أمام انحسار هطول كميات كبيرة من الثلوج في أكثر من بلد عربي، كما في باقي العالم بسبب تداعيات ظاهرة الانحباس الحراري، فإن عديداً من السياح العرب باتوا يتحينون فرصة حلول فصل الشتاء لزيارة دول عربية بعينها تعرف بوفرة الثلوج التي تتيح لهم الاستمتاع برياضة التزلج وقضاء أوقات دافئة في منتجعات تحرص جيداً على تجهيز ما يلزم لموسم واعد.
ويعد المغرب من هذه البلدان العربية التي توفر "رفاهية الاستمتاع بالثلوج"، عبر وجود منتجعين يقصدان بوفرة للتزلج، خصوصاً في الفترة الممتدة بين نوفمبر (تشرين الثاني) وأبريل (نيسان)، وتجذب هذه المنتجعات الزوار المغاربة والسياح الأجانب لا سيما في الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).
الاستمتاع برياضة التزلج في المغرب (فيسبوك)
سويسرا العرب
وفي هذا الفصل البارد يكلل الزائر الأبيض جبال دول عدة محيطة، منها على وجه الخصوص جبال لبنان وعديد من مناطق سوريا وكذلك الأردن، لا سيما الأماكن الجبلية المرتفعة وفي الجليل والنقب بفلسطين وفي جبال سيناء بمصر وفي ولاية سطيف بالجزائر وجبال تونس وجبال الأطلس في المغرب.
وتهطل الثلوج كل سنة في المغرب بكميات وافرة خصوصاً في جبال الأطلس، وهي جبال شاهقة الارتفاع ممتدة على ثلاث سلاسل: الأطلس الكبير الذي يقع وسط البلاد والأطلس المتوسط في شمال البلاد، بينما الأطلس الصغير في الجنوب.
وتتساقط الثلوج بكثافة في المناطق الجبلية والقرى المجاورة لجبال الأطلس، خصوصاً في مناطق مثل أزيلال وميدلت وأنفكو وتنغير وتونفيت التي شهدت قبل أيام تراكماً للثلوج مما أدى إلى تدخل فرق الإنقاذ لإغاثة المحاصرين.
وتبقى مدينة إفران الواقعة وسط جبال الأطلس المتوسط من أكثر المدن التي اشتهرت بكثافة الثلوج التي تتساقط فيها والتي يلقبها كثيرون بـ"سويسرا العرب" أو "سويسرا أفريقيا"، والتي تجذب آلاف وربما ملايين السياح المغاربة والعرب والأجانب.
وتعتبر إفران وتعني باللغة الأمازيغية "الكهوف"، لما يحيط بها من مغارات طبيعية مدينة الثلوج بامتياز، نظراً إلى وفرة الثلوج الهائلة التي تهطل عليها، بفضل موقعها العالي على ارتفاع يتجاوز 1600 متر فوق سطح البحر، كما أنها تمتاز بطقس قارس البرودة في فصلي الخريف والشتاء.
والذي يجذب السياح والزوار إلى مدينة إفران ليس فقط ثلوجها الوفيرة التي عادت إلى التهاطل بعد سنة الجفاف الذي ضرب المغرب في السنة الماضية، ولكن أيضاً بفضل نظافة شوارعها وأزقتها وحواريها، إذ تصنف في كثير من الأحيان من بين أنظف المدن في العالم.
يحرص المدربون أيضاً على تأمين سلامة الزوار (وكالة الأنباء الرسمية)
متعة ميشليفن
وتضم إفران واحدة من محطتي التزلج الموجودتين في المغرب، وهي "ميشليفن" التي عادت إليها الحياة بعد أشهر من الركود نظراً لضعف التساقطات المطرية والثلجية في البلاد، جراء تداعيات الجفاف الذي شهدته البلاد في العام الماضي.
