ملخص
كانت سيدات الحجاز يشغلن وقت فراغهن في الحياكة والتطريز
يظل "الحنين" الرفيق الصامد الذي يمسك بأيدينا للوقوف أمام ذكريات الصبا والطفولة بين الأزقة وخلف الأسوار، على رغم زحمة التقنية وتغيرات سبل العيش.
"المنطقة التاريخية" بمدينة جدة جعلت من الحنين قصة تروى وتفهم بإحيائها التراث والعيش داخل الذكريات التي طويت مع التطور والتقدم، وخوض تجربة العيش فيها بأدق تفاصيلها، حيث تنظم فعالية موسم رمضان.
أسهمت جدة التاريخية في استحضار الموروث الشعبي الثقافي في المرويات والقصص والحكايات والفنون الشعبية المختلفة والملابس والأكل والتراث العمراني، ومنها تسع مهن حرفية قديمة لإظهار التراث الحجازي وهويته، بينها التطريز وتقطير الورد وصناعة الكحل والديرم والعملات القديمة والصرافة وخياط الدقديق والخراز والسقا وفرقنا.
"التطريز" لسد أوقات الفراغ
أوضحت مصممة الأزياء التراثية ريم عسيلان لـ"اندبندنت عربية" أن (التطريز) مهنة قديمة في كل الثقافات، وكانت سيدات الحجاز يشغلن وقت فراغهن في الحياكة والتطريز، مشيرة إلى وجود نوعين من التطريز الأول (طويل المدى)، الذي يستغرق وقتاً زمنياً طويلاً كالثياب الثقيلة التي تتوارث عبر الأجيال، والأخير (اليومية) الذي ينجز بشكل سريع كتطريز المناديل وأغطية الأسرة والمحارم.
تضيف "حرصت السيدات في السابق على تطريز الملابس ومفروشات المنزل وتجديدها كل عام تزامناً مع موسم عيد الفطر، وفي جدة التاريخية قدمنا نماذج من بعض القطع المطرزة، تعرف من خلالها الزوار على أنواع الأقمشة كالحرير والكنتيل، كما عاشوا تجربة التطريز بعد أن نالت المهنة إعجاب الجميع".
"الكحل" و"الديرم" مساحيق التجميل القديمة
أما مهنة صناعة الكحل فعلى رغم كونها جزءاً من زينة المرأة فإن كثيراً من السيدات يجهلن طريقة إعداده، توضح عسيلان أنه ومن خلال المشاركة في مهرجان موسم رمضان يتم توضيح الفرق بين الكحل الحجري وكحل الإثمد للزوار، وطريقة إعداده بدءاً من نقعه في ماء زمزم أو ماء الورد من 20 إلى 40 يوماً، ومن ثم طحنه واستخلاصه.
وأوضحت أن الرجال والأطفال كانوا يستخدمونه كمادة خام، أما النساء فيخلطنه بقليل من زيت الخروع أو نواة التمر ليشتد سواده.
وعن الديرم أشارت إلى أن كثيراً من السيدات يجهلن ما هو، وذكرت لحاء شجرة معقمة للفم ومطهرة للثة ومبيضة للأسنان، وكانت النساء يستخدمنه لحمرة شفافهن وخدودهن كون لونه يتحول إلى الأحمر بعد طحنه وخلطه بماء الورد".
عملات من قبل 1500 عام
أكثر من 50 عاماً أفناها العم سعيد الغامدي في جمع العملات من قبل الإسلام، وتعود بعضها لأكثر من 1500 عام، ليلخص مسيرته لزوار جدة التاريخية وتعريفهم بمهنة جمع العملات قديماً.
وأوضح الغامدي أن الهدف من جمع العملات حفظ الإرث الإسلامي والمرور بالعملات المندثرة وتطورها عبر العصور، كما أشار إلى العملات السعودية في عهد ملوكها.
وقال إنه بدأت في جمع العملات منذ سن الـ20 كهاو حتى تمكنت من جمع أشكال العملات القديمة وغير المتداولة في العصر السعودي، إضافة إلى جمع سندات الحج أو ما تسمى بـ"سك الحج" التي كتبت عليها خمس لغات مختلفة، إذ كانت الناس تتداول أو تعمل مقايضات بين العملات الأجنبية والعملات السعودية خلال الحج".
