♦ الملخص:
فتاة تمر بحالة من الاكتئاب سببها توترُ علاقتها مع صديقتها المقربة، التي صارحتها بأنها لم تعد سعيدة بصداقتهما؛ لأن كثرة حزنها وشكايتها أورثها حزنًا وتعاسة، وهي تسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم.
منذ مدة طويلة أشعُر بأعراض الاكتئاب، الحزن خيَّم على أيامي، ولم يعد لديَّ طاقةٌ لفعل أيِّ شيء، مهما كان يسيرًا، وقد فكَّرت في سببِ هذه الحالة، فوجدتُ أن سببها توتُّرُ علاقتي مع صديقتي المقربِة، وأنها بدأت في البعد عني، فسألتها إذا ما كان هذا الشعورُ صحيحًا، فما كان جوابها إلا أن أكدتْ لي الأمرَ؛ حيث ذكرت تضايقَها من صداقتنا، بسبب بعض التصرفات التي صدرت مني، وأثَّرت عليها، فحزني مثلًا أثَّر فيها، فصارت حزينة مثلي، ناهيك عن بعض الأمور التي كنت أبوح لها بها، وقد علقت في ذهنها، وأثَّرت فيها سلبًا، وذكرت لي أنها لم تعد فرِحةً بصداقتنا؛ إذ كنا في القديم نقضي أوقاتًا جميلة معًا من ضحك ولهو ولَعِبٍ، على العكس من الحال الآن، حزِنتُ كثيرًا لِما تشعر به بسببي، وأرجو منكم أن تقترحوا عليَّ بعض الأمور لأساعدَها على الخروج من تلك الحالة، ولتعودَ صداقتُنا كما كانت، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فيبدو من مشكلتكِ أنكِ حساسة جدًّا، وكثيرة الشكاية من مشاكلكِ لصديقتكِ؛ مما أورثها حزنًا وسآمة منكِ، وقد تكونين مصابة بضعف في إيمانكِ، يُفقدكِ الصبرَ والرضا، ويجعلكِ شكَّاءة بكَّاءة، والحل بإذن الله في الآتي:
أولًا: تقوية إيمانكِ بالله سبحانه وبالقدر، والصبر عن طريق الإكثار من الصلاة والدعاء، والعلم الشرعي وتلاوة القرآن.
ثانيًا: مجاهدة نفسكِ على عدم الشكاية للخَلْقِ، فالخالقُ سبحانه أرحمُ بكِ منهم، وهم عبيدٌ ضِعاف مثلكِ، لا يَملكون لكِ شيئًا؛ قال سبحانه عن النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 188].
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، فكيف يملكه غيره؟!
ثالثًا: استبدلي بالشكايات التي لا طائلَ من ورائها الحلولَ الشرعية العظيمة؛ وهي:
الدعاء.
الاستغفار.
الاسترجاع.
الصدقة.
وقد فصَّلت القول فيها جميعًا أثناء مشاكل أسرية، تم نشرها بالشبكة، فارجعي إليها.
رابعًا: أما صديقتكِ، فأقترح أن تتركيها فترة من الزمن دون أيِّ تواصل معها، فإن كانت حريصةً عليكِ، فستبادر بالسؤال عنكِ، وإن أعرضتْ عنكِ، فأعرضي عنها، وإن رجعتِ إليها، فأمسكي لسانكِ نهائيًّا عن الشكوى إليها، لا تصريحًا، ولا تلميحًا حتى لا تكرهَكِ.
خامسًا: تفقَّدي نفسكِ، وحاسبيها على الذنوب السابقة، فالمعاصي تؤثر بتعسير الأمور، والبغض في قلوب الخَلق؛ كما قال سبحانه: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].
حفظكِ الله، ورزقكِ قوة الإيمان والصبر، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.