واجهت معظم دول العالم صدمات مالية واقتصادية عنيفة إثر جائحة كورونا، وفرض حالة الإغلاق التام بمعظم دول العالم إثر تفشي الجائحة بكافة دول العالم، لتكون الجائحة بمثابة الإنذار الأول لأثر الأزمات العالمية الكبرى، والتي انكشف فيها هشاشة الأنظمة الصحية لأكثر الدول تقدمًا، ولم تكن الجائحة كاشفة لمتانة القطاع الصحي فقط، بل للأنظمة الاقتصادية أيضًا.
فأثناء الجائحة تهاوت عدة أنظمة اقتصادية كانت توصف بأنها -كبرى- لتعلن تأثرها بحالة الإغلاق التام التي فرضتها الجائحة، ليتراجع على إثر الجائحة معدلات النمو الاقتصادي، والاستثمار المباشر بكافة دول العالم، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم، واضطراب سلاسل التوريد والإمداد بين كافة دول العالم، إلا أن مصر كان لها تجربة فريدة في التعامل مع هذه الأزمة، مكنتها من عبور هذه الأزمة العالمية بأقل الخسائر الممكنة، وأثبت الاقتصاد المصري قدرته على الصمود النسبي أمام هذه الجائحة، رغم التوقف شبه التام للسياحة، واستطاع تحقيق معدلات نمو إيجابية رغم الصدمات الاقتصادية العالمية.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات نجحت مصر في توفير حزمة كبيرة من تدابير الحماية الاجتماعية للأسر والأفراد الأولى بالرعاية انطلاقاً من تبني وزارة التضامن الاجتماعي مبدأ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، حيث بلغ إجمالي قيمة المخصصات المالية التي وفرتها الحكومة المصرية بالموازنة العامة للدولة في العام المالي 2023-2024 لكافة برامج الحماية الاجتماعية حوالي 550 مليار جنيه مصري، ويبلغ نصيب المساعدات النقدية منها ما يقرب من 36 مليار جنيه مصري، كما تحرص التضامن الاجتماعي على توفير حزمة من مشروعات التمكين الاقتصادي التي يمكن أن تستفيد منها الأسر في رفع مستواها الاقتصادي تدريجياً، بالإضافة إلى إتاحة فرص للتدريب المهني والحرفي والإداري للتشغيل لدى الغير.
ولفتت الدراسة إلى أنه يمكن القول إن الحكومة ومع الإجراءات الأخيرة بتحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة، والتوجه نحو مزيد من جذب الاستثمارات الأجنبية، فهي تعمل على سياسات أكثر توازنًا وتحوطًا، مع الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، بتداعياتها المتشابكة التي تزايدت تعقيدًا مع التوترات الجيوسياسية، على نحو يمكن الاقتصاد المصري من احتواء حدة الصدمات الداخلية والخارجية. مع تحسين الهيكل الاقتصادي بتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره المنشود؛ باعتباره قاطرة التنمية، مع وفتح آفاق رحبة للاستثمارات الأجنبية. وعلى التوازي من السياسات الاقتصادية والمالية الجاري تنفيذها يتم التوسع في برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، لتخفيف العبء عن كاهل المواطن خاصة في ظل الأزمة العالمية الراهنة، في محاولة من الدولة للموازنة بين تحقيق العدالة الاجتماعية، والأهداف الاستراتيجية المستدامة للدولة.