ثقافة الإلغاء تتخطى النخبة وجوني ديب خير مثال

منذ 1 سنة 164

جوني ديب، يا له من مسكين حقاً. أنتم تعلمون أنه كان ضحية لثقافة الإلغاء، أليس كذلك؟ وتدرون أن حياته المهنية وسمعته تدمرتا على يد آمبر هيرد المخادعة تلك، التي استفادت بشكل كبير من ادعائها بأنها ضحية للعنف الأسري في مقالها الافتتاحي الذي نشرته في صحيفة "واشنطن بوست" وصار أشهر من نار على علم الآن؟

أوه، أنا آسفة. لا، لقد فهمت الأمر بشكل خاطئ. كانت هيرد هي التي تدمرت مسيرتها المهنية وسمعتها بسبب محاكمة العام الماضي، بينما يقوم ديب منذ ذلك الحين بجولة انتصار عالمية يستقبلها تصفيق حار والوقوف احتفاء به أينما حل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شهد مهرجان كان السينمائي أحدث تقدير لـ ديب على الملأ، كما أن الحفاوة لم تقتصر على الجمهور فقط. أظهرت علامات بارزة في الصناعة مثل "دار ديور" وعلامة "سافج فينتي إكس" للملابس الداخلية التي تنتجها "ريهانا" وشبكة "أم تي في" والآن مهرجان "كان" السينمائي، دعمهم لـ ديب من خلال منحه منصات مرغوبة لإعلاء سيرته التي وصلت حدود السماء بالفعل.

قد تتساءلون، وما المشكلة في ذلك؟ وجدت هيئة المحلفين أن هيرد قد شوهت سمعة ديب بالفعل، وبالتالي هو بريء - فلماذا يتعرض للإلغاء بسبب شيء لم يفعله؟ لماذا لا يتم إلغاء هيرد لأنها كذبت؟

بادئ ذي بدء، كانت المحاكمة بخصوص التشهير وليس البت في موضوع الذنب والبراءة في ما يتعلق بالعنف الأسري. ثانياً، لم يخرج ديب من المحاكمة كقديس بغض النظر عن المحاولات الحثيثة التي قامت بها قاعدة المعجبين به على الإنترنت لتطهير صورته. تم تجاهل تلك الرسائل المرسلة إلى بول بيتاني وكأنها شيء لا يذكر، اعتبرت مزحة! كانت في سياق الملاطفة بين جوني الكبير السخيف وصديقه، كان جوني الرائع يحاول تقليد شخصية يتم بيرتون التي يلعبها في شرها وغرابتها، ولم يقصد شيئاً بتلك الرسائل. من ناحية أخرى، هيرد هي الوحش.

أعتقد أن حقيقة التجاهل الفوري لمزاح ديب بقتل واغتصاب امرأة هي أمر مهم. نحن نتجاهلها لأنه من السهولة بمكان التغاضي عن الإساءة إلى النساء أو تقويضها أو الاستهزاء بها في مجتمعنا. تمكن ديب من الحفاظ على شخصية "جوني اللطيف" التي يتمتع بها على رغم كلماته البغيضة لأن السلوكيات المبتذلة وغير المحترمة والفاحشة تجاه النساء التي كُشف عنها أثناء المحاكمة لا تعني شيئاً بالنسبة لنا - يمكننا قبول أنها مزاح لأننا لا نأخذ كراهية النساء على محمل الجد.

بعبارة أخرى، انظروا إلى صفقة ديب مع دار ديور. لقد حصل للتو على عقد آخر بقيمة 20 مليون دولار مقابل كونه الوجه المسوق لعطرها الشهير "سوفاج". وعلى هذا النحو، لماذا، بحق السماء، لماذا يعتبر فكرة جيدة التعاقد مع رجل أقرت المحاكم المدنية الإنجليزية أنه "ضارب زوجته" ليكون واجهة حملة إعلانية لمنتج اسمه "سوفاج" (متوحش بالفرنسية)؟

بغض النظر عن نتيجة محاكمة التشهير الأميركية، لا جدال في أن رسائل ديب كانت، على أقل تقدير، مسيئة بشكل بشع وسلطت الضوء على إساءة معاملة النساء. فلماذا نبقيه وجهاً لعلامة تجارية؟ لماذا تستفيد علامة "سافج فينتي إكس" التي تنتجها ريهانا من حلول ديب ضيف شرف في عرض على مستوى رفيع كهذا؟ حسناً، نحن نعلم بالفعل أن محاكمة التشهير الأميركية قد عززت مبيعات عطر "سوفاج" من "ديور"، ومن المؤكد أن ظهور ديب في عرض "سافج فينتي إكس" لم يضر بالعلامة التجارية ككل التي تملكها ريهانا.

على أية حال، لا يمكنني التحدث عن نوايا صانعي القرار في "دار ديور" أو علامة "سافج فينتي إكس"، لكن أعتقد أن عليكم قبول وجود شيء غير مريح في الربط بين ديب وكلمة "متوحش".

يمكنكم القول إنه لا تمكن ترجمة كلمة "سوفاج" مباشرة إلى "سافج" (متوحش) باللغة الإنجليزية، وإن لها معنى أكثر دقة في الفرنسية وهو البري والطبيعي والجامح. حسناً. لكن مرة أخرى، لا تزال الروابط مع الوحشية قائمة. نفس الشيء مع "سافج إكس"، التي ظهر ديب من أجل التسويق لها متجولاً في غابة مرتدياً بيجاما.

تم وضعه مرة أخرى في محيط طبيعي، ربما لعكس حملته الإعلانية لمصلحة "دار ديور". لكن في حين أن تعبير "متوحش" أصبح مصطلحاً إيجابياً في الثقافة الشعبية، فلا شك في معناه المزدوج - بخاصة بالنسبة لشخص متورط في معارك قانونية رفيعة المستوى حول العنف الأسري.

والآن، استقبل مهرجان "كان" السينمائي السيد سوفاج بين أحضانه المُحبة، مستهلاً فعالياته مع فيلمه الأخير "جان دو باري" Jeanne du Barry. وكذلك قابله الجمهور بالوقوف والتصفيق الحار لمدة سبع دقائق بعد عرض الفيلم. هنيئاً له، لكن ماذا يقول هذا الاستقبال عنا؟

النكات عن قتل واغتصاب النساء ممتعة جداً؟ أم يقول إننا لا نأخذ إساءة معاملة النساء على محمل الجد؟ ما يقوله لنا هو أنك إذا كنت رجلاً ثرياً، أبيض، ومشهوراً، فإن إلقاء الضوء على إساءة معاملة النساء لن يؤدي إلى إلغائك؛ في الواقع، قد يجعلك أغنى وأشهر؟ ربما يتم الاحتفال بجوني ديب على السجادة الحمراء، لكن لا ينبغي أن نحتفي باستعدادنا لقبول الربط بين الذكورة الجذابة والتوحش على أنه "طبيعي". أظهر ديب أن الطبيعة "المتوحشة" للرجال ليست جذابة فحسب، بل إنها مربحة – وهذا أمر لا تنبغي الإشادة به على الإطلاق.