يعتبر الجنس مقابل المال مصدرا رئيسا للدخل في الكنغو، وهو عمل ليس مخالفًا للقانون في هذه الدولة الأفريقية، رغم سعي بعض الجهات إلى حظره. ويقدر الأطباء أن 80% من حالات المرض هناك انتقلت عن طريق الاتصال الجنسي، على الرغم من أن الفيروس ينتشر من خلال أنواع أخرى من الاتصال الجسدي كذلك.
سيفا كونغوغا وهي أم عزباء أصيبت في شهر أيار/مايو بمرض جدري القرود، ووقتها كانت أعضاؤها التناسلية تعاني من جروح مؤلمة للغاية لدرجة أنها كانت بالكاد تستطيع المشي، بل الحركة. ما يعني أنها لا تستطيع القيام بمهام عملها كبائعة للجنس. ولم تظهر قصتها للعلن إلا عندما باتت لا تمتلك الأموال التي تحتاجها لتعيد أسرتها.
حتى أن ابنها الذي يبلغ من العمر 9 سنوات أصيب بهذا الجدري. ويسبب الجدري في الغالب أعراضًا خفيفة مثل الحمى وآلام الجسم، ولكن الحالات الخطيرة يمكن أن تعني ظهور بثور بارزة ومؤلمة على الوجه واليدين والصدر والأعضاء التناسلية.
أموال الزبائن تساعد في دراسة 11 طفلا
منذ عقد من الزمن وهي تغطي الكتاليف المدرسية لأطفالها البالغ عددهم أحد عشر طفلا، وهو أمر لم تعد تستطيع أن تغطي تكاليفه الأن، فهي تقول إنها، منذ إصابتها بالمرض، انخفض عدد زبائنها من عشرين شخصا في اليوم الواحد إلى خمسة فقط.
حاولت هذه الأم العزباء أن تعيش من بيع الكحول خلال النهار، لكن العائد المادي لا يكفي لتغطية تكاليف المعيشة. وقالت إنها تريد أن من الحكومة أن تدعمها كي لا تضطر إلى تعريض نفسها أو الآخرين لخطر الإصابة بالأمراض الفتاكة.
ماذا بعد التعافي من المرض؟
لقد مرت أربعة أشهر منذ أن تعافت سيفا كونغوغا من الجدري، لكن باعتبارها عاملة في مجال الجنس، قالت إنها لا تزال تكافح من أجل استعادة الزبائن، إذ يؤدي الخوف والوصم إلى إبعاد الأشخاص الذين سمعوا أنها مصابة بالفيروس.
وقالت كونغوغا (البالغة من العمر 40 عاماً) وللتي تعيش في منزل صغير شرق الكونغو: "إن هذا العمل محفوف بالمخاطر". "ولكن إذا لم أعمل، فلن يكون لدي ما يكفي من المال لأطفالي."
عاملو الجنس هم الأكثر تضررا
إن العاملين في مجال بيع الجنس من بين الناس الأكثر تضررا من تفشي مرض جدري القرود في بلدة كاميتوغا، ويعتقد أن حوالي 40 ألف من هؤلاء يعيشون في مجمع تجاري مليء بعمال مناجم الذهب، الذين يشكلون غالبية الزبائن.
ويقول العاملون في مجال الجنس إن الوضع يهدد صحتهم وسبل عيشهم. ويؤكد مسؤولو الصحة أن من اللازم بذل المزيد من الجهود لوقف انتشار المرض - مع التركيز على العاملين في مجال الجنس - وإلا فإن مرض الجدري سوف يزحف بشكل أعمق عبر شرق الكونغو والمنطقة بأكملها.
بيع هوى قانوني ولكن..
يدعو مسؤولو الصحة في كاميتوغا الحكومة إلى إغلاق النوادي الليلية والمناجم وتعويض العاملين في مجال الجنس عن أعمالهم، وذلك أمر لا يوافق الجميع عليه.
ويقول المسؤولون هناك إنهم لا يملكون الموارد اللازمة للقيام بأكثر من رعاية المرضى، ويصرون على أن حماية أنفسهم تقع على عاتق العاملين في مجال الجنس أنفهسم.
وقال عمدة كاميتوغا، ألكسندر بونديا مبيلا إن الحكومة تنظم حملات توعية لكنها تفتقر إلى الأموال للوصول إلى الجميع. وقال أيضًا إن العاملين في مجال الجنس يجب أن يبحثوا عن وظائف أخرى.
لا يعتبر بيع الهوى عملا ليس مخالفًا للقانون في الكونغو. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هناك عواقب قانونية متوقعة لذلك، وهناك خوف من الانتقام، إذ يتعرض العاملون في مجال الجنس لمعدلات عالية من العنف بما في ذلك الاغتصاب وسوء المعاملة، وتمنع النساء من طلب الرعاية الطبية.
الجدري عبء إضافي على العاملات في مجال الجنس
إن هذ المجال منظم وفقاً لتحالف العاملين في مجال الجنس الأفارقة ومقره كينيا، ويقدر التحالف أن 13% من سكان كاميتوغا البالغ عددهم 300 ألف نسمة يعملون في مجال الجنس.
لكنه مجال محفوف بالمخاطر. وتواجه النساء العنف المنهجي، وتجبر العديد منهن على العمل في هذه الصناعة بسبب الفقر أو لأنهن أمهات عازبات ويجب عليهن إعالة أسرهن.
وعلاوة على ذلك، فقد وصفت العاملات في مجال الجنس الجدري بأنه عبء إضافي. وقالت إن الكثيرين يرتعبون من الإصابة بالفيروس، ما يعني تأثر هذا المجال سلبا. وأضاف العاملون في هذا المجال إن أولئك الذين يتعافون من المرض يتعرضون للوصم.
ويقول خبراء الأمراض إن نقص اللقاحات والمعلومات يجعل وقف انتشار المرض أمرًا صعبًا. ووصل حوالي 250 ألف لقاح إلى الكونغو، لكن من غير الواضح متى سيصل أي منها إلى كاميتوغا. ومن المقرر أن يتلقاهم العاملون في مجال الجنس وعمال المناجم أولاً.
أضعاف المبلغ مقابل التخلي عن الحماية
يحاول قادة المجتمع ومجموعات المساعدة تعليم العاملين في مجال الجنس كيفية حماية أنفسهم وعملائهم من خلال جلسات توعية حيث يناقشون العلامات والأعراض. كما أنهم يشددون على استخدام الواقي الذكري، الذي يقولون إنه ليس منتشرا على نطاق واسع في هذه الصناعة.
ويقدم لهم مستشفى كاميتوغا العام صناديق تحتوي على حوالي 140 واقيًا ذكريًا كل بضعة أشهر. يقابل بعض العاملين في مجال الجنس ما يصل إلى 60 عميلًا يوميًا - مقابل أقل من دولار واحد للشخص الواحد، ولكن نفدت الواقيات الذكرية.
وقال أحد عمال المناجم ديبوس بولامبو إنه أصيب بالجدري في فبراير/شباط، لكنه يرى أن معظم زملائه من عمال المناجم لم يأخذوا الفيروس على محمل الجد. وأشار إلى أن الناس يريدون إنفاق الأموال على الجنس، حتى أثناء تفشي الوباء، ويدفعون في بعض الأحيان خمسة أضعاف المبلغ مقابل عدم استخدام الواقي الذكري.