بقلم: Hassan Refaei & Julian GOMEZ • آخر تحديث: 10/11/2022 - 19:31
صورة أرشيفية للنصب التذكاري في ريغا عاصمة لاتفيا، في 22 أغسطس ، 2022. قبل أن تقوم السلطات بإزالته على اعتبار أنه يعود للحقبة السوفييتية. - حقوق النشر AP Photo
ما مصير النصب التذكارية التي تعود للحقبة السوفيتية والمنتشرة في العاصمة ريغا وغيرها من مدن جمهورية لاتفيا؟، لعلّ هذا السؤال هو الأكثر حضوراً من بين الأسئلة المثيرة للجدل في الأوساط السياسية والشعبية بالدولة الواقعة على بحر البلطيق.
في لاتفيا، ثمة المئات من النصب واللوحات التذكارية إضافة إلى التماثيل التي تمجّد الاتحاد السوفييتي والجيش الأحمر، لكنّ، وعلى إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، اعتمدت ريغا في شهر حزيران/يونيو قانوناً يقضي بتفكيك أو إزالة الأعمال التي تحتفي بالحقبة السوفييتية، ونصّ على وجوب أن يتمّ ذلك قبل حلول الخامس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، واستثنى القانون النصب التذكارية في المقابر والتي تحتوي على رفات بشرية أو تعتبر من المعالم ذات الدلالة الثقافية.
وكانت لاتفيا أعلنت استقلالها مع نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1918، وبعدها بثلاث سنوات انضمّت إلى عصبة الأمم، وخلال الحرب العالمية الثانية، تمّ إلحاقها بالاتحاد السوفييتي الذي استقلت عنه في العام 1991، وفي العام 2004 حصلت على عضوية حلف شمال الأطلسي الـ"ناتو" وبعدها بعشرة أعوام أصبحة عضواً في منطقة اليورو.
تماثيل لجنود وامرأة بجانب مسلّة في ريغا
وفي شهر آب/أغسطس الماضي، وعلى وقع الغزو الروسي لأوكرانيا، صنّف البرلمان اللاتفي روسيا على اعتبار أنها "دولة راعية للإرهاب"، وأكد على أن "تصرفات روسيا في أوكرانيا إبادة جماعية تستهدف الشعب الأوكراني"، وطالبت ريغا الحلفاء الغربيين بفرض المزيد من العقوبات على موسكو.
ويشكّل المواطنون ذوو الأصول الروسية نحو 30 بالمائة من سكّان لاتفيا، ويجتمع الآلاف منهم في التاسع من شهر أيار/مايو من كل عام تحت نصب يضم تماثيل لجنود وامرأة بجانب مسلة مركزية في ريغا للاحتفاء بذكرى النصر على النازية والذي تحقق في العام 1945، غير أن غالبية سكّان البلاد ينظرون إلى هذا النصب بارتياب، إذ يرون فيه دلالة على بداية السيطرة السوفييتية على البلاد والتي استمرت أكثر من نصف قرن.
"الحرب تنزع الغشاوة عن العيون"
مدينة داوغافبيلس الواقعة جنوب شرق لاتفيا والقريبة من الحدود مع بيلاروسيا والتي تبعد عن الحدود الروسية 120 كيلومتراً، تضمّ في أرجائها الكثير من النصب والتماثيل واللوحات التذكارية التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، ويعيش فيها عدد كبير من المواطنين ذوي الأصول الروسية، وهؤلاء يعتبرون أن إزالة تلك الآثار، بمثابة اقتلاع حقبة زمنية من التاريخ لها من لها وعليها ما عليها.
يقول عضو مجلس مدينة دوغافبيلس، إيغور بريلاتوف، لـ"يورونيوز": إن "الجندي هو جندي.. والحرب تنزع الغشاوة عن العيون، وحين يتم بناء نصبٍ يمثل جندياً، فإنما هو في الحقيقة تقديرٌ لماهية الجندي"، في إشارة منه إلى أن الجندي هو شخص على استعداد كامل لتقديم روحه في سبيل الدفاع عن بلاده ومواطنيه.
ويضيف بريلاتوف: إذا ما عدنا إلى التاريخ المجسد علاماتٍ ملموسة، فالنقاش الذي يتداوله الناس يكون مجدياً إن كان له دلالات مادية على الأرض، وفي حال أزلنا تلك الآثار فإننا حينها نكون كمن محا التاريخ".
تبرعاتٌ من أجل إزالة النصب
لكنّ الحال مختلف في ريغا، حيث لم تتردد السلطات في تفكيك الآثار السوفييتية المتبقية والتي يأتي في مقدمها نصب تماثيل الجنود والمرأة والمسلة المثير للجدل والذي تمّ تشييده في العام 1985، هذا النصب الذي تمّت إزالته في أواخر شهر تموز/يوليو الماضي.
ويوضح رئيس المجلس البلدي لمدينة ريغا مارتينز ستاكيس لـ"يورونيوز" أن السبب الرئيس وراء إزالته أن سكّان المدينة لا يريدون رؤية أياً من رموز الأنظمة الشمولية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويقول ستاكيس: "فكرنا أولاً في إعادة تسمية النصب التذكاري، لكن السكان لم يقبلوا ذلك، وبعد هذا الاقتراح، بدأ الناس في التبرع لإزالة هذا النصب التذكاري، وقد غطت هذه التبرعات نفقات هدمه"، حسب تعبيره.
ويجدر بالذكر أن ثمة من يطالب في لاتفيا بأن يصار إلى نقل بعض التماثيل والنصب واللوحات التي تعود للحقبة السوفييتية، إلى المتاحف، على اعتبار أن تلك الأعمال جزء من التاريخ المعاصر للبلاد.