توقفوا عن الصراخ على الأطفال على متن الطائرة

منذ 1 سنة 155

أعرف شعور أن يكون المرء عالقاً على متن الطائرة برفقة طفل يبكي باستمرار، لأنه ومن دون أدنى شك سيكون هذا الطفل طفلي.

كوني أماً لطفلين صغيرين، لطالما شكلت الرحلات الطويلة تجارب مرعبة بالنسبة إليَّ. فلا مهرب لك ولطفلك الذي يبكي متى أقلعت الطائرة. إنه موقف مليء بالتوتر تجاه الركاب الآخرين الذين يحاولون يائسين أن يبدوا متعاطفين معي ولكن ينتهي الأمر غالباً بأن يتحولوا إلى شديدي الغضب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نتيجة لذلك، لطالما شعرت بالإحراج عندما أكون على متن الطائرة، ومع الوقت صرت أشعر بأن الذنب كله يقع عليَّ. "ما خطبي، لماذا لا يمكنني إسكات طفلي الذي يبكي؟" والآن ينتابني القلق في كل مرة أخطو فيها داخل المطار، على رغم أن ابنتيَّ - لولا ست سنوات وليبرتي أربع سنوات - لم تعودا طفلتين.

لهذا، عندما رأيت الفيديو الذي انتشر على تيك توك هذا الأسبوع لمسافر غاضب على متن خطوط ساوثويست الجوية Southwest Airlines المتجهة إلى فلوريدا وهو يصرخ ويتوعد لمضيفات الطيران لأن أحد الأطفال على متن الطائرة كان يبكي باستمرار لمدة 40 دقيقة، تعاطفت بشدة مع أهل الطفل.

كان غضب الراكب شديداً لدرجة أنه تحتم تغيير مسار الرحلة.

"نحن في مقصورة صغيرة وضيقة للغاية برفقة طفل يبكي ويتردد صدى بكائه في المكان كله" صرخ الراكب المنفعل في الفيديو.

فأجابته مضيفة الطيران محذرة: "أنت تصرخ بدورك" ليرد بعدها الراكب الغاضب: "والطفل يصرخ أيضاً!".

لا أعرف من هما والدا ذلك الطفل ولا أين هما الآن، آمل في أن يكون طفلهما غارقاً في النوم، ولكنني افترض أنهما يعانيان الحادثة ويشعران بعجزهما حيال بكاء الطفل في وسط الجو تماماً كما كنت أنا أشعر دائماً.

فعلى متن إحدى الرحلات إلى دبي عام 2019، تحتم عليَّ إيقاظ ابنتي الرضيعة ليبرتي التي كانت تنام في المهد المخصص لها في الطائرة والذي يتدلى من فتحة في الجدار، لأننا واجهنا مطبات هوائية. بدأت تصرخ بأعلى صوتها، في حين أن ابنتي الأخرى لولا التي كانت تبلغ سنتين وحسب، انهارت هي أيضاً لأن فيديوهات الكرتون الشهير "باو باترول" Paw Patrol على الجهاز اللوحي (آيباد) الخاص بها انتهت صلاحيتها.

ولم يكن والدي البالغ 85 سنة من العمر والذي احتاج إلى المساعدة للذهاب حتى إلى المرحاض، نافعاً في مساعدتي ولم يتمكن من مد يد العون فيما كنت أسعى إلى تهدئة الطفلتين.

ولكن من نظرة الغضب التي ارتسمت على وجوه الركاب الآخرين، ربما ظنوا أنني أبقيهما مستيقظتين بواسطة أدوية هذيان غير قانونية عوضاً عن المعاناة مع طفل حديث الولادة في الدرجة الاقتصادية.

عرضت إحدى النساء المتعاليات خدماتها كمربية أطفال في الساعات الأولى من الصباح، وكأنني أم سيئة، فضلاً عن أنني سمعت راكباً آخر يطالب بالانتقال من مقعده كما لو أن المال الذي دفعه مقابل التذكرة يمنحه حق الجلوس في مقعد خال من الأطفال.

حاولت المشي في ممر الطائرة محاولة تهدئة طفلتي بين ذراعي، ولكنني بحلول ذلك الوقت، كنت عالقة وسط تسونامي من الحفاضات والزجاجات وأكياس الطعام المضغوطة ودمية الأرنب "فلافي" المكدسة كلها في المكان المخصص للمرور.

لم يكن الأمر عبارة عن "موعد لعب مسل في الهواء" بالنسبة إليَّ، بل كان كابوساً حقيقياً.

وعندما أعطتني مضيفة الطيران كيساً لجمع الفوضى المتناثرة حولي، شعرت بإهانة شبيهة بالتي شعرت بها الزوجة الحامل للاعب الدوري الأميركي للبيسبول أنطوني باس عندما طلبت منها مضيفة طيران على متن الخطوط الجوية "يونايتد" تنظيف الفشار الذي وقع من ابنها على أرضية الطائرة.

وكتب باس على تويتر قائلاً، "لقد جعلت مضيفة الطيران في خطوط يونايتد الجوية زوجتي الحامل في أسبوعها الـ22 والتي تسافر برفقة طفلين في سن الخامسة والثانية تنزل على الأرض على ركبتيها وتلتقط الفوضى التي أحدثتها ابنتي الصغرى بواسطة الفشار. أهذه مزحة؟".

أثارت هذه الحادثة حفيظة كريسي تيغن التي رزقت أخيراً بطفلها الثالث من المغني جون ليجند وقد أعادت نشر تغريدة باس مشيرة إلى أن ملاحظاته قد تثير جدلاً عبر الإنترنت.

وهذا ما حدث بالفعل. رسالتي صارخة وواضحة. توقفوا عن الصراخ على الأطفال على متن الطائرة فلا يحق لأحد أن يحظى بحياة "خالية من الأطفال". فلا حيلة لنا نحن الأهل إذا انفجر أطفالنا بكاءً على متن الطائرة. وليس من الممكن دائماً ترك الأولاد في المنزل.

أدرك أن ليلة جيدة من النوم مهمة للصحة العقلية -والأسوأ من ذلك أن تظل مستيقظاً بسبب طفل ليس طفلك حتى.

ولكن، يجب أن يفهم الأشخاص بأن الأطفال موجودون أيضاً، وإن كانوا يكرهون ذلك فعلاً، فعليهم تدبر أمورهم بأنفسهم، كأن يدفعوا مالاً للسفر في درجة رجال الأعمال مثلاً؟ ومن شأن بعض سماعات الأذن التي تحد من الضجيج وتخفض أصوات الصراخ والبكاء أن تفي بالغرض أيضاً.

ولت الأيام التي كنت أخشى فيها الجلوس إلى جانب أم وطفلها على متن طائرة، فقد أصبحت أنا تلك الأم، ولكنني إذا سمعت بكاء طفل على متن الطائرة، لن يكون ذلك أمراً أحكم عليه بل سيكون طبيعياً بالنسبة إليَّ.

كما أثبت السلوك غير المقبول الذي صدر عن راكب الخطوط الجوية في وقت سابق من هذا الأسبوع، ليس الطفل هو الذي يحتاج إلى التوقف عن الصراخ، بل البالغون الذين يصابون بنوبة غضب لمجرد أن الطفل يبكي هم الذين يحتاجون فعلاً إلى أن يهدئوا من روعهم.