آخر موسم لحصاد ورد الطائف
وعرض سامر خالد جستنية، في منطقة جدة التاريخية، فكرة كيفية استخراج دهن الورد وماء الورد الطائفي الذي تشتهر بها السعودية وطريقة عزلهما عن بعض، تزامناً مع نهاية حصاد موسم الورد في مدينة الطائف، وهو مارس (آذار) الماضي، إذ يحصد سنوياً أكثر من 550 مليون زهرة.
وأضاف جستنية أن عملية تقطير الورد قديماً كان لها أصحاب من أرباب المهن، التي يجهل عنها كثيرون في الوقت الحالي، وعن آلية التقطير وفصل الماء عن الدهن، وأفاد بأن تولة دهن الورد الواحدة تستخلص من 10 إلى 12 ألف زهرة، من خلال وضع الورد في إناء ثم طبخه لمدة تتراوح ما بين سبع إلى 14 ساعة حتى يفصل الدهن عن الماء، ومن ثم يسحب الدهن بأداة خاصة (إبرة)، وتكرر العملية حتى الانتهاء من سحب الكمية كاملة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المرقب والمجهر
وتعرف زوار جدة التاريخية على "المرقب"، وهو ما يعرف الآن بـ"المرصد الفلكي"، إذ اطلعوا على أطوار القمر، وكيفية رؤية هلال رمضان والعيد، وأجروا تجربة مرئية على "التليسكوبات الفلكية" شاهدوا خلالها القمر.
وأضاف المهتم في علم الفلك ملهم الهندي أن كلمة "المرقب" مشتقة من كلمة "المراقبة"، إذ كانت البلدان تخصص مكاناً لمراقبة الشمس والقمر والنجوم حتى يتعرفوا على مواعيد الصلاة ومواعيد الشهور وحتى مواسم الصيد والزراعة، حتى دخلت التلسكوبات على المرقب وصار هناك ما يسمى بالمرصد الفلكي.
وأوضح الهندي أن أول مرصد فلكي كان في السعودية عام 1948 في عهد الملك عبدالعزيز، إذ أحضر ولي العهد آنذاك الملك سعود أجهزة فلكية من خارج البلاد لمكة المكرمة وبنى أول مرصد بها فوق جبل أبي قبيس.
وأشار إلى أن الجبل يقع في الجهة الشرقية للمسجد الحرام ويبلغ ارتفاعه 420 متراً تقريباً، ويقال إنه سمي بأبي قبيس لأن الحجر الأسود اقتبس منه، ويمتاز عن بقية الجبال بوجود الحجر الأسود فيه منذ قدم الزمان، وبكونه يشرف على الكعبة، ومن ثم بني عديد من المراصد الفلكية بعضها يكون للعلوم والأبحاث العلمية وبعضها يكون للعامة وبعضها خصص لترائي الهلال.
وعن أطوار القمر قال الهندي حينما نتحدث عن ترائي الهلال نحن نتحدث عن طور من أطوار القمر، ولكل طور من هذه الأطوار مميزات، إذ يكون شكل القمر مختلفاً من بين منزلة ومنزلة، وبعض الأحيان الفترة الزمنية اللي نشاهد فيها القمر أيضاً مختلفة من يوم إلى آخر، فنحن لا نشاهد القمر طول اليوم أو طول الليل إلا في فترة زمنية محددة، فمثلاً أول يوم للهلال نشاهد القمر لمدة ساعة واحدة فقط بعدها يغرب تحت الأفق.
يتابع في اليوم التالي يبدأ حجم الهلال يكبر وتزيد مدة مشاهدته 40 على دقيقة، وتزداد "يوماً بعد يوم"، متطرقاً إلى "منازل القمر من المحاق إلى الهلال المتزايد والتربيع الأول وأحدب متزايد والبدر وأحدب متناقص والتربيع الأخير والهلال المتناقص والمحاق".