حتى طيور لبنان تعاني بسبب "الأزمة الاقتصادية"

منذ 1 سنة 166

باتت طيور لبنان النادرة في مرمى الصيد الجائر والعشوائي، مما يؤدي إلى تراجع أعدادها ويهدد بانقراض أنواعها منها، فعلى رغم وجود قوانين صارمة تحظر الصيد خلال مواسم التكاثر والهجرة، إلا أن عديداً من الصيادين يستمرون في اصطياد الطيور بطريقة غير مشروعة ومن دون مراقبة.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومع ارتفاع أسعار المحروقات تراجع إقبال الصيادين على شراء خرطوش الصيد بنسبة 10 في المئة بحسب ما أكده أدونيس الخطيب، عضو في جمعية حماية الطبيعة في لبنان ورئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام لـ"اندبندنت عربية"، مشيراً إلى أن "الصيادين يجمعون أنفسهم بأقل عدد من السيارات بعد أن كان كل صياد يتباهى بسيارته"، مؤكداً "تحول الصيد إلى مجازر في الآونة الأخيرة ولم يبق هواية بل أصبح إدماناً".

واعتبر الخطيب أن "الصيد هو جزء من الموارد الطبيعية والصياد هو شريك بحماية البيئة. هذه الثقافة نحاول أن ننشرها من خلال إنشاء (وحدة الصيد الجائر) لتكون أول تجربة في العالم تهدف إلى حث الصياد على التنسيق مع القوى الأمنية لمكافحة الصيد الجائر من خلال توثيق المخالفات والتوعية والتعاون مع الشراكات الدولية التي تواكبنا في هذا المجال".

غياب التنظيم

ووصف الخطيب قضية الصيد في لبنان بـ"الحساسة جداً". وقال "منعت الدولة الصيد على أراضيها لمدة 20 عاماً، وكان الأجدى بها تنظيم هذه الهواية والعمل على منع الصيد الجائر"، لافتاً إلى أن "المنع العشوائي يؤدي إلى إطلاق شريحة من القناصين بالمعنى السلبي، وليس الصيادين، ويحثهم إلى اعتماد وسائل صيد غير شرعية مثل صيد الشباك والدبق والصيد في الليل".

وتابع "بعد سماح الدولة بالصيد، افتتح الموسم بقوانين وأنظمة جديدة، حيث أصبح الصياد يخضع لاختبارات قبل حصوله على رخصة الصيد، مما أسهم بإيجاد ثقافة حديثة رفعت من مستوى الوعي لديه، وهذا ما يصب في صميم عمل مركزنا"، منتقداً "الجمعيات البيئية التي فشلت بمجالاتها، ولم تميز بين الصياد والقناص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردف "أنشأنا مفاهيم خاصة للصياد ونظمنا دورات توعوية هدفها أن يعي الأخير الفرق بين الصياد الذي هو صديق البيئة والقناص الذي يشكل أذى عليها، وبدأت النتائج الإيجابية تظهر بعد التمييز بين مفهومي الصيد المستدام والجائر. ودربنا عدداً من الصيادين على ضرورة الالتزام بالقوانين وأنواع الطيور المسموح صيدها وعددها، فضلاً عن الطرق المستدامة للحفاظ على الطبيعة".

وعن قرار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين القاضي بمنع الصيد لمدة سنتين، قال الخطيب "كانت ردود فعل الصيادين مؤذية للطبيعة، حيث مارسوا هوايتهم بطرق غير شرعية من خلال ابتكار أساليب جديدة للصيد بعيداً من أعين القوى الأمنية، مثل بعض الممارسات كوضع شجرة أو شبك فوق المنازل مع إنارة جاذبة للطير، وإشراكها بماكينة صوتية تستقطب الطيور بغية اصطيادها"، مشيراً إلى أنه "لدينا نحو 407 أنواع من الطيور بين مقيم ومهاجر تمر في أجوائنا، لكن المسموح صيده فقط 13 طريدة في الموسم".

تقاعس القوى الأمنية

وفي ما يتعلق بتعاون القوى الأمنية مع المركز، يشير الخطيب إلى أن "هناك نوعاً من الشراكة من خلال وحدة الصيد الجائر التي أنشئت لتوثيق المخالفات. وافتتحنا في الوحدة قسماً لمساعدة الطيور الجريحة، أي عندما يأتي الصياد بطائر كبير جريح، نأخذ الطير منه عند طبيب بيطري ليداويه ثم نضعه بمركز تأهيل خاص ونعود لإطلاقه من جديد، ونطلق عليه اسم الصياد الذي أنقذه".

وطالب الخطيب وزير البيئة بإعادة فتح موسم الصيد العام المقبل مع التشدد في منع المخالفات، لافتاً إلى أن "هذا القطاع يدر المال إلى الدولة من خلال شراء الرخص".

بدوره قال ميشال صوان الخبير في مجال الطيور والناشط البيئي، "للأسف هناك كثير من الطيور المصابة بسبب الصيد العشوائي وبعضها يتنوع بين مهاجر ومحمي ونادر ومهدد بالانقراض"، مضيفاً أن "كل الطيور تتعرض للصيد من دون مراعاة الأنظمة والقانون على رغم تواصلنا مع الأمن"، مؤكداً "عدم تجاوب القوى الأمنية معنا، بل إن هناك عناصر منها تأتي للمشاركة بالصيد".

ويشير إلى أن "الطيور التي يتم إطلاق النار عليها هي خارج موسم الصيد والتفريخ مثل طيور اللقلق الأبيض والأسود، ولدينا طيور الكرك والبجع والنسور على أنواعها، وعقاب الثعابين وعقاب مرقط الصغير والكبير، ولدينا النسر الأسمر والأسود، وكلها تتعرض للصيد من دون هوادة، وهناك الحوام العادي والعسل غير الصالحة للأكل ويصطادونها للتباهي"، لافتاً إلى أنه "منذ يومين جاءنا سبعة طيور لقلق أبيض مصابة بالرصاص، ستة ماتوا فيما بقي واحد قيد المعالجة".

وعن الحلول للحد من اصطيادها، يقول "أولاً علينا أن نتشدد عبر النقاط العسكرية، أي على حواجز التفتيش، فكل من يمتلك بندقية خارج موسم الصيد يجب اعتقاله وتغريمه. ثانياً التشديد بالعقوبات على العناصر الأمنية التي لا تحترم واجبها وإحالتها إلى المحاكم العسكرية. ثالثاً الرقابة على محال الصيد التي تبيع الخرطوش فوق 36 غراماً، المستخدم لاصطياد الطيور المحمية والكبيرة والقوية كالنسور. كما يجب تعديل قانون الصيد ليتناسب مع الوضع الحالي".