جرائم عديدة ارتكبتها جماعة الإخوان الارهابية على مدار السنوات الماضية، لا سيما بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، حيث بادرت الجماعة باستهداف رجال الشرطة، وكان من بينهم النقيب محمد فاروق.
لم يكن ضابط شرطي تقليدي، ولكن كان ضابط من طراز خاص، النقيب "محمد فاروق" معاون مباحث قسم كرداسة، الذي طالما تصدى للمتهمين، وأزاح الغموض عن الجرائم، ونجح في أوقات زمنية قصيرة في كشفها، وضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، لكن يد الغدر اغتالته في ريعان شبابه، عندما وقف بجوار زملائه بقسم شرطة كرداسة يدافع عن واجبه المقدس.
حكت والدته سابقا عن حياته، فقالت: كان "محمد" مختلف عن كل الشباب، فهو البار بوالديه، المحب لأسرته، المتفاني في عمله، لا يمل ولا يكل من العمل، يسعى جاهداً لتحقيق العدل والأمن للجميع، يتحرك قلبي خوفاً عليه، طالما خارج المنزل، ولا تهدأ خفقات قلبي حتي يعود إلينا نهاية كل يوم.
وتابعت الأم، جلست مع "محمد" في أخر رمضان له، تجاذبنا أطراف الحديث عن مستقبله، وطلبت منه الزواج، فوعدني أن تكون عروسته بيننا في رمضان المقبل، لكنه "غاب" هو، فقد ذهب للجنة بعدما اغتالته يد الارهاب.
وتضيف الأم، تابعت مثل كثيرون من المواطنين ما جرى في كرداسة ابان فض اعتصامي رابعة المسلح وميدان النهضة في الجيزة، حيث تحرك الإرهابيون لقسم شرطة كرداسة وحاصروا، وجاءت الاتصالات متكررة على "محمد" من زملائه في الصباح الباكر، وقفت أمامه وتوسلت له بعدم النزول، وكان في إمكانه أن يجلس أمام التلفاز ولا يتحرك من المنزل، لكنه كان لديه إصرار غير عادي على النزول سريعاً للانضمام لزملائه المرابطين في قسم شرطة كرداسة، وكأن "الشهادة" تناديه لينولها.
ذهب "محمد" وقلبي ذهب معه ـ الأم تواصل حديثها ـ ولم تنقطع الاتصالات بيننا وقتاً طويلاً، يحاول أن يطمأن قلبي ما بين الحين والأخر، وعندما زاد انشغالي عليه، أرسلت له شقيقه وزوج شقيقته لمحيط القسم، فشاهدوا جثته على الأرض، وقد شربت أرض كرداسة من دمائه.