جدل وطلبات إحاطة بعد هدم قبة مُستولدة محمد علي باشا في مصر

منذ 1 شهر 39

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار انتشار صورة لأعمال هدم قبة مستولدة محمد علي باشا بإحدى المناطق التاريخية بالعاصمة القاهرة، حالة من الاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب إزالة القبة بدعوى تنفيذ "أعمال تطوير" بالقاهرة. في وقت قدم عدد من أعضاء مجلس النواب طلبات إحاطة لوقف أعمال الهدم، بينما ردت وزارة السياحة والآثار بأن القبة غير مسجلة كأثر في عداد الآثار الإسلامية، لعدم توافر اشتراطات وقواعد تسجيل الآثار، وفق القانون المصري.

وتعود المقبرة التي يثار الجدل بشأنها إلى نام شاز قادين، التي تعد إحدى مُستولدات الوالي محمد علي باشا، الذي حكم مصر خلال الفترة من 1769 وحتى 1849، ورزق منها بالأمير محمد عبد الحليم. 

وتقع هذه المقبرة في منطقة مقابر الشافعي، التي تخضع لتطوير من قبل محافظة القاهرة ضمن خطة تطوير القاهرة التاريخية لإزالة العشوائيات.

وقالت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مها عبد الناصر، إنها طالبت الحكومة المصرية بوقف أعمال هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، للحفاظ على القيمة التاريخية والتراثية للمقبرة. كما طالبت الحكومة بمراجعة خطة تطوير المنطقة مع كل الجهات المعنية لضمان الحفاظ على المواقع التراثية بمنطقة القاهرة التاريخية، وعدم إزالة أية مواقع أثرية.

وأضافت عبد الناصر، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أنها في انتظار رد رسمي بشأن المطالبات لوقف هدم المواقع الأثرية، ومعرفة خطة التطوير لهذه المواقع التاريخية والتراثية للحفاظ عليها، لأنها تمثل جزءًا من هوية وتاريخ البلاد.

وأعلن رئيس حزب العدل وعضو مجلس النواب المصري، عبد المنعم إمام، عن تقدمه بطلب إحاطة للبرلمان بشأن هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، مُطالبًا بمعرفة أسباب هدم القبة والإجراءات المتخذة لحماية التراث المعماري والتاريخي، وكذلك خطة وزارة السياحة والآثار لحماية المواقع التراثية والأثرية وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، إضافة إلى الإجراءات الحالية والمستقبلية لترميم وصيانة المعالم التاريخية في جميع أنحاء البلاد، ومحاسبة المسؤول عن قرار الهدم.

وقال إمام، في طلب الإحاطة الذي نشره في حسابه الرسمي، إن هدم قبة مستولدة محمد علي باشا يمثل تهديدًا للمواقع الأثرية والتراثية التي تشكل جزءًا من الهوية المصرية، مؤكدًا أهمية هذه المعالم في تعزيز السياحة الثقافية وجذب الزوار من داخل وخارج مصر.

وفي مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل العديد من المشاهير مع انتشار صورة هدم القبة، أبرزهم رجل الأعمال نجيب ساويرس على منصة إكس "تويتر سابقًا"، الذي أبدى حزنه على إزالة القبة. 

وعلّقت الإعلامية لميس الحديدي على صور هدم المقبرة، قائلة:"وقف الخلق ينظرون جميعًا كيف أبني قواعد المجد وحدي.. ووقفوا بعد دهر ينظرون كيف يهدم أبنائي تاريخي وذاكرة السنين.. هكذا مصر تتحدث عن نفسها". 

وأشارت الحديدي في تدوينات أخرى إلى أن منطقة القاهرة الخديوية مُسجلة كمنطقة تراث عالمي، وكل ما يقع فيها ضمن خريطة اليونسكو ودور الحكومة الحفاظ عليها، وقالت إنه "إذا كانت هذه الجبانة ليست مجلة أثرًا لكنها طراز معمارية مميزة تحمل الفن والتاريخ الحي".

وردت وزارة السياحة والآثار، في بيان رسمي على لسان مصدر مسؤول، بأن هذه القبة غير مُسجلة كأثر في عداد الآثار الإسلامية، وأنها لا تنطبق عليها أو يتوفر بها اشتراطات وقواعد تسجيل الآثار، وفقًا للقانون الخاص بذلك رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته.

من جانبه، قال كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، مجدي شاكر، إن الوالي محمد علي باشا تزوج العديد من السيدات بخلاف زوجته ليرزق منهن بأولاد ليكون أسرة وعائلة ضخمة في مصر، ووصل عدد زوجاته إلى 37 سيدة، منها نام شاز قادين التي رُزق منها بالأمير محمد عبد الحليم، وهو أحد السياسيين البارزين الذي كاد أن يرث الدولة العثمانية، ولذا اختار لها منطقة الإمام الشافعي، التي تعد من أهم المناطق في القاهرة التاريخية ومبنية منذ القرن السادس الميلادي، ليبني لها قبة على الطراز المملوكي الجديد.

وأوضح شاكر، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، سبب عدم إدراج القبة في عداد الآثار الإسلامية؛ لأنه هذه القبة لم يمر على بنائها 100 عام من تاريخ صدور قانون الآثار الصادر في عام 1983. وذكر أن القبة مبنية على الطراز المملوكي الجديد من قبل مهندس فرنسي وليست تراثية، ولذا تتبع القبة محافظة القاهرة لأنها تخضع لقانون إنشاء الجبانات، حسب قوله.

وقال شاكر إن الحكومة المصرية لن تقدم على هدم أية مواقع أثرية بمنطقة القاهرة التاريخية، التي تعد إحدى أهم وأكبر المدن التراثية الحية المسجلة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 1979، في حين تعتبر قبة مستولدة محمد علي باشا ذات طراز معماري وليست أثرية.

ويرى مجدي شاكر أنه كان من الأفضل نقل مبنى قبة مستولدة محمد علي باشا إلى أماكن تاريخية أخرى، من خلال قطع القبة بطريقة هندسية للحفاظ على تاريخها، وفي الوقت نفسه تنفيذ أعمال التطوير التي تخدم المصلحة العامة.