرئيس وسلوكه في مواجهة ترمب. ومن بين نحو اثني عشر ديمقراطياً تحدثوا، عدّ الحضور ثلاثة فقط ممن يؤيدون بقاء الرئيس مرشحاً.

قال شومر في مقابلة أجريت معه: «لقد فاجأني كم كان الناس منزعجين وغاضبين، وكيف أن الأغلبية الساحقة نهضت وتحدثت بقوة حقاً».

تستند هذه الرواية إلى مقابلات متعددة مع أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالأحداث، وأصرَّ معظمهم على عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة تفاصيل ما يعدُّ عادة اجتماعات سرية.

جاءت مأدبة الثلاثاء بعد يوم واحد من إصدار بايدن رسالة إلى أعضاء الكونغرس يصر فيها على أنه سوف يبقى في السباق الرئاسي، ويُعرب عن إحباطه من «النخب» التي كانت تطالبه بالتنحي. وقد سقطت تلك الرسالة مثل القنبلة على مبنى الكابيتول، وأثارت شعوراً بالذعر في المؤتمر الأسبوعي للديمقراطيين في مجلس الشيوخ، حيث كان اثنان من أكثر أعضاء الحزب تعرضاً للخطر، السيناتور شيرود براون من ولاية أوهايو، والسيناتور جون تيستر من ولاية مونتانا، يؤكدان أنهما لا يستطيعان الاستمرار مع وجود بايدن في الانتخابات.

كان الديمقراطيون منزعجين بصورة خاصة من بث إعلان سياسي في مونتانا ضد تيستر الذي ظهر فيه السيناتور قائلاً إن بايدن كان «تماماً، 100 في المائة مؤيداً لذلك»، وهو موقف كان من الصعب الدفاع عنه بعد المناظرة.

بعد المأدبة، اتصل شومر على الفور بمسؤولي البيت الأبيض وأصرَّ على عقد اجتماع رفيع المستوى بين أقرب مساعدي بايدن وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين. كان مستشارو بايدن مترددين في الموافقة على ذلك الاجتماع، ويبدو أنهم يخشون من انفجار الأمر في وجوههم.

كان شومر يؤكد علناً دعمه لبايدن ويشجع زملاءه على التعامل مع مخاوفهم سراً مع المسؤولين في الإدارة. ولكنَّه الآن سعى إلى إجبار فريق الرئيس، وهدد بالمطالبة علناً بعقد الاجتماع إذا استمروا في الرفض. كما حذر من أنه إذا لم يوافقوا فإن أعضاء مجلس الشيوخ سيعلنون تحفظاتهم علناً في سلسلة من الرسائل تحث بايدن على التنحي.

كان من المقرر عقد الجلسة يوم الخميس في قاعة المؤتمرات بمقر لجنة الحملة الانتخابية الديمقراطية لمجلس الشيوخ، أمام مبنى الكابيتول. وكان ستيف ريتشيتي، المستشار القديم للرئيس، حاضراً جنباً إلى جنب مع مايك دونيلون، خبير استطلاعات الرأي والخبير الاستراتيجي السياسي، وجين أومالي ديلون، رئيسة حملة بايدن. ولم تحضر أنيتا دان، وهي خبيرة استراتيجية أخرى طلب شومر حضورها. وكذلك لم يحضر تيستر وبراون.

كانت السيناتورة باتي موراي من واشنطن، ثالث أكبر عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ، أول من تحدثت بما وصفه أحد المشاركين بأنه نداء عاطفي لبايدن لحماية إرثه والأمة من إدارة أخرى لترمب. وتبعها ريد، الذي قال متحدث باسمه إن نيته لم تكن توجيه إنذار، وإنما إقناع مساعدي بايدن بضرورة أن يكونوا سبّاقين وشفافين لما فيه مصلحة الرئيس.

قال الحاضرون إن أحداً لم يعرب عن أي عداء تجاه بايدن، بل أعرب فقط عن المودة والتقدير. ولكن كان هناك شعور واضح بأن استمرار ترشحه يعني مشكلات خطيرة للديمقراطيين، وأن صحته وعمره يعوقان ترشحه لانتخابات أخرى.

وقال أحد أعضاء مجلس الشيوخ إن هناك شعوراً واضحاً في الغرفة أعرب عنه العديد من الحاضرين، بما في ذلك العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الذين عملوا مع بايدن، بأن الرئيس ببساطة غير قادر على مواصلة محاولة إعادة انتخابه.

أما السيناتور جو مانشين الثالث، الذي أصبح الآن مستقلاً عن ولاية فرجينيا الغربية، فقد ساق الحجة بأن الديمقراطيين كانوا يتصرفون بدافع من العاطفة تجاه بايدن، تماماً كما كانت الأسرة تقنع الجد المسن بالتخلي عن مفاتيح السيارة.

قال السيناتور شيلدون وايتهاوس من رود آيلاند إنه إذا واصل بايدن إصراره على خوض الانتخابات، فسيكون جندياً مخلصاً، وإن الرئيس في حالة جيدة. ولكن إذا أصيب بايدن بانهيار آخر، فإن هذا من شأنه أن يجعله كاذباً، ولن يصدقه ناخبوه مرة أخرى أبداً. وقد لاقت هذه الحجة صدى قوياً لدى زملائه.

وفقاً للحاضرين، فقد حاول مستشارو بايدن الإقلال من أهمية تأثير المناظرة. وقال دونيلون إن استطلاعات الرأي أظهرت أن الأميركيين الأكبر سناً لا يزالون يدعمون الرئيس، في حين أن الناخبين الشباب ينتقلون بعيداً، لكنه جادل بأنه يمكن إغراؤهم بالعودة إلى جانب بايدن. لم يتأثر معظم الديمقراطيين وعدّوا العرض التقديمي مشابهاً للعرض الذي كان يمكن تقديمه قبل المناظرة، والذي كان لا يزال بارزاً في أذهانهم.