أثار إعلان دار مزادات "هيرتدج" الأميركية، ومقرها في مدينة دالاس بولاية تكساس، الأسبوع الماضي، عن بيع جواز سفر الرئيس المصري الراحل أنور السادات مقابل 47.500 دولار، جدلاً في مصر حول كيفية وصول هذه الوثيقة إلى دار المزادات.
الصور المنشورة على الموقع الإلكتروني لـ"هيرتدج أوكشن" تظهر جواز سفر دبلوماسياً باللون الأحمر يتوسطه النسر الذهبي ومكتوب باللغتين العربية والفرنسية عبارة "جمهورية مصر العربية" في الأعلى، وفي الأسفل عبارة "جواز سفر دبلوماسي"، وتحتوي الصفحتان الرابعة والخامسة على المعلومات الشخصية للسادات وصورة بالأبيض والأسود له، وتأشيرة واحدة تعود لعام 1974.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق الوصف المرفق، فإن جواز سفر السادات يحمل رقم 1، وهو مكون من 48 صفحة، ومطبوع باللغتين العربية والفرنسية. وتم إصداره في 19 مارس (آذار) 1974، وظل ساري المفعول حتى 18 مارس 1981، بعد تجديده في 18 مارس 1979. وتحتوي الصفحتان الثانية والثالثة على بيان مطبوع من وزير الخارجية يطلب تقديم العون والمساعدة لحامله "محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية". ويشير الموقع إلى أن جواز السفر به اهتراء طفيف جداً بسبب الاستخدام.
وعلى رغم عدم وجود تأشيرات فإن جواز السفر هذا كان سارياً خلال عديد من الرحلات التاريخية التي قام بها الرئيس السادات، بما في ذلك زيارته إلى إسرائيل في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1977، حيث التقى رئيس الوزراء مناحيم بيغن، وألقى خطابه الشهير في الكنيست، وكذلك رحلته إلى الولايات المتحدة عام 1978، حيث التقى الرئيس جيمي كارتر ووقع اتفاقات "كامب ديفيد" مع بيغن. وأسفرت هذه اللقاءات عن حصول بيغن والسادات على جائزة "نوبل" للسلام في العام نفسه، تلتها معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في 26 مارس 1979.
ولم ترد دار مزادات "هيرتدج" على طلب "اندبندنت عربية" للحصول على تفاصيل حول كيفية وصول جواز سفر السادات إليها، وهوية بائع الوثيقة أو مشتريها.
المنشور المحذوف
ما زاد من الجدل المثار حول بيع الوثيقة التاريخية وجود منشور على الحسابات الرسمية لـ"متحف السادات" التابع لمكتبة الإسكندرية على "فيسبوك" و"تويتر" لصورة جواز سفر الرئيس الراحل بتاريخ 13 يونيو (حزيران) 2018، مع نص بالإنجليزية يقول "جواز سفر الرئيس السادات"، وهي المنشورات التي اختفت من الحسابات، لكنها لا تزال تظهر في محرك البحث "غوغل".
بالتواصل مع أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، قال إن جواز السفر ليس من مقتنيات المتحف، فجميع المقتنيات التي أهدتها السيدة جيهان السادات، زوجة الرئيس الراحل، إلى المكتبة محفوظة بالمتحف الخاص به وموثقة في سجلات، نافياً أن يكون من بينها جواز سفر دبلوماسي أو عادي.
وأشار إلى أن المقتنيات المهداة هي مجموعة من الملابس الخاصة بالرئيس الراحل، ومقتنيات ورقية بعضها بخط يده، ونياشين وأوسمة وكتب، فضلاً عن المكتب الخاص به.
وفي ما يتعلق بالصورة موضع المنشور الخاص بحسابات "متحف السادات"، قال زايد "ربما استعان القائمون على حسابات مواقع التواصل بصورة متاحة على شبكة الإنترنت للإشارة إلى تراث الرئيس الراحل، لكن هذه الصورة ليست من مقتنيات المتحف، بل صورة من الإنترنت"، نافياً علمه بحذف المنشور.
وأضاف رئيس مكتبة الإسكندرية "ليس من المفترض أن نحصل على جميع مقتنيات أي شخص، فهناك عائلة وأقارب، ونحن نعرض ما يتم إهداؤه إلينا".
وأصدرت المكتبة بياناً، اليوم السبت، أوضحت فيه أن المقتنيات التي تم تسلمها من السيدة الراحلة جيهان السادات محفوظة في مكتبة الإسكندرية حفظاً مخزنياً ومتحفياً، وتحت قواعد حفظ وضبط بيئي صارمة، وأنها لم تتسلم أي جوازات سفر".
تأسس "متحف السادات" عام 2009 في إطار توثيق مكتبة الإسكندرية لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، حيث تم تخصيص جناح كامل له بجوار القبة السماوية يقع على مساحة 260 متراً. وإضافة إلى المقتنيات الشخصية أهدت جيهان السادات إلى المتحف صندوقاً يضم ثلاثة مسارج إسلامية ومسيحية ويهودية كانت أهديت للرئيس الراحل خلال زيارته إلى القدس، وتضم المقتنيات المهداة أيضاً تسجيل القرآن الكريم بصوت السادات، وأوراقاً شخصية تتضمن قصة قصيرة كتبها بخط يده وأملى جزءاً منها على زوجته، إلى جانب مجموعة نادرة من التسجيلات المرئية.
عرض عام 2013
كشف توم تروبول، الذي يقدم نفسه كجامع لجوازات السفر التاريخية، ومؤلف كتاب "دعنا نمر أو نموت" الذي يرصد 500 عام من تاريخ جوازات السفر، في مدونته على الإنترنت "باسبورت - كوليكتور"، الأسبوع الماضي، عن أن شخصاً كان يملك جواز سفر السادات تواصل معه عام 2013 لبيع الوثيقة مقابل 50 ألف دولار، لكن تروبول رفض العرض باعتبار أن السعر عالٍ للغاية.
وكتب تروبول يقول "لكن الآن يجب أن أعترف بأنني مدهوش تماماً من النتيجة، فالإعلان عن هذا العرض النهائي بالتأكيد تجاوز توقعاتي المتفائلة من حيث الكلفة"، مشيراً إلى أن دار المزادات الأميركية المعروفة ستحصل على عمولة بقيمة 25 في المئة من ثمن الوثيقة المبيعة.