وتبعد محطة "ميشليفن" للتزلج 20 كيلومتراً فقط عن مدينة إفران، وتأتي بعد محطة "أوكايمدن" كمركز أساسي للتزلج بفضل الثلوج التي تنهمر على المنطقة، كما تعد منفذاً سياحياً ذا أهمية يعود بالرواج الاقتصادي والاجتماعي والتنموي على المنطقة.
وفي هذا السياق، يقول علي بنغربوط ناشط محلي ومرشد سياحي بمحطة "ميشليفن"، إن هذه المحطة قد لا تضاهي محطة "أوكايمدن" من حيث الشهرة والسمعة، لكنها في المقابل توفر أقصى درجات الاستمتاع للسياح ومحبي التزلج على وجه الخصوص.
ويشرح المتحدث ذاته، أن ما يميز محطة التزحلق "ميشليفن" أنها محطة تتيح التزلج في ظروف مريحة، وتوفير أدوات التزحلق لجميع الفئات والأعمار صغاراً وكباراً ذكوراً وإناثاً"، مبرزاً أن سهولة التزحلق على الجليد هي أكثر ما يميز محطة "ميشليفن".
واستطرد المتحدث أنه "من جهة أخرى محطة ميشليفن للتزلج هي مجرد خدمة ترفيهية تحيط بها خدمات ترفيهية أخرى من قبيل ركوب الخيل، والتقاط صور احترافية للزوار في عناق مع الثلوج"، مضيفاً أن "هناك مرافق خدماتية أخرى مثل المطاعم والمقاهي والفنادق بإفران تضيف إلى المحطة رونقاً وجذباً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منتجع "أوكايمدن"
وتظل محطة "أوكايمدن" الشهيرة أكبر محطة للتزلج ليس فقط في المغرب بل إنها تعد من بين أكبر المحطات التزلج في أفريقيا، وهي ليست فقط فضاء عادياً مخصصاً للتزحلق بل تعد منتجعاً سياحياً قائماً بذاته، يؤمه آلاف السياح من داخل البلاد وخارجها كل سنة.
وتبعد محطة جبل "أوكايمدن"، وهي كلمة تعني بالأمازيغية وادي الرياح الأربع، عن مدينة مراكش جنوب البلاد نحو 74 كيلومتراً، بينما الجبل يرتفع بأكثر من 3200 متر، وهو مكسو في أغلب الأوقات بالثلوج، سيما في فصلي الخريف والشتاء وفي فترة وجيزة من فصل الربيع.
وتقع محطة "أوكايمدن" على ارتفاع يبلغ 2280 متراً، وهو ارتفاع شاهق يزيد من متعة استشكاف الثلوج والتزحلق على الجليد، خصوصاً بتوفر جميع الظروف المواتية لهذه الرياضة الشتوية المثيرة، التي لا تتاح في العادة على طول العام، مما يدفع كثيرين إلى اغتنام فصل الشتاء لمزاولتها واستكشافها عن كثب.
في السياق نفسه، يقول طارق التويتي مدرب محلي، إن محطة "أوكايمدن" توفر رفاهية العيش وسط الثلوج، حيث يتزحلق الكبار ويلعب الصغار أيضاً في أجواء حميمية وآمنة بفضل طاقم المدربين المتخصصين.
وزاد المتحدث ذاته، أن مهمة المدرب في المحطة الثلجية هي تعليم من لا يعرف التزلج طريقة التزحلق بشكل بسيط وميسر، فضلاً عن مراقبة وتأمين سلامة الحاضرين والزوار، ومدهم بالنصائح والتعليمات الممكنة، وربما تقديم العون لأحدهم أو التدخل في حالة ما حصل مكروه لمتزحلق مثلاً.
واعتبر المصدر عينه أن أجمل ما يوجد في محطة "أوكايمدن" الشاهقة، أنها توفر مشهداً بانورامياً فريداً ربما لا يتوفر في مكان آخر في العالم، ذلك أن الواقف في أعالي جبل "أوكايمدن" يمكنه عندما يكون الطقس مشمساً، أن يطل على كثبان الرمل في مدينة ورززات الصحراوية التي تلوح من بعد لرواد "أوكايمدن".