السؤال:
ما حكم لبس الخفين الخفيفتين دون الوضوء والمسح عليهم
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المسح على الخفين الخفيفين جائز، سواء كان الخف معتادا من جلد ونحوه أو غير معتاد؛ لأن الشرع علق المسح بمسمى الخف، ولم يفرق بين خف وخف؛ فكان مقتضى لفظه أن كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه لهم أن يمسحوا عليه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وأشهر الوجهين عند الحنابلة؛ كما في شرح العمدة.
وقال أبو محمد بن حزم في المحلى: "والمسح على كل ما لبس في الرجلين - مما يحل لباسه مما يبلغ فوق الكعبين - سُنة, سواء كانا خفين من جلود أو لبود أو عود أو حلفاء، أو جوربين من كتان أو صوف أو قطن أو وبر أو شعر - كان عليهما جلد أو لم يكن - للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن". اهـ.
أما من لبس الخف وهو غير متوضئ فلا يجوز له المسح عليه؛ لأن من شروط المسح على الخفين أن يلبسه على طهارة كاملة،
ففي الصَّحيحين عن المغيرة بن شعبة قال: كنتُ مع النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ذات ليلةٍ في سفر فقال: ((أمعك ماء؟))، قلت: نعم، فنزل عن راحِلتِه، فمشى حتَّى توارى عنِّي في سوادِ اللَّيل، ثم جاء فأفرغْتُ عليْه الإداوة فغسل وجْهه ويديه، وعليْه جبَّة من صوف، فلم يستطِع أن يُخرج ذراعيْه منها حتَّى أخْرجَهما من أسفل الجبَّة، فغسل ذراعيْه ثمَّ مسح برأْسِه، ثمَّ أهْويتُ لأنزع خفَّيْه، فقال: ((دعْهُما؛ فإنِّي أدْخلتُهما طاهرتين))، فمسح عليْهِما.
قال الإمام النَّووي في "شرح مسلم": "فيه دليلٌ على: أنَّ المسح على الخفَّين لا يَجوز إلاَّ إذا لبسهما على طهارةٍ كاملة، بأن يَفرغ من الوضوء بكمالِه ثُمَّ يلبسهما؛ لأنَّ حقيقة إدْخالهما طاهرتَين أن تكون كلُّ واحدةٍ منهُما أدخلت وهي طاهرة.
قال: "وهذا الَّذي ذكرْناه من اشتِراط الطَّهارة في اللبْس هو مذْهَب مالك وأحمدَ وإسحاق، وقال أبو حنيفةَ وسفيان الثَّوري، ويحيى بن آدم والمُزَني، وأبو ثور وداود: يَجوز اللبس على حدثٍ ثُمَّ يكمل طهارته".
هذا؛ والله أعلم.